الصلاة رياضة بدنية وروحية عظيمة أداها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على خير وجه، وكانت هي ملاذه وراحته من هموم ومتاعب الدنيا.. ويقول ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي: »الصلاة رياضة النفس والبدن جميعاً إذ كانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة من الانتصاب والركوع والسجود والتورك والانتقالات، وغيرها من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل، فينغمس معها أكثر الأعضاء الباطنة، كالمعدة والأمعاء وسائر آلات النفس والغذاء، فما ينكر أن في هذه الحركة تقوية وتحليلاً للمواد، ولاسيما بواسطة قوة النفس وانشراحها في الصلاة فتقوى الطبيعة فيندفع الألم«. بعض الرياضات قد يمنع من ممارستها بعض الفئات من الناس مثل كبار السن، ومرضى القلب على سبيل المثال، بينما يستطيع هؤلاء أداء الصلاة لأن أداءها خالٍ من أي خطورة، فحركاتها ليست عنيفة بل ناعمة وتؤدى ببطء وهدوء. كما أن الصلاة ممكنة الأداء لجميع مراحل النمو، ابتداء من مرحلة الطفولة وحتى آخر يوم في عمر المسلم، لأنها لا تتطلب قدرًا عاليًا من القدرات والاستعدادات أو المواهب الخاصة. والغربيون من غير المسلمين بحاجة إلى الرياضة لأنها ملجؤهم الوحيد، وليس لديهم صلاة مثل صلاتنا، ونحن إذا نظرنا إلى ظاهر الصلاة وجدنا حركات وتمارين بالإضافة إلى ما تضيفه الصلاة من قوة إيمان وشفافية عظيمة أعظم ألف مرة من أي تدريب لليوغا. والأطباء ينصحون شاربي الخمر أو المدخنين أو ممارسي العادات السيئة والأفعال المحرمة، بممارسة الرياضة لأنها حركة، ولأنها تساعدهم على ترك ما يفعلونه، هذا صحيح، ولكن الصلاة أبلغ في ذلك كونها تجمع بين الحركة، والعبادة التي لا توجد في الرياضة، وهي من باب أولى أن تنهى الإنسان عن الفعل السيئ والمحرم الضار بالجسم، وقد قال الله تعالى: »إِنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي«. وجميع هذه الفوائد والمنافع تعود علينا لا على الله عزّ وجلّ. والله تعالى لم يفترض علينا الصلاة إلا لصالحنا، وما غضبه عندما لا تؤديها لأننا أصبناه سبحانه بشيء من الضرر، بل لأننا ظلمنا أنفسنا! ورياضة بدنية وروحية بهذه الأهمية في حياتنا جديرة منا بالعناية والتركيز.. وهذا هو الصحابيّ الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يقول: »إن الرجل ليصلي ستين سنة ولا تقبل منه صلاة«! فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا قيامها ولا خشوعها..! ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: »إن الرجل ليشيب في الإسلام ولم يكمل لله ركعة واحدة«.. قيل: كيف يا أمير المؤمنين؟ قال: »لا يتم ركوعها ولا سجودها«. يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: »يأتي على الناس زمان يصلون وهم لا يصلون.. وإني لأتخوف أن يكون الزمان هو هذا الزمان«! فماذا لو أتى الإمام إلينا الآن لينظر أحوال صلاتنا..؟ ويقول الإمام الغزالي رحمه الله: إن الرجل ليسجد السجدة يظن أنه تقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ووالله لو وزع ذنب هذه السجدة على أهل بلدته لهلكوا.. سئل كيف ذلك؟ فقال: يسجد برأسه بين يدي مولاه وهو منشغل باللهو والمعاصي والشهوات وحب الدنيا، فأي سجدة هذه؟ متى تكون الصلاة قرة عين: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: »وجعلت قرة عيني في الصلاة..«. ويقول المولى الكريم سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: »ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله«.