شكّل دور المدارس القرآنية في ترسيخ المرجعية الدينية، محور أشغال ملتقى دولي انطلقت فعالياته بمبادرة من المدرسة القرآنية مالك بن أنس بأدرار. وأشار عضو المجلس الإسلامي الأعلى وشيخ المدرسة الإمام غيتاوي توهامي الى أن اختيار موضوع هذا اللقاء الذي يأتي في غمرة الاحتفالات بمولد خير الأنام جاء بهدف إبراز دور هذه المؤسسات التعليمية الدينية وما قدّمته من خدمات جليلة خاصة في عهد الاستعمار الفرنسي مكّنت من الحفاظ على الهوية وتحصين الشباب من تيارات التغريب بفضل العلم الصحيح الذي كان يلقن للمريدين. وأضاف المصدر في افتتاح اللقاء الذي جرى بدار الثقافة لولاية أدرار أن هذا الدور الريادي لهذه المدارس وتداعياته الإيجابية على نشر الوعي في أوساط المجتمع و تحسيسه بقضيته الوطنية جعل شيوخها محل مضايقات ومتابعات من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي، بهدف إضعاف دور هذه المدارس التي كانت بمثابة حصون منيعة لمختلف شرائح المجتمع داعيا الى وقفة تأملية لهذا الدور والنهج التاريخي للإقتداء به في مواجهة تحديات العصر. من جانبه، أشار الدكتور حوتية محمد من جامعة أدرار إلى أن منطقة توات عرفت انتشارا كبيرا للمدارس القرآنية أو ما عرف قديما بالكتاتيب نظرا لعدة عوامل مساعدة كان من أبرزها الاحترام الكبير الذي يوليه سكان هذا الإقليم لهذه المدارس حتى لا تكاد تجد قصرا من قصورها يخلو من مدرسة قرآنية بل أن بعض القصور حملت اسم زاوية بعينها على غرار قصر زاوية الرقاني وزاوية كنته وغيرها. وبدوره، تطرق الدكتور محمد ناجم أوهيبي من تونس إلى التجربة التونسية في مناهج تحفيظ القرآن الكريم قديما وحديثا من خلال الزوايا التي تعد وريثة الكتاتيب في الحقب الماضية، مشيرا إلى أن المدارس القرآنية أصبحت جزءا من المنظومة التربوية بعد تدعيم مناهجها إلى جانب التعليم القرآني ببعض المواد التعليمية كالرياضات وعلوم اللغة وغيرها من المواد الحديثة. أما الدكتور الطيب الوزاني من المغرب، فقد تناول في مداخلته حول الإشعاع المعرفي والتربوي للمدرسة القرآنية المغربية إلى الأعلام والرجالات الذين أثروا الساحة العلمية والمعرفية بالمغرب سواء في المجلات المعرفية الدينية أو الفقهية أو القانونية إلى جانب إبراز خصائص المدرسة القرآنية والتعليم القرآني في المغرب العربي بشكل عام والتي خرجت أطرا علمية ساهمت بشكل فعّال في تنشيط الحركة العلمية والمحافظة على العقيدة الدينية. وتتواصل مجريات هذا الملتقى الذي تدوم أشغاله يومان من خلال تقديم عدة مداخلات تتناول دور عينة من المدارس القرآنية بمختلف مناطق الوطن. كما ستقام على هامش الملتقى محاضرات علمية وجلسات للمديح الديني على مستوى المدرسة القرآنية مالك بن أنس بحي أوقديم ببلدية أدرار لتعريف المشاركين بطقوس الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف بمنطقة أدرار، حسبما أشار إليه المنظمون. للإشارة، فإن ولاية أدرار تضم حاليا 26 مدرسة قرآنية بنظام داخلي تضم 8.425 متمدرس، إلى جانب 576 مدرسة قرآنية عادية منتشرة عبر مختلف قصور وأقاليم الولاية تستقطب أزيد من 59.030 متمدرس، حيث تعكف هذه المدارس في نشاطها الأساسي على تلقين مبادئ التعليم القرآني والحديث النبوي إلى جانب علوم الفقه والسيرة وعلوم اللغة العربية، حسب مديرية الشؤون الدينية والأوقاف.