لا يزال الغموض يخيم على الوضع السياسي في غامبيا، قبل أيام من تنصيب الرئيس المنتخب، أداما بارو، الفائز في الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل أكثر من شهر، والتي يرفض الرئيس المنتهية ولايته، يحيى جامع، القبول بنتائجها. فبالرغم من الدعوات المتكررة للعديد من الدول والهيئات، على غرار المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) والأممالمتحدة، بتسليم السلطة سلميا في غامبيا قبل ال19 جانفي الجاري، تاريخ تنصيب الرئيس المنتخب الجديد، يتشبت جامع بموقفه ويصر على البقاء في الحكم ما لم تفصل المحكمة العليا في الطعن الذي تقدم به. وقد دعا جامع، في خطاب متلفز، إلى احترام الدستور الغامبي، مذكرا بأنه تقدم بطعن لدى المحكمة العليا لمنع تنصيب الرئيس المنتخب أداما بارو على رأس البلاد في الموعد مقرر لذلك. وشدد في هذا الصدد على ضرورة أن تفصل المحكمة العليا في طعنه قبل كل القيام بأي شيء وفي أقرب الآجال، مؤكدا على أن غامبيا ستنجح في الحفاظ على سلميها وأمنها واستقرارها. وكانت المحكمة العليا في غامبيا قد أجلت إصدار قرارها، في العاشر جانفي الجاري، حول الطعن الذي تقدم به حزب جامع، إلى شهر مايو المقبل على أقصى تقدير بسبب نقص القضاة، على حد تقديرها. وكان الرئيس جامع قد قبل بنتائج الانتخابات فور الاعلان عنها وهنأ منافسه بارو معترفا بخسارته، إلا أنه سرعان ما تراجع عن موقفه واتهم بتزوير نتائج الانتخابات. وحسب النتائج الرسمية للانتخابات، فقد حصل مرشح المعارضة آدما بارو على 45.5 بالمائة من الأصوات مقابل 36.7 بالمائة لجامع، وأكدت لجنة الانتخابات الوطنية المستقلة في البلاد، أن النتائج وبعد التدقيق فيها، اتسمت بالعدالة والشفافية. تحركات إقليمية لتغليب الحل السلمي للأزمة وتفاديا لانزلاق الوضع في غامبيا، يواصل قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) مساعي الوساطة لضمان انتقال سلمي للسلطة. فقد أجرى عدد من قادة غرب إفريقيا يوم الجمعة الماضية، زيارة إلى بانجول، في محاولة جديدة لإقناع الرئيس المنتهية ولايته بالتنازل عن الحكم فيالموعد المحدد لذلك لإنهاء الأزمة السياسية التي تعيش على وقعها البلاد. وفي هذا الصدد، أوضح وزير الخارجية النيجيري، جوفري أونييما، أن الهدف من هذه الزيارة هو لقاء الرئيس جتمع من أجل الاتفاق على خارطة طريق مشتركة. نحن متفائلون أن المحادثاث لن تفشل هذه المرة. ومن جهته، دعا الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، نظيره الغامبي إلى ترك منصبه من أجل الحفاظ على أمن واستقرار غامبيا. وسبق للاتحاد الإفريقي وأن دعا الرئيس جامع إلى مغادرة السلطة سلميا، مهددا إياه بعواقب وخيمة في حالة رفضه ذلك، ومؤكدا أنه لن يتعامل معه كرئيس شرعي لغامبيا بعد ال19 جانفي. وكانت منظمة (إيكواس) قد تعهدت باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذ نتائج الانتخابات في غامبيا، حيث أعلن رئيس مفوضية المجموعة، مارسيل آلان دي سوزا، عن استعدادها التدخل باستعمال القوة لتحقيق رغبة الشعب، إذا لزم الأمر، وهو ما اعتبره الرئيس المنتهية ولايته بمثابة إعلان للحرب على بلاده، متعهدا بالبقاء في السلطة والدفاع عنها ضد أي عدوان. ومن جهتها، دعت منظمة الأممالمتحدة، إلى نقل السلطة إلى الرئيس المنتخب بطريقة سلمية ومنظمة، مجددة التزامها بدعم الجهود الرامية إلى تحقيق ذلك في احترام تام لإرادة الشعب. بدوره، طالب مجلس الأمن الاممي الرئيس الغامبي، بمراعاة إرادة الشعب تنفيذ عملية انتقالية سلمية سلسلة للسلطة للرئيس المنتخب أداما بارو بحلول 19 جانفي وفقا لدستور البلاد. وفي انتظار تنصيبه على رأس البلاد، ومع احتقان الوضع السياسي في البلاد، يتواجد الرئيس المنتخب أداما بارو، في السنغال، بينما اختار آلاف الغامبيين، أكثرهم من النساء والأطفال، اللجوء إلى السنغال وموريتانيا وغينيا بيساو، تخوفا من أي تدهور للأوضاع. ومع اقتراب موعد نقل السلطة، يبقى الغامبيون ومعهم المجتمع الدولي في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في هذا البلد الإفريقي الصغير، الذي لا يتجاوز عدد سكانه المليون و800 ألف نسمة ولا يتعدى قوام قواته الألف و900 عسكري.