ازدادت معاناتهم وتنوعت ألوان حرمانهم من أساسيات الحياة خلال رمضان- - المشاريع الرمضانية بغزة تحت وطأة الحصار - نماذج واقعية من حياة الغزيين في رمضان ======== - الغزيون مضطرون إلى الامتناع عن استخدام الكهرباء على الأقل خلال شهر رمضان على اعتبار أنهم يصومون عن أشياء كثيرة بحكم الشهر الكريم - أصبح مشهد الإفطارات الجماعية في المساجد والشوارع في قطاع غزة جزءاً أساسياً من طقوس شهر رمضان - حصار إسرائيلي سرق ومازال فرحة أِطفال القطاع، إلا أن البسمة الخجولة ترتسم أحيانا في وجوههم. ===== قد يتصور البعض أن رمضان هذا العام أتى على غزة بتحسن في الأوضاع المعيشية على إثر قرار الاحتلال بتخفيف شكلي للحصار على معابر القطاع، لكن الحقيقة التي شهدت عليها الأيام هي أن أهالي غزة ازدادت معاناتهم وتنوعت ألوان حرمانهم من أساسيات الحياة خلال رمضان. بين غول الحصار ووحش البطالة، ينهش الفقر سكان قطاع غزة، ويسلب منهم فرحتهم بشهر رمضان. أطباق محدودة على مائدة الحاج أبو إسماعيل، فهو العاطل عن العمل منذ أكثر من أربع سنوات، لا يجد ما يوفره لأسرته المكونة من خمسة أبناء وأربع بنات، بالإضافة إلى والدته الطاعنة في السن. أزمته تتعمق أكثر في شهر رمضان، حيث يطلب منه أطفاله الصغار وبإلحاح تغيير نوع الطعام الذي لم يتغير منذ بداية الشهر . أكثر من 150 ألف عامل فقدوا فرصهم في العمل بفعل الحصار، وبات عدد كبير من الغزيين يعتمدون على مساعدات تقدم لهم من هيئات إغاثية. ويشير أبو إسماعيل إلى أن وجبات الطعام التي يتناولها وأولاده تعتمد بشكل أساسي على المساعدات التي يتلقاها من المؤسسات الخيرية وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ويرى أبو إسماعيل أن إغلاق المعابر كان له بالغ الأثر في فقدان الكثير من العمال فرصة عملهم داخل الخط الأخضر، وأنه واحد من أولئك الكثيرين، وهذا ما زاد نسبة البطالة . حال أسرة إبراهيم سلامة ليست أفضل من حال عائلة أبو إسماعيل، فهي الأخرى تنهشها البطالة، إلا أن القصة هذه المرة أشد قسوة إذ إن معيل الأسرة يعاني إعاقة تمنعه من العمل. »نفسي أقدم كل شي لأسرتي، لكن ما باليد حيلة« هكذا بدأ حديثه معلقاً على الحال التي وصل إليها السكان في قطاع غزة. ويؤكد إبراهيم أن أطفاله لم يتمكنوا من تناول أي من أنواع اللحوم منذ بداية الشهر، تقتصر وجباتهم أنواع محدودة من الخضار. يؤكد الباحث الاقتصادي سليم البنا أن نسبة الفقر في غزة بلغت أكثر من 75 في المئة. ويشير البنا إلى أن عدداً كبيراً من الأسر يعتمد على المساعدات، وأن قدرتها الشرائية في تراجع، والذي بدا واضحاً في رمضان. رمضان في غزة.. صيام عن الكهرباء هذا هو رمضان هنا في غزة هكذا يصومون.. نعم يصومون عن الكهرباء ولكن ليس بإرادتهم بل مجبرين على ذلك، لقد أصبح الوضع لا يطاق بكل المعايير وتحت كل المسميات، نظرًا لزيادة عدد أفراد كل أسرة تعيش تحت سقف واحد. إن درجة الحرارة في غزة تكاد تتجاوز الأربعين بقليل والبيوت مكتظة بعشرات الأطفال والكبار والصغار فمتوسط العائلات الفلسطينية 7 أفراد لكل أسرة يعيشون في منزل لا يزيد عن 70 مترا وفي الغالب يكون سقفه من الأسبست وهو مادة شديدة الامتصاص للحرارة إضافة إلى وجود المنزل وسط اكتظاظ سكاني رهيب كاف لقطع الهواء عن هذا السيل البشري ولا كهرباء لتعمل المراوح، هكذا تبدو الصورة لأول وهلة. وعند الدخول إلى تفاصيل الصورة أكثر تكون مشكلة أخرى أشد وأعمق، فعندما تصل الكهرباء تكون المياه قد قطعت وعندما تتوافر المياه تكون الكهرباء قد قطعت، فيشعر المواطن أنهم يلعبون معه لعبة القط والفأر، فيبدأ في رحلة البحث عن المياه من خلال شرائها بسعر يفوق سعرها المرتفع أساسا بمرات ويحتاج لمعرفة قوية بأصحاب شركات المياه حتى يوفروا له الكمية المطلوبة في الوقت المناسب. الكهرباء لا تزور المنزل أكثر من 6 أو 8 ساعات بحد أقصى في اليوم الواحد، وعلى الرغم من ذلك تجد أن فاتورة الكهرباء والماء تزيدان بشكل جنوني. لم يعد يكترث الغزيون بمعرفة السبب الرئيسي في انقطاع الكهرباء، فحكومة رام الله تقتطع من رواتب الموظفين فواتير الكهرباء والشركة في غزة تهدد بالجباية أو بفصل التيار الكهربائي عن المنزل وبالتالي يقوم أهل غزة بالدفع، وإسرائيل تقول أنها لا تتلقى المبالغ الكافية لتزويد المحطة بالسولار الصناعي والمواطن هو المتضرر فلا يصله كهرباء ولا يستطيع الاعتراض على الوضع. الغزيون مضطرون إلى الامتناع عن استخدام الكهرباء على الأقل خلال شهر رمضان على اعتبار أنهم يصومون عن أشياء كثيرة بحكم الشهر الكريم وربما يستعيضون عنها بفانوس رمضان. ========= المشاريع الرمضانية بغزة تحت وطأة الحصار يشكل شهر رمضان المبارك في قطاع غزة، موسماً للتكافل الاجتماعي والتآخي والتراحم، فتزداد فيه المشاريع الإغاثية، كموائد الرحمن، والمساعدات الغذائية والنقدية، لما فيها من الأثر البالغ على نفوس المواطنين، ودورها الكبير في التخفيف من معاناة الأسر الفقيرة. ولكن رمضان هذا العام انخفضت فيه وتيرة هذه المشاريع، بفعل الحصار وغياب وصعوبة التمويل الذي تحصل عليه المؤسسات الخيرية، لتنفيذ مشاريعها الرمضانية بصورة مستمرة. مدير لجان الزكاة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عادل الصوالحة، أوضح أن الوزارة قدمت خلال شهر رمضان مساعدات نقدية وعينية بقيمة 550 ألف دولار ل 18 ألف أسرة محتاجة. وأشار إلى أن المشاريع في ظل الحصار تواجه صعوبة كبيرة في تحصيل التمويل من الخارج، لأن أغلب حسابات لجان الزكاة تم تجميدها، إضافة إلى أن المؤسسات الخارجية تواجه صعوبة في تحويل الأموال إلى غزة. وقال الصوالحة في حديث لصحيفة »فلسطين«: »لا شك أن هناك غياباً ملحوظاً وقلة في موائد الرحمن التي تعدها سواء الوزارة أو المؤسسات الخيرية الأخرى، ولكن هذا لا يعني غيابها بالمطلق، حيث ستقوم الوزارة بعمل إفطار جماعي في السابع والعشرين من شهر رمضان ل 1200 شخص«. ولفت إلى أن وزارته إضافة إلى مشاريعها الإغاثية تقوم بمشاريع تنموية، كمشروع إنشاء محطة تحلية لمياه الشرب، وسيستهدف المشروع في بدايته عشر مدارس، على طريق التطوير، مضيفا: »نحاول من خلال هذه المشاريع إيجاد عائد مادي لتغطية نفقات المشاريع الإغاثية التي تقوم بها الأوقاف«. ومن جهته، قال رئيس جمعية دار الكتاب والسنة، عبد الله المصري: »إن الجمعية لم تألُ جهدا في تقديم مساعداتها الإغاثية لأهالي القطاع في شهر رمضان المبارك، حيث قدمت مشروع المئة ألف وجبة إفطار، ويعد المشروع الأضخم في القطاع، إضافة إلى تقديم مساعدات نقدية وغذائية ل 40 ألف أسرة«. وأضاف: »الحصار لم يحد من وتيرة المشاريع الإغاثية التي اعتادت أن تقدمها الجمعية كل عام، بل بالعكس دفع الجمعية إلى تكثيف جهودها لمساعدة المحتاجين، مما أثقل كاهل المؤسسات لتزايد احتياجات المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة«. واستنكر عزوف الكثير من المؤسسات الخيرية في قطاع غزة في الآونة الأخيرة عن تمويل المشاريع الإغاثية، على حساب المشاريع التنموية، مؤكدا أن المرحلة الحالية التي يعيشها القطاع تحتاج إلى تزامن المشاريع التنموية مع المشاريع الإغاثية، لسد احتياجات المواطنين المتزايدة. وأشار إلى أن الحصار حد من مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها الجمعية، وعلى الرغم من ذلك فإن المشاريع الإغاثية مازالت مستمرة وبأشكال متنوعة، ما بين إفطارات جماعية في المساجد والأحياء، إضافة إلى تقديم مساعدات نقدية وعينية، ومشروع السلة الغذائية للأسر الفقيرة، لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وهي مساعدة أكبر قدر من المحتاجين، وإدخال البسمة على بيوتهم في شهر الرحمة والتكافل الاجتماعي. =========== الإفطارات الجماعية.. فرصة حقيقية لفقراء غزة أصبح مشهد الإفطارات الجماعية في المساجد والشوارع في قطاع غزة جزءاً أساسياً من طقوس شهر رمضان، خصوصاً في ظل حالة الحصار وما نتج عنها من ارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفقر والعوز. لقد دفع هذا الوضع المؤسسات الخيرية إلى التوسع في مشاريع إفطار الصائمين سواء الجماعية أو من خلال التوزيع على المنازل. ولم تعد هذه الفعالية مجرد طقس رمضاني كغيرها من مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل، لكنها تحولت خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى ضرورة تلبي حاجة الغزيين المعوزين، لا بل أن بعض العائلات المستورة أصبحت تعتمد على ما تقدمه هذه الموائد الرمضانية في توفير الطعام لأبنائها. أبو إبراهيم أحد هؤلاء الذين يواظبون على حضور الإفطارات الجماعية في مدينة خان يونس جنوب القطاع، ويحرص على إيصال وجبات إفطار الصائم من إحدى الجمعيات الخيرية لعائلته قبل آذان المغرب. يقول: »لم يعد بالإمكان الاستغناء عن الإفطارات الرمضانية التي تقدمها المؤسسات الخيرية، فبعض العائلات تشارك في هذه الإفطارات وبالبعض الآخر يحاول أن يحصل على وجبة الإفطار لعائلته«. ويضيف: »قد يستهين البعض بهذا الوجبة الرمضانية، لكنها بالنسبة لي ولكثيرين من العاطلين العمل مهمة وتكاد تكون أساسية«. وتنشط عدد من المؤسسات الخيرية في تنظيم الإفطارات الجماعية سواء التي تستهدف فئات محددة كالمعاقين والعمال أو التي تعقد في الساحات العامة وتستهدف الجميع، كما هو الحال في مدينة »الشيخ زايد« شمال القطاع، إذ نظمت مؤسسة خيرية إفطار لنحو 1500 فلسطيني. وأكد إمام مسجد المدينة الشيخ أحمد الشدياق وجود زيادة في إقبال المواطنين على تناول وجبة الإفطار من خلال التجمعات التي يقيمها أهل الخير، مستهجناً عزوف بعض المؤسسات الخيرية عن العمل في المشاريع الرمضانية هذا العام رغم زيادة حاجة الناس إليها. ودعا إلى مساعدة الأسر الفقيرة في توفير وجبة الإفطار لأبنائها سواء من خلال التوصيل إلى المنازل أو الإفطارات الجماعية، مؤكداً أنه يلمس حاجة الناس إلى ذلك، خصوصاً وأن الفقر ما زال منتشرا بين الأسر الغزية. نماذج واقعية من حياة الغزيين في رمضان »لا أعرف كيف أدبر أموري في الظلام الدامس، وأصنع الطعام للعائلة في ظل الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في كل يوم وليلة، مع ساعة الإفطار وإعداد السحور فجراً«.. هذه كانت كلمات عبرت بها مواطنة فلسطينية عما يجول بخاطرها نتيجة انقطاع الكهرباء عن منزلها بشكل متكرر ولساعات طويلة لا سيما في شهر رمضان المبارك. ويعاني الغزيون منذ فترة ليست بالقصيرة انقطاع التيار الكهربائي عن منازلهم، بسبب توقف محطة توليد الكهرباء الرئيسية في محافظة غزة عن العمل عدة مرات نتيجة نفاد الوقود الصناعي اللازم لتشغيلها، الأمر الذي ألقى بظلاله على كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في القطاع الساحلي المحاصر منذ أربع سنوات متواصلة. وتقول المواطنة الفلسطينية (45 عاماً) من محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، وحالها كالآلاف من سكان القطاع: »لقد احترت فعلاً من الذي يجري، فعند الحاجة الضرورية للكهرباء تنقطع ولا تأتي إلا بعد فوات الأوان، فتحدث لدي ربكة في العمل، ولا أعلم ما الذي سأفعله«، مشيرة إلى أن بيتها يحتاج للكهرباء والإنارة بسبب عدم وجود نوافذ واسعة. وتضيف، وقد ارتسمت على محياها علامات الغضب: »أكون في المطبخ في كثير من الأحيان لإعداد الطعام، ومع قرب انتهاء العمل، تنقطع الكهرباء، وأحياناً كثيرة تقع من يدي الأشياء، ولا أعرف كيف أتصرف«. وبالرغم من أن العديد من أبناء المواطنة يقومون بإشعال بعض الشموع وتثبيتها على أواني المطبخ وقت الإفطار إلا أن معاناتها لا تتوقف بسبب انقطاع الكهرباء. وتشير المواطنة الفلسطينية إلى انقطاع التيار الكهربائي بصورة شبه يومية أوقات السحور »لا تدري ما سببها«، مما يخلق جواً من الربكة »للوصول إلى مكان وجود الشمعة أو علبة الكبريت أو إضاءة الفانوس«، مطالبة الجهات المسؤولة »بتنظيم عمل توصيل الكهرباء وإرفاق جدول يوزع على المواطنين ليتداركوا الأوقات التي تقطع فيها الكهرباء ويكونوا على استعداد«. مواطنة فلسطينية أخرى، اعتبرت انقطاع التيار الكهربائي بصورة شبه يومية عن منزلها »بالنقطة التي لا يمكن فهمها« في ظل وجود برنامج معد من قبل شركة توزيع الكهرباء يعمل على وجود ساعات معينة للانقطاع في ساعات الليل أو النهار. وعلى ضوء الشموع والمصباح الكهربائي تواصل المواطنة عملها رغم أن ذلك يضعف لديها الرؤية لمشاهدة الطعام بصورة جيدة، وإنضاجه بالشكل المطلوب ليكون بمثابة الهدية التي تقدمها لزوجها وأبنائها الصغار بعد صوم نهار طويل. وتبين أن أبناءها الصغار كثيراً ما ينزعجون من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في أوقات فطور العائلة مع أذان المغرب وطعام السحور بسبب عدم رؤيتهم الطعام بشكل واضح »بسبب قلة ضوء الشمعة«، متسائلة عن الطريقة التي يمكن أن »تتغلب فيها على هذه المشكلة!«. ويتعرض قطاع غزة لحصار شديد أثر بشكل مباشر على جميع القطاعات الحيوية، إذ يمنع الاحتلال دخول كافة المواد الأولية اللازمة لقطاع الصناعة والإنشاءات مما تسبب في توقف المصانع وحركة العمران والإنشاءات المختلفة، مما تسبب في زيادة حده الفقر والبطالة حيث يقع تحت خط الفقر 80٪ وبلغت نسبة البطالة 60٪. ========= هنية يفطر في أفقر منزل بغزة حرص رئيس الوزراء الفلسطينيبغزة إسماعيل هنية على تناول طعام الإفطار خلال شهر رمضان الكريم، في أحد أفقر منازل اللاجئين الفقيرة في قطاع غزة، وكان الهدف هو إحداث شعور من التعاطف والتكافل مع الطبقة الأكثر حرمانًا في القطاع. وتعيش العائلة المكونة من 8 أفراد في بيت لا يزيد مساحته عن 20 متر مربع, والرطوبة بداخله سيدة الموقف، حيث لا يوجد به تهوية أو حتى مدخل للشمس، وينام رب الأسرة وزوجته وأبنائه الستة في غرفة واحدة، ولا يوجد في البيت غيرها والحمام الصغير في مدخل البيت. وقد أعطى رئيس الوزراء هنية تعليماته لمكتبه الخاص بمتابعة احتياجات هذه العائلة وتقديم مساعدة عاجلة لهم من مكتب رئيس الوزراء الخاص مكونة من (محرك كهربائي ومروحة للتهوية ومواد تموينية وفواكه وحاجيات للأطفال) كمساعدة عاجلة. كما قدم هنية لرب الأسرة مساعدة مالية عاجلة وأعطى تعليماته بتوظيف رب الأسرة في إحدى الوزارات الحكومية, وتناول رئيس الوزراء مع العائلة طعام الإفطار الذي قدمه أيضا لهم مكتب رئيس الوزراء. === رمضان غزة يشهد إقبالاً على العمل ك »مسحراتي« في قطاع غزة يتخذ الكثير من الشباب مهنة المسحراتي، في الواقع، هربا من شبح البطالة التي تسبب بها الحصار، وتتعدد الأهداف التي يسعى من ورائها الشبان لامتهان مهنة المسحراتي، لكن أغلبها تلتقي في كسب الرزق والتغلب على أوضاع الحياة الصعبة. يوسف بركات، الطالب الجامعي، حصل على ترخيص من وزارة الداخلية في قطاع غزة لمزاولة هذه المهنة، كي يستطيع سداد النفاقات الجامعية للفصل الدراسي المقبل. ويقول أحد الشباب يدرس اللغة العربية في الجامعة الإسلامية: »لم أكن يوما مسحراتيا، ولم يمتهن هذه المهنة أحد من أسرتي، لكنها كانت بمثابة طوق النجاة لي هذا العام لأتمكن من استكمال مصاريفي الجامعية ودفع المصاريف المطلوبة، بالإضافة إلى الكتب والمراجع التي أحتاجها«. وأضاف: »أخرج في ساعة مبكرة قبل الفجر أوقظ الناس ليتناولوا طعام السحور. وأنادي عليهم بأسمائهم، وأتجول بين أزقة بيوتهم بطبلتي الصغيرة.. بعضهم يطل علي من شرفة منزله وقد غلبه النعاس يبادرني بالتحية«. ولا يستطيع أحد المسحراتيين المناداة والتجول بين أزقة البيوت الفقيرة في غزة، إلا وقد امتلك تصريحًا من وزارة الداخلية حتى يؤهله ذلك للتجول في منطقة معينة، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية في الشارع الفلسطيني. والملاحظ أن مهنة المسحراتي اتخذت في قطاع غزة، على الأقل، شكلا آخر في رمضان، مع ارتفاع حجم البطالة كنتيجة من نتائج الحصار المطبق، وقد حدثت في رمضان الأخير زيادة في عدد المسحراتية في القطاع، حيث يعمل خمسون »مسحراتيا« في مدينة غزة وحدها.