بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، حيث قال »إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق«، فما تجد سورة في كتاب الله تعالى إلا وفيها من الآيات الكثيرة التي تحث على حسن الخلق في كل شيء مع الله ومع النبي ومع الأهل والزوجات والأزواج ومع الناس، ولو قلنا إن الإسلام هو دين تمام وكمال الأخلاق لكان قولنا صادقا صحيحا لا شك فيه حيث قال تعالى مخاطبا رسولنا الكريم »خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين«، وهذا أمر من الله تعالى لرسولنا الكريم بجميع مكارم الأخلاق: خذ العفو أي أقبل من الناس أعمالهم من غير تخسيس مثل قبول الأعذار والعفو والمساهلة وترك الاستقصاء والبحث والتفتيش عن حقائق بواطنهم وأمر بالعرف وهو كل معروف وأعرض عن الجاهلين أي ترفع عن جهل الجاهل فلا تقابله بالسفه مصداقا لقوله تعالى »وقولوا للناس حسنا« أي للناس كلهم مؤمن ومشرك وقال تعالى »فقولا له قولا لينا« وقوله تعالى »وإنك لعلى خلق عظيم«. وهو وصف من الله تعالى لأخلاق رسولنا الكريم وخير خلقه صلوات ربي وسلامه عليه، ودعوة لعموم الأمة للتحلي بذلك فقال تعالى: »كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر«. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وهو من حسن الخلق. وسُئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت »كان خلقه القرآن«، أي والله كان خلقه القرآن بل الأعجب أنه صلى الله عليه وسلم ما عرف عنه فحش القول أو الفعل في جاهلية فكيف في الإسلام، بل لقبوه بالصادق الأمين شهادة من أهل الكفر وكانوا على كفرهم قبل أن ينعم عليهم المولى عز وجل بدين التوحيد بأنه الصادق الأمين. والنبي عليه الصلاة والسلام يحث الأمة على حسن الخلق حيث قال عليه الصلاة والسلام: »اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن« رواه الترمذي وحسنه الألباني. وجاء أن النبي عليه الصلاة والسلام سُئل عن أفضل ما يعطى المرء فقال »حسن الخلق« رواه أحمد وصححه الألباني. بل الأعجب من هذا كله أن المرء ينال بحسن الخلق أعلى درجات العبادة وهو لا يدري حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »أن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار« رواه بن ماجه وصححه الألباني. إن حسن الخلق سبب لبركة الرزق وبركة العمر وبركة العمل حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: »صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار« رواه أحمد وصححه الألباني. بل إن حسن الخلق سبب لمحبة الله تعالى للعبد قال عليه الصلاة والسلام: »إن الله جميل يحب الجمال ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها«، وسُئل عليه الصلاة والسلام عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال »تقوى الله وحسن الخلق«، وأكثر ما يدخل الناس النار قال »الفم والفرج«. رواه الترمذي وبن ماجة وأحمد وحسنه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: »أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا« رواه الترمذي وحسنه الألباني.