"العدل هو أساس الملك" من هذا الشعار انطلقت إرادة رئيس الجمهورية للنهوض بقطاع العدالة، وهذا ما تأكد من قول رئيس الجمهورية "أنه ملتقى كل نشاطات البلاد"، وهو ما حرص الرئيس على تطبيقه في الميدان منذ البداية، حيث وبعدم مرور سبعة أشهر فقط من توليه زمام الحكم نصب "اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة" بتاريخ 20 أكتوبر 1999، وكلفها بدراسة وضعية قطاع العدالة للوقوف على حقيقة المشاكل التي يتخبط فيها القطاع والمجتمع، واقتراح الحلول التي من شأنها إصلاح الخلل. هذه الأخيرة حللت وناقشت كافة المعطيات التي وقفت عليها، وقدمت نظرتها الموضوعية بعد مرور 7 أشهر فقط من تنصيبها، وركزت على ضرورة اتخاذ خطوات إستعجالية في مجال حقوق الإنسان، كإعادة الاعتبار لنظام التكوين والتأهيل، وتسهيل حق اللجوء إلى مرفق القضاء، وهو ما شرع العمل فيه سنة 2000. البداية من إعادة النظر في المنظومة التشريعية وسجلت اللجنة عدة مشاريع ترتبط مباشرة مع إصلاح العدالة، والمتمثلة في إعداد تشريع وطني منسجم مع المعايير والالتزامات الدولية للجزائر، متمثلة في تنمية الموارد البشرية لقطاع العدالة من القضاة والموظفين ومساعدي العدالة، وعصرنة القطاع بإدخال واستعمال التكنولوجيات الحديثة، كما مش هذا الإصلاح، إصلاح نظام السجون وفق المعايير التي تسمح بإعادة تأهيل المساجين وإدماجهم داخل، المجتمع، هذا وأعيدت تهيئة مختلف المحاكم الموزعة على المجالس القضائية، عبر الوطن، حيث زوّدت بمختلف التكنولوجيا الحديثة وتم تأثيثها وإعادة تصميمها الداخلي، كما تم توسيعها، وبهذا التغيير الجذري، محيت صور العتمة وأجواء الانقباض التي كانت تميّز ملامح المحاكم الجزائرية سابقا، وحلّ محلها جوّ جديد يضيئه النور ويطبعه الانشراح، وهو ما ينبعث الأمل في كل من يقصد المحكمة، كما يمكن للمواطن أن يلاحظ زوال الأوراق التي كانت تعلق على جدران المحاكم، والخاصة بالقضايا المبرمجة للبث فيها أمام مختلف الفروع، التي عوّضت باللوحات الإلكترونية المعلقة على الجدران، وأصبح بإمكان المتقاضين والمحاميين الإطلاع على سيد الدعوى وإجراءاتها ومآلها عن طريق الشباك الإلكتروني الموحد الموجود على مستوى كل محكمة ومجلس قضائي، كما أصبحت عملية استخراج صحيفة السوابق العدلية عملية سهلة تتم في ساعات، بعدما كانت تتطلب أياما، وهذا بفضل إنشاء المركز الوطني لصحيفة السوابق العدلية سنة 2004، كما تم تنصيب كاميرات للمراقبة من أجل مراقبة عمل كل من الموظفين وكتاب الضبط، وهذا بعد أن لمس المواطن التهاون والتأخير في أداء مهامهم، الأمر الذي انعكس إيجابيا على عمل الموظفين حيث أصبح الانضباط يطبع يومياتهم بدل الملاسنات التي كانت تحدث بينهم وبين بعض المواطنين. تقيم دوري لنتائج الإصلاح وبعد مرور خمس سنوات من بدأ الإصلاح كان لابد من تقييمه، إذ بادرت وزارة العدل إلى تنظيم الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة في نهاية مارس من سنة 2008، والتي حرص رئيس الجمهورية أن يرعاها حيث وصل عدد المشاركين فيها إلى 1500 مشارك بين قضاة وخبراء وأمناء ضبط ومساعدي العدالة وأساتذة جامعيين، وإطارات سامية مثلت القطاعات الوزارية والاقتصادية والمالية والاجتماعية هذه الندوة شكلت محطة هامة في مسار الإصلاح، كما أكدت على إيجابية الأشواط التي قطعت منذ بدأ عمليات الإصلاح بدء من تحسين آليات أداء الخدمة القضائية وتيسير سبل الحصول عليها بل تعدّاه إلى السرعة والشفافية في تقديم الخدمة القضائية وكذا الاتسام بالجودة والنوعية إشادة دولية بإصلاح المنظومة العقابية وتحت أيضا تثمين إيجابيّات هذا التحدي في إرساء دعائم استقلالية القضاء، وتطوير المنظومة التشريعية، وترقية الموارد البشرية وتثمينها، وعصرنة قطاع العدالة، من خلال إصلاح المنظومة العقابية وتدعيم التعاون الدولي، شمل إصلاح العدالة أيضا تطوير المنظومة التشريعية وتدعيم التعاون القضائي الدولي استجابة للمتطلبات الداخلية وتجسيدا للالتزامات الدولية، من خلال إعادة النظر في تسيير وتنظيم قطاع العدالة عبر تنظيم الإدارة المركزية، وتكييفها مع المتطلبات وتحديد صلاحيات الوزير العدل حافظ الأختام، مع تجسيد المبادئ الدستورية من خلال إعادة تنظيم مرفق القضاء، وتدعيم حق اللجوء إلى العدالة بموجب القانون الجديد للإجراءات المدنية والإدارية، وتدعيم حماية القيم الاجتماعية وتكريس مبدأ المساواة من خلال تعديل قانون الأسرة، وتدعيم حقوق الطفل والمرأة. تدعيم حماية حريات الفردية بالإضافة إلى تدعيم حماية الحريات الفردية وحقوق الإنسان من خلال مراجعة الأحكام المتعلقة بالإجراءات الجزائية، وتكريس ممارسة الشعائر الدينية في ظل احترام حقوق الغير وحرّياتهم. كما شملت الإصلاحات أيضا تعزيز مبدأ حرّية المعاملات إلى جانب تدعيم حماية المجتمع من ظواهر الإجرام المتمثلة في تدعيم حماية الصّرف، وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج، من خلال إصدار أمر رقم 01 _ 03 المؤرخ في 19 فبراير 2003، هذا القانون ألزم وزير المالية بالاشتراك مع محافظ بنك الجزائر بتقديم تقرير سنوي إلى رئيس الجمهورية حول الجرائم الماسّة بالتشريع والتنظيم الحصتين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج، ودعم حماية المجتمع من المخدرات، والمؤثرات العقلية، دعم الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، وكذا ضمان حماية الاقتصاد الوطني من مخاطر التهريب. تسوية عادلة لطي ملف العشرية السوداء وكان الملف المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوصه التطبيقية من أهم الملفات التي أشرفت عليها وزارة العدل، وتمكن رئيس الجمهورية من إصدار هذا الأمر بحصوله على الضوء الأخضر، من الشعب الجزائري الذي زكى هذا المسعى من خلال استفتاء 29 سبتمبر 2005 ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي جمع كل ضحايا المأساة الوطنية والهدف من كل هذا هو تمكين الجزائر من الدخول في عهد جديد كما قال رئيس الجمهورية، عهد المصالحة الوطنية المحقة، التي تغلق أشد الملفات التي عرفتها الجزائر منذ إستقلالها تعقيدا، المواطن الجزائري استجاب للنداء، لنداء رئيس الجمهورية لكلماته ورؤيته المستقبلية بخصوص مأساة الشعب الجزائري طيلة أكثر من عشرية، والتي كان بإمكانها أن تتعمق أكثر، لولا موقف وإرادة الشعب التي زكي بصوته مبدأ العفو لفتح باب التسامح والتصافح حيث قال_ إني أعلم يقينا بأن الأعوام تمرّ تلو الأعوام ألف مرة، تمر ولن ينسى الشعب الجزائري الجريح القلب والضمير كيف أنزلت تلك السنوات، سنوات الجحود والجنون، والوأد والدمار، والإكبار بالجملة، كيف أسقطت الوطن كله بصالحه وطالحه من عليين إلى أسفل السافلين، ولكن لابد من اللجوء إلى رحمة الله الواسعة التي تؤلف بين قلوب الناس في سفينة نوح، وفيها الذئب والخروف، ولكن الله يؤلف بين قلوبهم، إنه يحب التوابين إنه يحب الكاظمين الغيظ، إنه عفو يحب العفو فيعفو ويصفح عن الجميع لا تهاون ولا مزايدة، فلا منجد لنا، ولا منقذ لنا، مما نحن عليه إن نحك جلدنا بأظفارنا، وانصب الجميع بما أوتي من قوة على الإدلاء بدلوه بوعي تام في القضاء نهائيا عن الأزمة الوطنية بجميع جوانبها، فلتنصرف عنا بلا رجعة إلى يوم الدين إصلاحات العدالة شملت أيضا حسب مؤلف وزير العدل العمل على تطوير البحث في المجالس القانون والقضائي تأطيره، وتدعيم مجالات التعاون القضائي الدولي، وتدعيم حماية حقوق الإنسان. تحسين مستوى أداء موظفي قطاع العدالة بالإضافة إلى ترقية الموارد البشرية وتثمينها من خلال تطوير قدرات القضاة علميا واحترافيا، وتحسين مستوى أداء موظفي قطاع العدالة عبر إرساء قواعد التكوين القاعدي لموظفي أمانة الضبط، ومراجعة قانونهم الأساسي، وتدعيم قطاع العدالة بالعدد اللازم من الموظفين، إلى جانب ترقية مهن أعوان العدالة وكشف وزير العدل الآليات المنتهجة لعصرنة قطاع العدالة وتطوير هياكله ووسائله من خلال توظيف المعرفة باستخدام التكنولوجيات الحديثة حيث عددها في توفير محيط مهني مناسب لأداء معصرن، وتحقيق خدمة نوعية محاطة بضمانات في الأداء الأحسن، وتطوير آليات التسيير، وأيضا تطوير الآليات المساعدة على اتخاذ القرار، ورسم السياسات المستقبلية، وتسهيل استفادة ذوي الاحتياجات الخاصة من خدمات مرفق العدالة، وتدعيم هياكل ووسائل قطاع العدالة الإصلاحات شملت أيضا حسب مؤلف الوزير، إصلاح المنظومة العقابية لتكون المؤسسات العقابية فرصة للبداية الصالحة من خلال مراجعة الإطار التشريعي لتطبيق السياسة العقابية، تدعيم حقوق المحبوسين، معالجة ظاهرة اكتظاظ السجون، وتحسين ظروف الإيواء فيها، علاوة على تجسيد المبادئ الفضلى لسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، تحسين سير المؤسسات العقابية وتدعيم أمنها وكذا ترقية الموارد البشرية لإدارة السجون. وأفاد وزير العدل على أن آلية ترقية وتثمين منجزات إصلاح العدالة تكون من خلال تفعيل دور الإعلام والاتصال في قطاع العدالة، والتحفيز على الأداء النوعي والفعال لمرفق العدالة، والتأكيد على حماية المصالح العليا للوطن وأيضا الاهتمام بتقوية الروابط الإنسانية في قطاع العدالة وتثمين منجزات الإصلاح في ظل التنمية الشاملة. قطاع العدالة بالأرقام كان لابدّ من إنجاز بعض المجالس القضائية، وزيادة عدد القضاة، والموظفين في هذا الأخير الأمر الذي جسد فعلا في الميدان حيث تم_إنجاز 17 مجلسا قضائيا جديدا لفك الاكتظاظ والاختناق الذي كانت تعرفه هذه المؤسسات القضائية حيث تم تسليمها ما بين سنة 2001 و 2007 _ إنجاز المركز الوطني لصحيفة السوابق القضائية سنة 2004 _ إنجاز إقامة للقضاة سنة 2004 _ إنجاز عدد القضاة الى 3582 قاض سنة 2008، بعدما كان لا يتجاوز 2500 قاض سنة 1999 _ أصبح عدد موظفي أسلاك كتابة الضبط 10263 موظف سنة 2008، بعدما كان 6634 موظف _ ارتفاع عدد مستخدمي إدارة السجون من 14214 مستخدم سنة 1999 إلى أكثر من 17963 سنة 2007 المجهودات المتواصلة منذ سنة 1999 لإصلاح قطاع العدالة أنصت اهتمام رئيس الجمهورية على إصلاح قطاع العدالة، لأنه أولوية وطنية، وهو القطاع الذي تستوقفه مجمل الإصلاحات الجارية، ولأجل هذا لا يمكن أحد أن ينفي المجهودات المتواصلة منذ سنة 1999 إلى حد اليوم من أجل إحداث نقلة غير مسبوقة في تاريخ العدالة الجزائرية منذ الاستقلال، وهي الجهود التي تبدأ من أصغر عون في القطاع إلى أعلى إطار بدليل أن وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز لم يكتف بإصدار وتطبيق الأوامر ومراقبة مدى تطبيقها على أرض الواقع، وإنما أصدر كتابا تحت عنوان إصلاح العدالة في الجزائر تحت عنوان "لإنجاز لتحدي" أنه أكثر الأشخاص إدراكا لمدى التحدي الذي رفعت الدولة الجزائرية في مضيها نحو إصلاح العدالة، حيث أثار الوزير المؤلف إلى وزارته التي سطرت جملة من الخطوات التي شرع في تجسيدها منذ سنة 2000 انطلاقا من اتخاذ سلسلة من التدابير الاستعجالية في مجال دعم حقوق الإنسان، وتسهيل حق اللجوء إلى القضاء، حيث تمثلت الأهداف المرجوة من الإصلاحات في ضمان استقلالية القضاء، وتسهيل اللجوء إلى القضاء بجعل الإجراءات القضائية أكثر بساطة ومرونة، وتفعيل دور القضاء، وضمان مصداقية في الفصل النزاعات ي آجال معقولة، وتحسين نوعية الأحكام القضائية وفعالية تنفيذها، علاوة على توثيق الصلة بين فعالية العدالة واحترام حقوق الإنسان بتوجيه العمل القضائي لما يحقق التوازن بين مصالح المجتمع وحقوق الأفراد، وكذا تكريس الجانب الإنساني لظروف الحبس وتجسيد المبادئ الفصلي لسياسة إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وكان التقييم الأول لمرحلة الإصلاحات الأولى.