الظاهرة تطال تلاميذ الطور الابتدائي الأساتذة: الإهمال داخل القسم سبب زيادة الإقبال عليها تعرف المدارس الخاصة بتقديم دروس الدعم المدرسي إقبالا كبيرا من طرف التلاميذ والأولياء للقيام بعملية التسجيل بأقسام الدروس الخصوصية، والتي باتت تعد لدى الكثير من التلاميذ من الضروريات للتعليم والفهم الصحيح للدروس، ما جعلها من الأمور المفروضة على بعض الأولياء الذين أصبحوا يخصصون جزءا من الميزانية حتى لا يحرموا أبناءهم من فرصة التدارك والنجاح. إقبال كبير على حصص الدروس الخصوصية انتشرت في السنوات الأخيرة وبصورة كبيرة مدارس متخصصة في الدعم المدرسي، والتي أصبحت تستقطب عددا كبيرا من التلاميذ ومن مختلف الأطوار التعليمية، لتصل الى تلاميذ المدارس الابتدائية بعدما كانت في الماضي تقتصر على التلاميذ المقبلين على اجتياز الامتحانات النهائية من طلاب البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، وأمام هذا الواقع، قامت السياسي بجولة ببعض المدارس التي انطلقت فيها الدروس التدعيمية، للوقوف على مدى توجه التلاميذ إليها ولأخذ انطباعات التلاميذ والأساتذة العاملين فيها، اتجهنا الى إحدى المدارس الواقعة ببلدية بن عكنون بالعاصمة، حيث التقينا بالكثير من التلاميذ الذين أبدوا لنا ارتياحهم وسعادتهم من الظروف الحسنة وكذا طريقة التدريس المنتهجة والتي تساعدهم، بشكل كبير، على استيعاب دروسهم، حيث تقول فوزية، التي لم يسعفها الحظ السنة الماضية لتتحصل على شهادة البكالوريا، بأنها ارتأت ان تبدأ بمزاولة الدروس الخصوصية منذ بداية السنة من أجل ان تتدارك ما فاتها في السنة الماضية ولان تكون مواكبة للدروس لكي لا يتكرر معها سيناريو العام الماضي بعدما وجدت نفسها متأخرة في الدروس، أما عماد، الذي سيجتاز بدوره امتحان شهادة البكالوريا لأول مرة، فقال ان الدروس الخصوصية تعتبر شيئا ضروريا بالنسبة إليه حيث انه، ومنذ السنة الأولى ثانوي، بدأ بالدراسة بأقسام الدعم بهذه المدرسة في مواد الرياضيات والعلوم الطبيعية والفيزياء، كونها مواد أساسية وصعبة الفهم بالنسبة له ولا يستطيع استيعابها إلا بصعوبة وهو ما جعله يقبل على التسجيل بهذه المواد ومنذ سنين. ولم تختلف الأسباب كثيرا عند طلاب المستويات الأخرى الذين أكثر ما دفعهم الى دروس الدعم عدم فهم الدروس بالأقسام العادية، إذ تقول يسرى، تلميذة بالسنة الثالثة من الطور المتوسط، بأن صعوبة الدروس وتعقيدها، خاصة بالنسبة للمواد العلمية، هو ما دفعها الى اللجوء الى أقسام الدروس الخصوصية مبكّرا بغية الحصول على شرح أدق يمكّنها من الفهم والاستيعاب الجيّد ولكي لا تكون متأخرة بالدروس خاصة وان انطلاق الدراسة بها تزامن مع انطلاق السنة الدراسية. الظاهرة تطال تلاميذ الطور الابتدائي وقد عرفت حصص الدروس الخصوصية إقبالا كبيرا من قبل تلاميذ الطور الابتدائي حتى أضحت وكأنها موضة لدى الكثير من العائلات الجزائرية، بعدما كانت الظاهرة تقتصر على تلاميذ الأقسام النهائية فقط، ما دفع الكثير من الأولياء أن يربطوا نجاح وتقدم المستوى الدراسي لأبنائهم بمدى إقبالهم على الدروس الخصوصية، فلا نجاح ولا تحسّن إلا عن طريقها، ونحن نتجول بين أقسام إحدى المدارس الخاصة، التقينا بنزيم، الذي يدرس في السنة الخامسة من المرحلة الابتدائية والذي قدم لأخذ الدروس التدعيمية في مادة الفرنسية، فقال ان والده سجله في مادة اللغة الفرنسية والعربية بسبب إقباله على اجتياز شهادة التعليم الابتدائي هذه السنة من أجل ان يتحصل على معدلات جيّدة في الامتحانات. ..وأولياء ضحايا حاجة أبنائهم وخلال جولتنا التفقدية التي قادتنا الى إحدى المدارس الخاصة بتقديم الدروس الخصوصية او كما تسمى ايضا التدعيمية ببلدية باش جراح، لاحظنا ان هذه الأخيرة أصبحت في الآونة الأخيرة ظاهرة مفروضة على الأسر الجزائرية، وبالرغم من لجوء الحكومة إلى إقرار برنامج للدعم على مستوى المؤسسات التربوية، إلا أن هذه الموضة أخذت منحى تصاعدي، وتحوّلت وسط بعض الأساتذة الى سبيل لتحصيل المصروف بل وتحقيق الربح السريع، لأن العلم أصبح تجارة، وفيه كل شيء أصبح يباع ويشترى حتى ولو أن السلعة، أي العلم، يعرض في منازل آيلة للسقوط ومرائب للسيارات تنعدم بها أدنى معايير التدريس المطلوبة وهو ما أثار استياء بعض الأولياء الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على ذلك هذا. ويرى البعض الآخر ان ظاهرة الدروس الخصوصية أصبحت شيئا حتميا وضروريا لا مفر منه بالنسبة لأبنائهم المتمدرسين، وهو ما أعرب عنه جمال، أب لأربعة أطفال يقول: الأمر صار مفروضا علينا وأصبح وسيلة لتحقيق أبنائنا النجاح، في ظل الضغوطات والمساومات التي يمارسها بعض الأساتذة على التلاميذ ، ومن جهته، يقول سمير من العاصمة إن بخل الأساتذة في تقديم الشروحات، دفعنا الى اللجوء الى أقسام الدروس التدعيمية لضمان نجاح أبنائنا ، وبين مؤيد ومعارض لتزايد هذه الظاهرة، خاصة لدى الطور الابتدائي نجد من أيد الفكرة ومن رفضها تماما، لتقول في ذات السياق، فاطمة: هذه الدروس ما هي إلا تكليف للأسرة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشها كل مواطن، وبالتالي، فإن تحمّل مثل هذه التكاليف جد صعب وشخصيا أفضّل تدريس أولادي خارج أوقات دراستهم وأواضب على ذلك منذ سنوات عديدة . ارتفاع أسعارها يثير الاستياء وفي خضم هذا الوضع، عبّر العديد من الأولياء عن مدى استيائهم وتذمرهم من ارتفاع أسعار هذه الحصص، ليقول في هذا الصدد حكيم، ان ابنته المقبلة على شهادة البكالوريا تدرس ثلاث مواد تدعيمية وهي الرياضيات، العلوم الطبيعية، إضافة الى اللغة العربية ويصل مبلغ كل مادة ما بين 2000 دج الى 3000دج ما يضطره الى دفع ما يعادل مبلغ 7000 شهريا، وهذا ما أثقل كاهلي، خاصة أنني عامل متوسط الدخل ، ومن جهتها، تقول زينب ان مصاريف دروس الدعم التي يقوم بها ابنها جد مرتفعة وتكلفها شهريا 6000 دج حيث ان سعر دروس الدعم بالنسبة للغة الفرنسية للمرحلة الابتدائية يبلغ ثمنها 2000 دج ومع مادة الرياضيات تصبح 3000 دج والذي اعتبرته مبلغا خياليا لكن، حسبها، فإن مستقبل ابنيها اهم من اي شيء، أما سعيد، فقد اكتفى بالتعليق على الأمر بأن الأساتذة والقائمين على هذه المدارس وجدوا في الدروس الخصوصية فرصة للربح المادي السهل في ظل انخفاض المستوى التعليمي لدى العديد من التلاميذ والتوافد الكبير عليهم. الأساتذة: الإقبال على الدروس الخصوصية سببه الإهمال داخل القسم وأمام هذا الوضع الذي أثار استياء العديد من الأولياء، كانت لنا وقفة مع بعض الأساتذة، ليقول في هذا الصدد، عبد القادر، وهو أستاذ في مادة الرياضيات، ان المواد العلمية هي من أكثر المواد التي تشهد عددا كبيرا من التسجيلات من طرف التلاميذ، كونها تتطلب تركيزا كبيرا من قبل التلميذ والأستاذ في نفس الوقت، بالإضافة إلى عدم تمكّن بعض الأساتذة من إيصال الرسالة الى التلميذ لعدة اسباب منها التمهيد السيء للدرس وعدم التوفيق في شرح الدروس والإهمال داخل القسم، في حين ان سهيلة، وهي معلمة في الطور الابتدائي في مادة اللغة العربية، فتقول ان سبب الذي يدفع الأولياء الى إدخال أبنائهم الى مداس الدعم يعود الى الرغبة في رفع المستوى التعليمي لأبنائهم منذ الصغر، او عند ملاحظة اي تراجع في المستوى لدى الطفل والذي يعود الى عدم استيعاب التلميذ للدروس داخل الأقسام العادية بسبب تعقيد البرنامج الدراسي وصعوبته حتى بالنسبة لتلاميذ الطور الابتدائي. أما كريمة، المكلفة بعملية التسجيل، فتقول ان العملية انطلقت قبل الدخول المدرسي وبأسابيع والتي كان فيها توافد التلاميذ والأولياء كبيرا للحصول على مكان، خاصة وان عدد التلاميذ محدود بسبب كثرة التسجيلات والتي لا زالت متواصلة الى غاية الوصول الى العدد المحدّد من التلاميذ والخاص بكل طور، وبالنسبة لارتفاع أسعار حصص الدروس الخصوصية، فيرجع، حسبها، الى ارتفاع تكاليف الكراء.