لا يبدو الرئيس الغامبي يحيى جامع، مستعدا للتنازل عن السلطة لصالح منافسه الفائز بانتخابات ديسمبر الماضي، بالرغم من تهديد دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" باستعمال القوة ضده في حال تمسكه بموقفه. وفي خطابه ليلة السبت الماضي، قال جامع، الذي تلقبه بعض وسائل الإعلام ب"قذافي غامبيا"، لتشابه تصرفاته مع العقيد الليبي الراحل معمر القذافي: "دعوني أكون واضحاً جداً، نحن مستعدون للدفاع عن بلادنا ضد أي عدوان"، محذراً من أنه إن لم تتراجع إيكواس عن قرارها بالتدخل العسكري "فإن المأزق سيستمر، مع خطر التصعيد إلى مواجهة عسكرية".
وحذرت "الإيكواس"، الجمعة الماضية من أن "القوات السنغالية على أهبة الاستعداد للتدخل في غامبيا في حال رفض الرئيس يحيي جامع، ترك السلطة في 19 جانفي (الجاري)".
وغامبيا تعتبر من أصغر الدول الإفريقية، وعدد سكانها لا يتجاوز مليون و800 ألف نسمة، بينما لا تتعدى قواتها الألف و900 عسكري، كما أنها جغرافيا تمتد بشكل أفقي على طول نهر غامبيا، حيث تعد جيبا طويلا داخل الأراضي السنغالية التي تحيط بها من ثلاثة اتجاهات باستثناء الجهة الشرقية المطلة على المحيط الأطلسي.
وسبق للسنغال أن تدخلت عسكريا في غامبيا سنة 1981، وخسرت 160 قتيلاً، لإعادة الرئيس السابق دوود جاورا إلى الحكم بعد محاولة انقلاب انتهت بالفشل.
ودعم المغرب السنغال حينها عسكرياً، إلا أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أعلن هذه المرة أن بلاده لن تتدخل عسكرياً في غامبيا.
ويصر جامع، (51 سنة) على أن الحل الوحيد للأزمة، التي تعاني منها بلاده، تتمثل في إعادة الانتخابات بعد طعنه في نزاهتها أمام المحكمة الدستورية التي ستنظر في الطعن في 10 جانفي الجاري.
وأجريت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الأول من ديسمبر الماضي، حيث اعترف جامع، بهزيمته أمام منافسه زعيم المعارضة آدم بارو، وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات الغامبية عن فوز الأخير بأغلبية أصوات الناخبين بفارق قدره 60 ألف صوت وبنسبة بلغت 45.5% من الأصوات مقابل 36.7% لجامع، وكان يفترض أن تنهي فترة حكم جامع بعد 22 عاماً.
وبعد أن أقر جامع، بهزيمته في خطاب مقتضب بث مباشرة على شاشة التلفزيون بقوله، إن "الغامبيين قرروا أن أنسحب وصوتوا لشخص آخر لقيادة البلاد".
ثم أعقب ذلك باتصال هاتفي مهنئاً خصمه آدم بارو، مخاطباً إياه بقوله: "أنت الرئيس المنتخب لغامبيا أتمنى لك النجاح والأفضل"، مؤكداً على نزاهة العملية الانتخابية، ووصفها ب"الانتخابات الأكثر شفافية في العالم".
إلا أن جامع، عاد، كعادته في تفجير المفاجآت واتخاذ الموقف وضده، فشكك في نتيجة الانتخابات بعد أن أعلنت الهيئة مراجعة نتائج الفرز النهائية، تقليص الفارق في عدد الأصوات بين المرشحين من 60 ألفاً إلى 20 ألفاً فقط، وهو ما اتخذه الرئيس الغامبي، ذريعة للتنصل من قبوله بالنتيجة، متراجعاً عن تصريحاته السابقة في هذا الخصوص.