تجلب أشجار الزيتون المنتشرة بحوافي الطرقات الوهرانيين الذين يقبلون على قطف ثمارها قبل اكتمال نضجها، سواء لبيعها في الأسواق أو للاستهلاك الذاتي دون معرفة ملاّكها أو إن كانت صالحة من عدمها. وكونها موجودة خارج المستثمرات الفلاحية والبساتين، فإن هذه الأشجار المنتشرة عبر حوافي محاور الطرقات ليست ملكا للمزارعين وغير تابعة للقطاع الفلاحي، حسبما أبرز الأمين العام للغرفة الولائية للفلاحة. غير أنه يمكن أن تكون هذه الأشجار الممهلة ثروة اقتصادية للجماعات المحلية وتشكل أيضا مدخولا إضافيا لها إذا ما لقيت عناية كبيرة من قبل المصالح المختصة للبلديات، علاوة على أنها تساهم في استحداث مناصب شغل موسمية للشباب، كما أضاف زدام الهواري. وبما أن أشجار الزيتون تعمر طويلا وتعطي ثمارها حتى وإن كانت مهملة، فإنها تشد أنظار المارة الذين لا يتوانون على قطف حبات الزيتون سواء لاستهلاكها أو بيعها، يقول أحد الفلاحين بمنطقة عين البيضاء التي يكثر على حوافي طرقاتها هذا النوع من الأشجار سواء ذات الحجم الصغير أو الكبير، ويجد الشباب القاطنين بالمناطق المعروفة بغراسة الأشجار الزيتون لاسيما ببلديات بوتليليس ومسرغين والسانية وبوسفر وقديل متعة كبيرة في قطف حبات الزيتون المتدلية من الأشجار لبيعها على مستوى محاور الطرقات، رغم أنها قد تكون غير مكتملة النضج في بعض الأحيان. ومن جهتهن، تقبل بعض ربات البيوت على جني الزيتون بالمجمعات السكنية والأحياء بوهران منها يغموراسن والبدر والتي ينتشر فيها هذا النوع من الأشجار المغروسة لتزيين حوافي الطرقات منذ سنوات والتي لا تزال أغصانها متفرعة وصامدة أمام العوامل الطبيعية والتوسع العمراني. وتسبب عملية الجني العشوائي انتشارا للأوساخ تشوه المحيط لاسيما بعد تساقط حبات الزيتون التي تكتسي أرضية الأرصفة غطاء أسود وأخضر علاوة على أن أغصانها المتناثرة عبر الطرقات تشكل أحيانا عوائق للمركبات. كما لم تسلم أيضا أشجار الزيتون المغروسة داخل مقبرة عين البيضاء منذ سنوات خلت من أيادي القاطفين الذين وجدوا فيها مصدر رزق حيث يعرضون المنتوج للبيع على زوار هذه المقبرة. ويستعمل هؤلاء القاطفون الذين يتأبطون أكياسا من النيلون لنقل المحصول مختلف الوسائل التقليدية من أبرزها الأعمدة الخشبية. ويقوم بقطف حباتها أيضا مراهقون بعد أوقات الدراسة أو يومي الجمعة والسبت حيث يعملون في صمت غير مبالين بالمارة أو ضجيج حركة المركبات فما يهمهم هو جني أكبر كمية من الزيتون. ومع مرور السنين، أصبح هذا النشاط يشكل عند الكثير من الشباب مصدر رزق حيث أن قطف ثمار الزيتون أحسن من تركها تجف لكن دون إحداث أي ضرر للأغصان، حسبما ذكره أحد شباب المنطقة الذي اعتاد على الجني منذ عدة سنوات والذي يجوب في بعض الأحيان عدة مناطق لجلب الحبات السوداء لكثرة الطلب عليه من قبل ربات البيوت، لتصبيرها بالطرق التقليدية. وبعد جمع وفرز هذه الثمار، يتوجه بعض منهم إلى الأسواق الشعبية أو يتجولون بين أزقة الأحياء لبيع المحصول بأثمان قد تصل إلى 30 دج للكلغ بأسعار أقل مقارنة مع تلك المعمول بها في الأسواق فيما يفضّل البعض الآخر تصبيره لبيعه في فصل الربيع دون معرفة إن كانت هذه الثمار صالحة أو غير صالحة للاستهلاك. وفي ذات الإطار، تقول مديرة المحطة الجهوية لحماية النباتات بمسرغين، بكري نوال، أن أشجار الزيتون المنتشرة عبر حوافي الطرقات هي في حقيقة الأمر مهملة لكن لا تشكل خطرا على صحة المستهلك، مبرزة أن الفرق بينها وتلك الموجودة في حقول أشجار الزيتون التي تلقى عناية من قبل المزارعين يكمن في نوعية حبة الزيتون فقط. ومن جهته، أوضح رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة والسكان، الدكتور بخاري أن زيتون أشجار المغروسة بمحاور الطرقات لا تضر بصحة الفرد كونها مسقية بمياه الأمطار باستثناء الذين يعانون من حساسية أشجار الزيتون.