عمي عمار لا أغادر هذا المركز حتى و لو أعطوني الملايير احمد أنجب 5 أولاد لكنهم تخلو عنه جهود المستخدمين لتعويض عقوق الأبناء مشروع روضة المسنين...حلم قريبا يتحقق تأوي مراكز الشيخوخة المئات من الشيوخ القادمين من مختلف أنحاء التراب الوطني منذ ان فتحت أبوابها وهو ما لاحظته السياسي خلال زيارتها لدار المسنين بسيدي موسى أين يرقد بالمركز حوالي252 مسن منهم 66 امرأة اختلفت أعمارهم ومشاكلهم العائلية، وقاسمهم المشترك هو المعاناة، والحرمان والنسيان، والعزلة، ونكران الجميل.. تعددت قصص وروايات المسنين، حول الظروف التي جعلتهم بين عشية وضحاها عرضة للتشرد والتهميش، بدون معيل ولا أنيس فكانت هذه المراكز المأوى الوحيد لهم. مسنون يرون مرارة الفراق و عذاب الاشتياق رجال ونساء مرميون في الشارع بعدما بلغ بهم الكبر عتيا وهزل عودهم و منهم من فقد من يعيله، ومنهم من تنكر له أبناؤه وأداروا له الظهر فعمي عمار و احمد و بشرى و دنيا التي لا يعرف عنها شيء وغيرهم من الآباء والأمهات المسنين، الذين لم ترحمهم فلذات أكبادهم وذويهم، فوجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في أحضان الشارع ، بعد أن كانوا ينعمون بدفء العائلة، دون ذنب اقترفوه سوى لأن الظروف عادتهم أو لأنهم بلغوا من العمر عتيا، وأفنوا حياتهم في تربية أبنائهم، وضحوا في سبيل تعليمهم وتربيتهم، ولكن هيهات كل تلك التضحيات لم تشفع لهم لدى أبنائهم الذين لم يترددوا في طردهم دون رحمة ولا شفقة.هي حكايات تروي الماضي الأليم لمسنين عاشوا قساوة الحياة فكانت ديار المسنين المأوى الوحيد للابتعاد عن التشرد و الضياع وهو ما رواه البعض من المقمين بدار العجزة بسيدي موسى ل السياسي بعيون دامعة وقلوب راضية بوضعهم ، بعدما تخلت عنهم فلذات كبدهن إلى الأبد عمي عمار لا اغادر هذا المركز حتى و لو أعطوني الملايير (نهار احتجت أولادي راني هنا ) هي عبارات استقبلنا بها (عمي عمار) من المقيم بدار المسنين بسيدي موسى البيت و العائلة التي تأويه و تخلق الجو الملائم له هروبا من الواقع المرير و كابوس مخنق يعيشه كل يوم (نهار احتجت اولادي راني هنا )هي العبارة التي رددها لمرات عدة أثناء حديثه عن ماضيه الحافل بالذكريات المشرفة له و الذي جاب فيه دولا أجنبية صديقة وشقيقة من الخارج إذ كان يشغل منصبا مرموقا فأستطاع أن يوفر لابنائه الثلاثة وضعية اجتماعية تليق بهم و الذي حرص على تأمين مستقبلهم الا ان المكافأة التي حضي بها عمي عمار 83 سنة ان يهاجر أبناؤه مع عائلاتهم الى الخارج دون رجعة ليجد الأب نفسه وحيدا يعيش الحنين و الغربة في دار المسنين بسيدي موسى كانت الآمال حقيقية لتصبح في الحاضر آلاما يسردها عمي عمار و يدونها في سجله الذي لا يفارقه مترجما من خلاله أفكاره و أحاسيسه التي جمعها في كتاب هو بصدد طبعه بعد الوعود التي قدمتها له وزيرة التضامن أثناء زيارة خاصة له رفقة والي ولاية الجزائر مؤخرا اما عن رأيه في الخدمات المقدمة لهم فقد أجاب بابتسامة عريضة لو أعطوني الملايير لما غادرت هذا المركز الذي سابقي فيه لأخر يوم من عمري فأمام إلحاح بعض الزائرين لأخذه الى بيوتهم والتكفل به إلا انه لا يجد مكانا هادئا وأفضل من غرفته التي لا يفارقها أبدا . 13 سنة تقضيها خالتي بشرى بدار المسنين خالتي بشرى رست سفينة حياتها التي بدأت مسيرتها من مدينة بوسعادة إلى العاصمة ، تاركة مسقط رأسها وذكرياتها لتكمل ما تبقى من عمرها وحيدة،بدار المسنين بسيدي موسى و بكل حرقة روى على مرياح المنسق البيداغوجي قصة خالتي بشرى التي تنحدر و بالتحديد من منطقة سيدي عيسى قصتها المؤلمة ل السياسي التي قضت أمسية كاملة رفقة المقيمين في مركز المسنين، قائلا ان بشرى تعيش حوالي 13 سنة بالمركز متحدثا عن سبب تواجدها بمركز المسنين بعد ان كانت زوجة أبيها تقوم بضربها في كل مرة، و كانت اخر مرة عند إرسالها في الحافلة فوجدتها مصالح الامن ، الذين أحضروني إلى المركز ، مشيرة في سياق متصل إلى أن لا أحد يزورها للسؤال عنها أو لتفقد حالتها منذ مغادرتها للمنزل للإشارة تعيش بشرى اليوم حالة كارثية بسبب معاناتها النفسية ما جعلها من المختلين ذهنيا . عمي احمد أنجب 5 أولاد لكنهم تخلو عنه معاناة أخرى لمسناها من خلال وجه مسن لم يرتكب أي ذنب في حق عائلته سوى أنه ضيع سنوات عمره في العمل، وبعد أن كبر في السن لم تعد له أهمية في نظرهم فضاقت به الدنيا وامتلأت عيونه بالحزن بعد أن غدرت به عائلته وكافأته بوضعه وحيدا بين أربعة جدران فطرقنا باب عمي احمد المنحدر من بلدية حجوط بتيبازة والذي يقيم في المركز منذ أزيد من 13 سنة هذا الأخير متزوج وأب لخمسة أولاد لكنهم تخلو عنه فاقتربنا منه لعل نفسيته ترتاح بعد أن يجد أحدا بجانبه يفضفض له ما يكبته من مشاكل،فاستقبلنا عمى احمد بكلامه تقشعر لها الأبدان قائلا لا تكفيني المجلدات لأبوح بما في داخلي من عذاب وحسرة على ظلم الأبناء كانت هذه إجابته أثناء سؤاله عن ماضيه وسبب وجده بالمركز ليسترسل كلامه ان سبب تركي للمنزل الضغوطات التي سلطها علي أولادي الخمس مع أمهم خاصة بعد تقاعدي عن العمل فقد كنت سائق في شركة وطنية لنقل المسافرين فلم أجد حل إلا اللجوء لدار المسنين أفضل من الشارع الذي أرهقتني معاناته وقد وصلت درجة الياس من الحياة لمحاولة انتحار فاشلة في احد الأيام. إلا ان شهر أفريل من سنة 2001 هو التاريخ الذي لم ولن ينساه (عمي أحمد) والذي يمثل دخوله المركز المأوى و الحل البديل للشارع على حد تعبيره لكن و بالرغم من ذلك لا زال الأبناء يزورون أباهم الذي لازال ينفق عنهم الى غاية اليوم لكن المتحدث إلينا لم ينس الصدمة التي تلقاها في العام الماضي أثناء مجيء ابنه رفقة المحضر قضائي للمركز للمطالبة بالنفقة وهي الذكرى التي أسالت الدمعة من عينه .حالات لا تعد ولا تحصى من المآسي و الاوجاع التي تخفيها كل غرفة من غرف الدار لذكريات يأسف لها مجتمع مبادئه إسلامية في طيات قرآنه الكريم ((ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) مساعدات وإعانات من جمعيات ومحسنين وأثناء تواجد (السياسي)بدار المسنين صادفتنا زيارة أساتذة و تلاميذ إحدى ثانويات البليدة الذين ساهموا بالإعانات للنازلين وفي المبادرة التالية التي سبقتها في شهر ديسمبر المنصرم والمتمثلة في مواد غذائية متنوعة وذلك لمساعدة الدار في توفير أفضل شروط العيش لآباء و أمهات تخلو عنهم فلذات أكبادهم إلا أنها ليست المرة الاولى التي تفتح فيها المركز أبوابها أمام الزائرين والمتبرعين من ذوي القلوب الرحيمة والجمعيات الخيرية القادمة من مختلف أرجاء الوطن خاصة في الأعياد والمناسبات أين تكون هنالك أبواب مفتوحة لمشاركة هؤلاء المقمين بالدار الفرحة و التخفيف من معاناتهم و قساوة الحياة . مشروع روضة المسنين...حلم قريبا يتحقق وعلى غرار ذلك تسطر إدارة المركز بالتنسيق مع وزارة التضامن إطلاق مشروع روضة المسنين في اقرب الآجال وهو الامر الذي تطرق له (علي مرياح ) المنسق البيداغوجي والمرافق لجولة السياسي إذ تلقى من خلاله الآباء والأمهات الذين يعانون الوحدة أثناء ذهاب أبنائهم للعمل ولا يتلقون الاهتمام الكافي بعد عودتهم للبيت وهي مهمة تكفلت بها الاختصاصيون والنفسانيون والناشطين في المركز من اجل رعايتهم نفسيا في إقامة (نصف داخلية ) لهم تهدف لخلق جو التعارف و القضاء على الوحدة . جهود المستخدمين لتعويض عقوق الأبناء هذا ويسعى مستخدمو الدار جاهدين لتلبية طلبات المسنين متفانين في إسعادهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم الرطبة ورسم الابتسامة على شفاههم الحزينة وهو ما أكده علي مريح ل السياسي نحن أولى بهؤلاء المسنين من أهلهم لأنهم أصبحن جزءا منا ونحن جزء منهم".ولكن رغم كل هذه المساعي النبيلة لتعويض الجو العائلي إلا أن هذا الأخير يبقى له خصوصيته كما قال محدثتنا "لا أحد يمكنه أن يملأ فراغ غيره".