ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    العدوان الصهيوني على غزة : استمرار الإبادة الوحشية خصوصا في الشمال "إهانة للإنسانية وللقوانين الدولية"    مجلس الأمة: رئيس لجنة الشؤون الخارجية يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يسدي أوامر وتوجيهات لأعضاء الحكومة الجديدة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    ينظم يومي 10 و11 ديسمبر.. ملتقى المدونات اللغوية الحاسوبية ورقمنة الموروث الثقافي للحفاظ على الهوية الوطنية    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    مباراة التأكيد للبجاويين    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسنو دار العجزة يفتحون قلوبهم ويعبرون عن مرارة الفراق وعذاب الاشتياق
كثيرون قالوا أنهم قد سامحوا أبناءهم حتى وإن تخلوا عنهم
نشر في السلام اليوم يوم 21 - 04 - 2012

دار المسنين أو العجزة، هو المكان الوحيد الذي يلجأ إليه الكثير من المسنين بعد نكران فلذات أكبادهم لكل التضحيات التي قاموا بها في حياتهم من أجلهم حتى يصلوا إلى ما هم عليه، والسبب هو إما إرضاء للزوجة أو لشعورهم بأنهم أصبحوا عبئا ثقيلا عليهم، خاصة في حالة الأمراض المزمنة وهم الذين لم يضيقوا بأبنائهم ذرعا وهم أطفال واعتبروا بكاءهم نغمة ومرضهم صدمة وضحوا براحتهم من أجلهم.
تتعب الأم في تربية أبنائها وتحملهم تسعة أشهر وتسهر الليالي عند مرضهم ويتحمل الأب شقاء عمله وأعباء أبنائه من مصاريف، وفي نهاية المطاف ينكر بعض الأبناء جميل والديهم ويرتكبون في حقهم ما نهى عنه ديننا الحنيف فبعضهم يشتمهما والبعض الآخر يضربهما، والأسوأ في الأمر أنهم يهملونهم عند كبر سنهم أو مرضهم ويدخلونهم إلى دار المسنين، متناسين سنوات التعب التي قضوها حتى يروهم كبارا بعد أن حرموا أنفسهم من كل شيء ليوفروا لهم ظروف حياة مناسبة. ولرصد هذه المعاناة، اقتربنا من دار رعاية المسنين بدالي ابراهيم لننقل معاناة الكثير من الأمهات اللواتي أفنين شبابهن في متاعب الحياة ومشاقها ليكون قدرهن أن يتخلى عنهن أقرب الناس إليهن دون أي احترام لكبر سنهن ما طبع على وجوههن ملامح الحزن والأسى وهو ما لمسناه بمجرد أن دخلنا إلى هذه الدار. سيدات اشتقن لأقاربهن ويتقن لزيارة أحدهم لهن، فبمجرد دخولنا وجدنا في الساحة مسنات يحاولن أن يمحون من ذاكرتهن ما تعرضن له من قسوة من قبل فلذات أكبادهن، فهناك من تجلس أمام الشجرة تتكلم بمفردها وكأنها وجدت أنيسا لوحدتها، وهناك من فضلت ممارسة الرياضة لتكسر الملل الذي تعاني منه مادامت قادرة على المشي، ولكن ما لفت انتباهنا هو وجود سيدة بالرغم من كبر سنها، إلا أنها تحاول نسيان مشاكلها ببعض النشاطات اليدوية، قررنا الاقتراب منها لتخبرنا عن سبب تواجدها في الدار، فقد بدأت حكايتها عندما تزوجت وحرمت من إنجاب الأبناء فقررت أن تتبنى طفلا تمنحه حنان الأمومة بالرغم من أنه ليس من صلبها، وكانت تضع فيه ثقة عمياء، تقول أنها تعبت في تربيته، وجعلته يحصل على مكانة مرموقة في المجتمع عندما أصرت أن يكمل دراسته ويحصل على شهادة عليا، فضمنت له مستقبله وكتبت جميع أملاك زوجها باسمه لتصدم بعد أن وجدت نفسها خارج منزلها وهي في هذه السن بعد ما وضعها ابنها بالتبني داخل دار المسنين دون أن يشفق عليها أو يضع اعتبارا لتضحياتها من أجل أن يعيش داخل أسرة تمنحه الحنان، ولم تكن تتوقع أن تقضي بقية حياتها في هذه الدار محرومة من دفء العائلة التي اعتقدت يوما أن هذا الإبن سيكون أنيسا لها في كبرها يمدها بعطف وحنان الإبن الذي حرمت منه، ولم تكن تتوقع أنها ستعيش بقية حياتها وحيدة، ولا أحد يزورها حتى في الأعياد، هذه السيدة التي تأثرت كثيرا بما حدث لها، تحاول قدر الإمكان إشغال نفسها ببعض النشاطات اليومية، خاصة وأنها تحاول من خلالها نسيان ما حدث لها وتثبت أنها مازالت قوية رغم أن هذا الإبن كسر جميع آمالها في الحياة.
يفضل راحة زوجته ويضع والدته في دار المسنين
اقتربنا من سيدة وجدناها جالسة بمفردها في ساحة الدار، وبمجرد أن جلسنا بجانبها انتابها الفرح، وكأنها تشتاق أن يزورها أي شخص ويؤنس وحدتها حتى ولو لم يكن من أقاربها، ورغبت في أن تفضفض لنا عما بداخلها من أسرار خفية مليئة بالذكريات الحزينة، تبدأ قصة السيدة "فاطمة" بعد وفاة زوجها، وزواج ابنها من امرأة تقول أنها لم تهتم بها يوما ولم تتقبل حتى وجودها في المنزل، وأصبحت تثير المشاكل، وهذا ما جعل ابنها يتخلص منها في دار المسنين ليريح زوجته، وما زاد من حزنها أنه فضل زوجته عليها وهي التي حملته وضحت من أجل تربيته ولم تبخل عليه يوما، وكانت توفر له جميع طلباته من راتب عملها، وتضيف "لم أكن أتوقع أن يتخلى عني ابني ببساطة بعد أن ضيعت سنوات عمري من أجل ضمان مستقبله وأنا التي تخليت عن حقي من إرث زوجي لصالحه، وفي النهاية طردني من المنزل ووضعني في دار المسنين، ولا يكلف نفسه بزيارتي حتى في الأعياد".حكاية أخرى يستغرب لها العقل وهي لسيدة طاعنة في السن وجدناها طريحة الفراش داخل دار العجزة والتي روت لنا قصتها وعيناها مغرورقتان بالدموع، حيث تبدأ قصتها المريرة عندما طلقت من زوجها الذي لم يرغب في الإنفاق على أولاده، إلا أنها تمسكت بهم وتحملت مسؤوليتهم وعملت لسنوات طويلة حتى تشتري لهم منزلا يأويهم وقررت أن تسجله بأسمائهم لضمان مستقبلهم، ولكن بعد زواجهم تقول أنهم رفضوا أن تحمل زوجاتهم عبء مرض والدتهم وفضلوا أن يريحوهن فأوكلوا مهمة رعايتها لدار المسنين لتجد نفسها تحمل الذكريات الحزينة بعد أن أنهك المرض جسدها نتيجة تعبها لسنوات في العمل للإنفاق على فلذات كبدها والذين رفضوا رعايتها.
ولا يقتصر الأمر على نكران الأبناء لجميل والديهم، بل أصبح الإخوة لهم نصيب في هذا الأمر بتخليهم عن أقرب الناس إليهم، وهذا ما جرى مع السيدة "جميلة" التي غدرت بها الحياة بعد أن ضيعت سنوات شبابها في العمل لتنفق على أخيها، وتكون السبب في حصوله على أعلى الشهادات وإيصاله إلى مراتب عليا، فقد شاء القدر أن تمر سنوات عمرها دون زواج،ورغم ذلك تخلى عنها أخوها الأصغر الذي تقول أنها اعتبرته بمثابة ابنها الذي لم تلده والذي تعبت في تربيته بعد وفاة والديهما، ولم تبخل عليه يوما في تلبية رغباته، وتضيف "وبعد كبر سني، لم أعد قادرة على الإنفاق عليه، طلب مني التخلي عن حقي في البيت ليستولي عليه بمفرده ويخلو له الجو مع زوجته، ولم يتقبل أن يتحمل أعباء أخته الوحيدة بعد أن توقفت عن العمل ليلقي بي وبكل بساطة في دار المسنين، متناسيا كل التضحيات التي قمت بها من أجله".
يرفض أبناءها رعايتها فتلجأ إلى دار العجزة
تجربة أخرى مليئة بالمعاناة هي لخالتي "حدة" التي وجدناها جالسة على كرسي متحرك في غرفتها، والحزن يغطي ملامح وجهها الذي غزته التجاعيد بعد صراع مع المرض هي سيدة تخفي بداخلها مرارة الأيام التي قضتها في بيتها وعندما اقتربنا منها أبت إلا أن تفضفض عما تخفيه بداخلها من أسى بعد ما حرمت من قضاء بقية عمرها في بيتها الذي قضت به ذكرياتها السعيدة مع زوجها، حيث تقول أنها تعرضت لأسوإ معاملة من فلذات أكبادها الذين لم يتقبلوا تقديم الرعاية لها بعد مرضها وتركوها بمفردها تصارع آلام المرض الذي أنهك جسدها والذي جعلها غير قادرة على قضاء حاجاتها أو تلبية رغباتها، وما زاد من غرابة الأمر عندما أخبرتنا أنها تتعرض للضرب والشتم من قبل كناتها عندما تطلب المساعدة منهن، وهو الأمر الذي لم يصدقه أبناءها عندما اشتكت لهم فقررت الهرب وطلبت المساعدة من ابنتها لترعاها فلبت لها رغبته،ا ولكن زوج ابنتها لم يتقبل وجودها في منزله، وكان على خلاف دائم معها بسبب بقائها في منزله، وبعد أن خير ابنتها بين الطلاق وبقاء والدتها، متحججا أن مكوثها في منزله زاد عليه المصاريف، قررت طلب المساعدة من صديقتها عند زيارتها لها لتضعها في دار المسنين".
طردوها من بيتها طمعا في ملكيتها رغم كبر سنها
وهناك من فضلت الجلوس في غرفتها تنام في سريرها وكأنها تعودت على الوحدة ولا أنيس لها سوى الذكريات التي تسترجعها بين الفترة والأخرى. اقتربنا من هذه السيدة التي علمنا من مسؤولة الدار أنها تقضي معظم أوقاتها داخل غرفتها بسبب الصدمة التي تلقتها بعد أن خدعت من قبل أبنائها وطردت من منزلها فلم تجد مأوى لها غير دار المسنين التي سترتها من التشرد، فقررنا التعرف عن سبب وجودها في هذه الدار لعلها ترتاح عندما تبوح لنا عما تخبئه بداخلها من أسرار مؤلمة، حملتها بداخلها لسنوات طويلة، وبمجرد أن اقتربنا منها تغيرت ملامح وجهها الحزين ورسمت عليها الفرحة، وكأنها كانت تنتظر أحدا يزورها حتى ولو كان غريبا عنها ففتحت لنا صدرها للتخلص مما كانت تخفيه بداخلها من آلام جرحت قلبها والتي تسبب فيها أقرب الناس إليها، حيث تقول أن حكايتها بدأت عندما لم يجد أبناؤها عملا وبالرغم من كبر سنها، إلا أنها كانت تعيلهم وتنفق على زوجاتهم وأبنائهم وعند مرضها استغلوا ضعفها ودفعهم طمعهم في الإرث إلى إرغامها بالقوة على إمضاء أوراق تحرمها من ملكية البيت، ولم ينته بهم الأمر إلى هذا الحد، بل وصل إلى طردها من البيت رغم مرضهاو فلم تجد مأوى سوى دار المسنين لتقضي بها سنوات عمرها المتبقية، ولحسن حظها أنها وجدت امرأة ساعدتها على الوصول إلى هذه الدار فتلقت صدمة كبيرة أدت إلى إصابتها بانهيار عصبي، خاصة وأنها لم تتقبل أن أبناءها الذين حملتهم تسعة أشهر تخلوا عنها بسبب حصولهم على الإرث، وتضيف أن ما زاد من حزنها أنها عندما توسلت إليهم أن يبقوها في المنزل لترعاها زوجاتهم لم يتقبلوا الأمر وطردوها من المنزل بعد أن نشب بينها وبين زوجة أحد أبنائها خلاف بسبب امتناعها عن رعايتها مما جعل ابنها يطردها من البيت بعد أن أخبرته زوجته أنها تزعجها ففضل أن يرضي زوجته ويتخلى عن والدته".
تخلت عنها ابنتاها فبحثت عن الرعاية في دار المسنين
ومن جهة أخرى، هناك من حرمت من رعاية بناتها لها بعد التضحيات التي قدمتها لهن، وهذا ما حدثتنا عنه السيدة "منال" البالغة من العمر ستين سنة والتي وجدناها في غرفتها داخل الدار تحاول كسر مللها بالخياطة، وتبدأ حكايتها المريرة عند وفاة زوجها وزواج ابنتيها التلين تقول أنهما لم يزرنها منذ زواجهما، وعند مرضها طلبت منهما تقديم الرعاية لها وأن ينفقا عليها فلم يتقبلا الأمر وتحججتا أنهما لا يملكان الوقت لانشغالهن في رعاية أطفالهما أو العمل، والغريب أنها عندما قررت الذهاب لمنزليهما رفضتا طلبها وهذا ما جعلها تطلب المساعدة من إحدى جاراتها لتضعها في دار المسنين لتلقي الرعاية اللازمة.
مطلقات يلجأن الى دار العجزة بعد رفض عائلاتهن إيواءهن
وتعتبر دار المسنين ملجأ بعض المطلقات اللواتي يقابلن بالرفض من قبل عائلاتهن وهذا ما جرى مع السيدة "فريدة" البالغة من العمر 65 سنة، والتي طلقها زوجها بعد عشرة طويلة وطردها من بيتها الذي كتبه باسمه بالرغم من أنها هي من كانت تدفع إيجاره لسنوات طويلة، فلم تجد ملجأ لها سوى بيت عائلتها، وهنا تقول أن تسلط أخيها الكبير إضافة إلى نقل والدها ملكية البيت له قبل وفاته هو ما جعله يتحكم في والدته المسنة، ولم يتقبل وجود أخته في البيت، وهذا ما جعله يطردها منه، فلم تجد ملجأ لها بعد كبر سنها سوى دار المسنين، وتضيف أن أكثر ما يؤلمها اليوم هو أن لا أحد من أقاربها يزورها.وتتشابه قصة "الحاجة فاطمة" مع سابقتها، إلا أنها حرمت من الزواج ومرت بها السنون التي قضتها في خدمة عائلتها بشقائها في العمل والذي تقول أنها ضيعت شبابها فيه لينكر بعد ذلك والدها هذا الجميل، وبالرغم من كبر سنه، تزوج من امرأة صغيرة في السن بعد وفاة والدتها التي كانت الصدر الحنون لها وكتب جميع أملاكه باسم زوجته الجديدة، وبعد أن كان يعتمد على ابنته في رعايته وخدمته لسنوات طويلة فضل أن يريح زوجته وتخلى عن فلذة كبده بالرغم من كبر سنها فلم تجد أي ملجأ لها تعيش فيه ما تبقى من عمرها سوى دار العجزة.
وضعها ابنها في دار العجزة ليحميها من التشرد لأنه لا يملك بيتا يأويهما
هي حالة جد مؤلمة لسيدة لم يرغب ابنها في التخلي عنها، لكن ظروفه الاجتماعية المزرية دفعته لذلك، فبعد أن طردت من منزلها لعدم قدرتها على تسديد الإيجار، اضطر ابنها إلى وضعها في الدار لعدم قدرته على تأجير بيت بسبب محدودية دخله، وهو يضطر إلى المبيت في عمله، ويزورها كل أسبوع ويطلب منها مسامحته، كونه ليس بيده حيلة، ولم يكن يريد أن يضعها في هذه الدار، لكنه اضطر إلى ذلك ويجلب لها بعض احتياجاتها التي يقدر على شرائها ويقضي معها بعض الوقت.
مسنون خدموا أبناءهم طول العمر وكانت دور العجزة هدية نهاية الخدمة
غيرنا وجهتنا إلى دار المسنين بباب الزوار، لنلمس معاناة آباء غدرت بهم الحياة ليتخلى عنهم فلذات أكبادهم أو أقاربهم لمجرد مرضهم أو كبر سنهم، وهم مسنون تختلف حكاياتهم، ولكنهم يحملون نفس المعاناة وتلمس من نظراتهم الحزن والاشتياق إلى زيارة أحد الأقارب الذين تخلوا عنهم دون مبرر سوى أن هرم سنهم جعلهم ضعفاء أمامهم واعتبروهم دون قيمة بعد أن عجزوا عن العمل لتلبية احتياجاتهم أو أنهم أصيبوا بمرض وبمجرد أن دخلنا إلى الدار وجدنا مسنين بعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة والبعض الآخر يسعون لكسر الملل بلعب الدومينو، وبالرغم من أن حكاياتهم تختلف، إلا أنهم يعانون من عنصر مشترك وهو فراق الأحبة والأقارب، وبالرغم من أن جرحهم عميق، إلا أنهم مازالوا يحملون الحب والاشتياق لفلذات أكبادهم، قررنا الاقتراب من رجل مسن وجدناه جالسا بمفرده يتأمل جدران الدار فقررنا الاقتراب منه إنه "عمي عمار" البالغ من العمر 70 سنة الذي قال أنه عمل لسنوات طويلة من أجل الإنفاق على أبنائه وشراء منزل لهم، ويضيف "لقد استغلوا وفاة زوجتي التي كانت ترعاني ومنعوني من الزواج مرة أخرى خوفا على الإرث، وعند مرضي أرادوا أن يستولوا على البيت قبل موتي، وجعلوني أمضي على التنازل عن ملكية البيت ليصبح لصالحهم، والغريب أنهم رفضوا رعايتي عند مرضي وقاموا بوضعي في دار المسنين، وما زاد من حزني أن لا أحد منهم يزورني أو يسأل عن أخباري، ولو عبر الهاتف، وبالرغم مما فعله أبنائي، إلا أني لا أحقد عليهم، وأنا أدعو الله أن يزورني أحد منهم قبل أن أفارق الحياة لأسامحهم على ما ارتكبوه في حقي".
يرضي زوجته ويضع والده بدار المسنين بعد هرمه
ويحكي لنا "عمي جمال" الذي وجدناه في غرفته طريح الفراش عن قصته المريرة التي جعلته يقصد الدار كمأوى له والتي بدأت عندما لازمه المرض واستدعى الأمر ارتداءه للحفاظات، إلا أن زوجة ابنه رفضت العناية به واشتكت لولده أنه أصبح عبئا ثقيلا عليها، ولا تستطيع تحمل مسئوليته، والأمر الذي آلمه بشدة هو أن ابنه لم يقدر التضحيات التي قدمها من أجل تربيته وشقائه في العمل لسنوات طويلة من أجل توفير لقمة عيشه ومصاريف دراسته، لينتهي به الأمر إلى رمي والده في دار العجزة إرضاء لرغبة زوجته وقطع الزيارة عنه لسنوات طويلة.
وهناك من تخلى عن والده الذي تحمل أعباء تربيته لسنوات طويلة وبصدر رحب، ليتخلى عنه عند كبر سنه، متحججا أنه لا يستطيع تحمل مصاريف علاجه، وهذا ما حدثنا عنه السيد "محمد" البالغ من العمر 69 سنة، والذي يقول "تخلى عني ابني بعد ما لجأت إليه لأطلب منه أن يتحمل مصاريف علاجي، وبالرغم من أنه ميسور الحال، إلا أنه رفض التكفل بي، وهذا ما جعلني أطلب المساعدة من ابنتي، ولكنها هي الأخرى لم تتقبل وجودي بمنزلها، وقد جرحت قلبي عندما سمعتها تتكلم مع صديقتها وتخبرها أنها تعبت من تحمل مصاريفي بعد أن تناست تعبي لسنوات في العمل لتوفير لقمة عيشهم، وما زاد من حزني أن لا أحد من أبنائي يسأل عن أخباري، فأنا أتمنى رؤية أحفادي قبل موتي".
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.