الجزائر رافقت كفاح منديلا مند الستينات "ماذا نفعل ونقدم لجنوب إفريقيا، نيلسن منديلا هنا معنا" هي مقتطفات من رسالة المجاهد عبد العزيز بوتفليقة إلى أخيه المجاهد حساني كريم يستفسر فيها حول سبل معاونة ومساعدة نيلسون منديلا عند نزوله على أخوانه المرابطين في أذغال الجبال وهم يحاربون المستعمر الفرنسي الغاشم، وقد كانت الثورة الجزائرية في قمة شراراتها، وهذا ما يبين عظمة ثورة نوفمبر ورجالاتها حيث عمدت الثورة المباركة على مساندة وفتح أبوابها وتقاسم وسائلها المتواضعة مع كل حركات التحرر في العالم عموما وإفريقيا خصوصا تم المراهنة عليها في المستقبل، وهو حال قضية نيلسون منديلا مع التمييز العنصري. وقد التقت "السياسي" بالمنسق الإعلامي للأمم المتحدةبالجزائر وكان معه هذا الحوار: * السياسي: كيف جاءت فكرة الأممالمتحدة الخاصة بالاحتفال العالمي بشخص الزعيم الإفريقي نيلسون منديلا بداية من هذا العام؟ - ممادوباي: الأممالمتحدة وأمينها العام السيد بان كي مون واعيان بالدور الذي لعبه الرئيس والمناضل الكبير نلسن منديلا بعد سنوات طوال من الكفاح من أجل الحرية والوحدة داخل ليس بلده جنوب إفريقيا وإنما في كامل ربوع القارة السمراء، والدفع بالمبادئ السامية الإنسانية التي كانت غائبة خلال حقبة الميز العنصري. إن القيم السامية التي ناضل من أجلها هذا الزعيم الأفريقي كانت دائما في خدمة البشرية ومحاربة تقاتل الأجناس والأعراق فيما بينها ، وعمل هذا الرجل العظيم على ترقية وحماية حقوق الإنسان والمصالحة والمساواة بين جميع فئات الشعب صغارا وكبارا. نيلسون منديلا أرسى أرقى مبادئ التضحية من أجل إحلال السلام والديمقراطية على المستوى العالمي، ومن أجل هذا كله جاء الاعتراف الدولي الواسع بعظمة ونبل شخصية الزعيم، وذلك بعد أن صادقت الجمعية العامة في دورتها 64 وأغلبية ساحقة قدرت 192 دولة وحكومة داخل الأممالمتحدة، بإلزامية الاحتفال السنوي بهذه الشخصية ابتداء من هذه السنة. * سيدي الكريم، ما هي الرسالة من هذا الاحتفال السنوي الجديد بهذا الرمز الأفريقي؟ - هي رسالة اعتراف من أكثر من 192 دولة وشعب لجميل ومعروف وهي رسالة حب واحترام، وهي سابقة أولى في تاريخ هيئة الأممالمتحدة التي تخصص يومًا سنويًا باحتفال دولي موجه لشخص واحد، والمتمثل في منديلا الإنسان والزعيم. * يبدو أن الزعيم الأفريقي لم ينس فضل الجزائر على نضاله وحركته التحررية، وذلك ما تجلى في عدة محطات؟ - بالفعل، الجزائر رافقت نضال منديلا مند 1960، حيث كانت الجزائر تقود حركتها التحريرية، قام الزعيم إبان الثورة الجزائرية بزيارة المجاهدين والثوار الجزائريين في الجبال، وتلقى تكوينه العسكري والثوري من رحم الثورة الجزائرية، كما قامت الجزائر أيضا في عهد الاستقلال وذلك سنة 1990، باستقباله بعد أيام من خروجه من زنزانته، استقبال الرؤساء والأبطال، وهو في ذلك الحين لم يصبح رئيسا بعد، إذن للجزائر ونيلسون منديلا علاقة متينة ليست من الصدف، وإنما لأن المعركة كانت واحدة والتحديات واحدة ومشتركة أيضا، وبالتالي يأتي هذا الاحتفال الجزائري بهذا الرمز وفاءً لماضيها المشرف والصادق إلى كل رموز التحرر في العالم، وسنكون دائما هنا في الجزائر إن شاء الله لمشاركة أخواننا الجزائريين احتفالاتهم السنوية بنيلسون منديلا. * ماذا يمكن للإنسان أن يستخلصه من مأساة الزعيم نيلسون منديلا، خاصة والعالم يشهد خروقات وتجاوزات في حقوق الإنسان؟ - أظن أن الأفكار والأهداف المرجوة بهذا التكريم ليس الاحتفال بشخص نيلسون منديلا بالضبط، وإنما المعركة والتجربة والدروس التي عاشها العالم من مأساته التي أفضت إليها هذه التجربة، فالرجل عذب أشد العذاب وسجن في عزله تامة بعيدا عن العالم الخارجي، وكبر في غياهب وزنزانات الأبرتايد وذاق الحيف، رغم هذا جلب لشعب الحرية والاستقلال والعدالة. والأهم من هذا وذاك، هو تسامحه مع جلاديه وسجانيه، وهي قيمة إنسانية حيث نظر في ووجوههم، فقال لهم: "أنا أسامحكم" هذه هي صفة العظماء. * عايشتم هذا الرمز عن قرب ماذا استوقفكم للوهلة الأولى؟ - طبعًا، كان لي الشرف وأن التقيت بالزعيم منديلا لقد صدمت وتفاجأت للكارزمة التي يمتلكها صاحب جائزة نوبل للسلام، ولقوة لبنات أفكاره، لكن ما استوقفني مطولاً عنده، ووقفت مشدود أنظاري إليه، هو تواضعه الرفيع وأخلاقه العالية، حيث عندما هممت من أجل شكره لنضاله الطويل والقاسي والمشرف في الوقت نفسه لما قدمه من تضحيات الضخمة لشعب الجنوب الأفريقي وللإنسانية جمعاء، قال عبارة شدتني كثيرا، قال: "لست أنا، إنه فضل الكلام على الأعمال والنشاطات ونضالات الآخرين"، إنه إنسان وهب نفسه من أجل محاربة انتهاكات حقوق الإنسان، وبسط الكرامة الإنسانية في جميع المعمورة. نيلسون منديلا لم يستفد من أي دعم مالي خارجي أو حكومي أجنبي، كما كان دائما يشير لنا في هذه النقطة، فهو إنسان عادي بخصائص استثنائية. إن تضحياته التي جاءت على حسابه الشخصي وعلى حساب عائلته لم تخدم بلده جنوب إفريقيا فقط، بل جعلت العالم يسير نحو الأحسن وباسم جميع شعوب العالم اليوم نوجه بمناسبة السنة الأولى لليوم العالمي لنيلسون منديلا عبارات إجلال وتقديم وتشكرات لكل ما قدمه من أجل فرض قيم السلم والعدالة والديمقراطية في العالم. * كلمة أخيرة من فضلكم - في الأخير أتوجه بشكر الجزيل لشعب الجزائري ودولته ولصديق نيلسون منديلا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على العناية التي يوليها للقضايا الإنسانية العادلة، كما نتشرف مرة أخرى بتواجدنا كل عام بالجزائر، من أجل الاحتفال باليوم العالمي لرمز والقدوة والزعيم التاريخي نيلسون منديلا.