تعيش قرابة 200 عائلة القاطنة بالبيوت القصديرية بحي وادي الطرفة 1ببلدية العاشور حياة أقل ما يقال عنها إنها مزرية بسبب انعدام أدنى شروط العيش الكريم، حيث لم تجد هذه العائلات مكانا للعيش فيه سوى منحدر وادي الطرفة لتشييد على ضفافه أكواخا من القصدير بعد أن ضاقت بها الأرض بما رحبت ودفعتها الظروف الاجتماعية إلى الاستقرار في هذا المنطقة، هذا رغم المخاطر التي تحدق بهم على غرار انزلاق التربة وهو ما وقفت عليه السياسي خلال زيارتها للوقوف على الوضع الذي تعيشه هذه العائلات و التي اتخذت من القصدير بيوتا لها في ظروف تنعدم فيها أدنى شروط الحياة الكريمة، وسط مشاكل لا تعد ولا تحصى . وعود تتهاطل و معاناة تتواصل الزائر لمنطقة وادي الطرفة1 لا يشاهد الحي القصديري بل يظهر للعيان الفيلات والبنايات الفاخرة التي غطت الحي القصديري الذي ينتشر في منحدر الوادي، فالبيوت القصديرية لا تلاحظ للوهلة الأولى إلا بعد التقرب إلي منحدر الوادي وهو ما شد انتباهنا ونحن نتقرب من ذات الحي أين يقابلك مشهد رهيب يتمثل في عشرات البيوت القصديرية اتخذت من قاع الوادي مكانا لها، والجبال والمرتفعات تغطيها ماجعل بالخطر يتربص بها في أي لحظة خاصة في ايام الشتاء حيث اصبح غير قادرة في الكثير من المرات على تحمل المياه الجارفة التي تحصل كل فصل شتاء وعند تساقط الأمطار بغزارة، حيث تقضي العائلات ليالي بيضاء من الترقب خوفا من جرف سكناتهم خاصة بعد فيضان الوادي الذي اخذ العديد من الأكواخ القريبة من الوادي في السنوات السابقة، الآمر الذي يهدد حياتهم في كل لحظة، ناهيك عن الظروف العيش الكريم الغائبة بحكم أنهم يقطنون بالحي منذ سنة 1997 علما أن هذه البيوت متصدعة وهشة، حيث يتوقع سكان الحي سقوطها في أية لحظة رغم أنهم يقومون بترميمها بين الفترة والأخرى بما توفر لديهم من زنك وقصدير حتى يتمكنوا من البقاء تحتها سالمين لأيام معدودة. وهو ما أطلعنا عليه جل الأشخاص الذين التقيناهم والذين أجمعوا بصوت واحد وهو أن الحياة تنتهي عند هذا الحي القصديري المنعزل والمنقطع عن العالم إذ أن ما يشاهد من مناظر لا يكاد يصدق ، ركام بيوت و قصدير متناثر هنا وهناك وبقايا احجار وأسوار منهارة جراء فيضانات الأمطار الأخيرة والتي حولت المساكن إلى برك إذ أن آثار مياه الأمطار والطين لا تزال متجمعة بتلك التي تشبه الغرف والتي يبيت فيها الأشخاص ويمضون معظم أوقاتهم هنالك ليطلعنا عمر أحد ساكني هذا الحي بأن ما عاشوه خلال الأمطار الأخيرة يتكررعند كل تساقط للأمطار ليضيف بأنه عند تساقط الأمطار تتحول البيوت إلى برك ما يستدعي منهم إفراغ المياه بالدلاء ليتمكنوا من المكوث بها ، ونحن بعين المكان شاهدنا آثار الطين ومياه الأمطار الراكدة بالغرف ما حولها إلى ما يشبه غرف تبريد حقيقية لا يكاد أن يمكث بها شخص لدقائق فما أدراك من يمضون الليل بها إذ لا ينفع معها لا تزويد بالتدفئة والتي وجودها كعدمها وهو ما اطلعتنا عليه فريدة لتقول في هذا الصدد بأن إشعال المدفأة من عدمها أمرا واحدا فالبرد أقوى من كل تدفئة في ظل انعدام الغاز الطبيعي وانقطاع تيار الكهرباء في كل مرة لتضيف المتحدثة بأن أفرشتهم وأغطيتهم المبتلة بفعل الرطوبة لا تمنحهم الدفء بل تزيدهم بردا وألما ،ونحن بعين المكان لاحظنا كيف أن الأفرشة مبتلة عن آخرها إذ أجبر الكثير على تعريضها لأشعة الشمس علها تجف لتطلعنا سعاد فيهذا الصدد بأنه كلما أشرقت الشمس فإن اول ما يقومون به هو تعريض الأفرشة إلى أشعة الشمس للتخلص من الرطوبة والحصول على بعض الدفء. انجراف التربة خطر يتجدد مع كل فصل شتاء وما زاد حسرة السكان وتخوفهم هو تلك الأمطار الطوفانية الأخيرة التي هطلت دون انقطاع في الفترة الأخيرة والتي تحولت إلى جحيم محقق بالنسبة لهم خوفا من تجرفهم هذه الأخيرة إلى الوادي وتسبب في انهيار السكنات فوق رؤوسهم ، إذ ونحن بعين المكان لاحظنا بأن مياه الامطار لا تزال تنهمر بداخل السكنات وتصب من حولها وذلك بسبب وجود هذه السكنات بمنحدر حاد على ضفاف الوادي إذ ان المياه تنحدر تلقائيا بسبب الانحدار الحاد لتتجمع عند السكنات وتغرقها ، ومن جهة أخرى فإن مياه البالوعات للأحياء السكنية للعاشور تمر عبر سكنات الحي القصديري لتصب بالوادي ما ساهم في هشاشة التربة وانزلاقها إذ تظهر الأنابيب عبر الأسوار والتي يصب بعضها مباشرة داخل السكنات ما تسبب في تصدع الأسوار وأرضيتها وأسقفها ما دفع بسكان القصدير المتضررين إلى إصلاحها في كل مرة لكن دون جدوى فالعوامل الطبيعية أقوى من ذلك إذ تتسبب في عطبها وانكسارها ما يسمح للمياه بالتدفق حتما داخل السكنات ، ولا يقتصر الأمر على مياه الأمطار التي تجرفها الأنابيب لتمتد إلى مياه الصرف الصحي القذرة والتي تعبر أيضا عبر هذه السكنات ملوثة بذلك الجو إذ أن الروائح المقرفة تحبس الانفاس ما يوحي أن السكان يقبعون وسط معاناة لا متناهية لتجمعهم بمكان أشبه بحفرة و هي مكب لكل شيء من قاذورات ومياه صرف صحي وروائح كريهة وغيرها من الأشياء ،وقد تسببت الأمطار الأخيرة في تصدع أغلب المباني وانهيار الأسوار والأسقف ليروي لنا السكان الرعب الذي عايشوه والخوف من الموت ردما تحت الأنقاض يطاردهم مشبهين الأمر بزلزال قوي لتروي لنا عائلة برجي والتي انهار منزلها بالكامل ليلة الرعب والذعر الذي أصابهم مؤخرا غداة نزول الأمطار الطوفانية التي كادت ان تلقي بهم نحو الهاوية إلى قاع الوادي مهلكة بمن فيها من أشخاص وذلك لشدة الأمطار التي تهاطلت وتغلغلت وارتوت منها الأرض لتنفجر وتصيب أرضية الغرف بتصدعات تنبع منها مياه الأمطار وهو حال الجدران أيضا والتي انفصلت عن بعضها البعض بفعل قوة المياه الجارفة لتقول لنا مليكة بأنها للحظة فقدت الأمل في نجاة عائلتها وأطفالها لشدة وقع الأمطار لتضيف بأن المنزل كاد يهوي بهم فوق من تحتهم من جيران وإحداث كارثة وخسارة بالأرواح لولا لطف الله عز وجل ، وتضيف حنان والتي غلبتها دموعها ولم تتمالك نفسها بأنهم حسبوا أنفسهم هالكين لا محالة جراء ما حدث مؤخرا لتضيف بأنهم لم يناموا وكانوا ينتظرون ما هو أسوأ. الموت يتربص بالعائلات في اي لحظة لا تتوقف معاناة سكان الحي القصديري عند تهاطل الأمطار والأرضية الزلقة وانجراف التربة ليقف تهديد الأشجار العاتية المحيطة بالسكنات عائقا من نوع آخر إذ ينتظر السكان سقوط هذه الأخيرة فوق رؤوسهم في أي لحظة والتسبب في حتفهم بسبب الأشجار العملاقة ذات الجذور الطويلة المتغلغلة تحت الأبنية حيث أنه عند هبوب الرياح العاتية لا يكاد يغمض جفن لأحد خوفا من انهيار هذه الأخيرة وتحطيم البيوت على رؤوس أصحابها وهو ما أطلعنا عليه عبد القادر ليقول بأنه سبق وإن سقطت أشجار على السكنات والتسبب بتحطيم المنازل ليضيف بأن بيته انهار بسبب سقوط شجرة عليه ليضيف بأنه لحسن الحظ لم يصب أحدا بأذى ومن جهة اخرى فإن السكان وخوفا على سلامتهم قاموا وفي العديد من المرات بقطع الأشجار وإبعادها عن سكناتهم وهو ما أطلعنا عليه أحد السكان ليقول في هذا الصدد بأنه وجيرانه قطعوا اجزاء كثيرة من الاشجار وأخرى عجزوا عنها بسبب حجمها وكبرها ليضيف بأنهم ناشدوا السلطات البلدية لمساعدتهم في قطع الأشجار لضمان سلامتهم غير أن مطالبهم لم تلقى آذان صاغية. الحساسية والربو... امراض تفتك بقاطني الحي هذا و لم يخف سكان المنطقة تعرضهم لمختلف الأمراض الخطيرة كالحساسية والربو بسبب الرطوبة المرتفعة داخل السكنات التي يقطنونها منذ قرابة 20 سنة بالنسبة للبعض، ويضيف مراد بأن زوجته وأطفاله يعانون من الأمراض التنفسية ويترددون على المستشفيات بصفة مستمرة ليضيف بأن ذلك بسبب رطوبة السكنات والقصدير البارد ، من جهة أخرى فإن الوادي تنبع منه روائح كبيرة تحبس الأنفاس وتنبعث على بعد أمتار وهو ما زاد من إصابة السكان بالأمراض المزمنة وضيق التنفس لشدة تلوثه وقذارته لما يصب فيه من صرف صحي ومياه ملوثة. إضافة إلى التدهور البيئي الذي يتميز به الحي جراء الرمي العشوائي للنفايات في ظل غياب أماكن مخصصة لها ما تسبب في انتشار كبير للحشرات الضارة، فمن الفئران إلى الثعابين التي تزحف إلى داخل البيوت، إلى مختلف أنواع القوارض والحشرات. ولقد أكد بعض الذين تحدثنا إليهم أنهم قد ألقوا في العديد من المرات القبض على ثعابين من الحجم الكبير داخل بيوتهم، فيما تبقى حشرة الناموس العدو اللدود للسكان بسبب انتشاره الكثيف بالمنطقة خاصة في الليل. ....فصل الصيف معاناة أخرى يروي لنا سكان حي واد الطرفة 1 بالعاشور عن معاناتهم الدائمة والمتواصلة عبر الفصول الأربعة ليطلعنا بوجمعة والذي كان بصدد إعادة بناء منزله المنهار جراء الأمطار الطوفانية الأخيرة ليطلعنا بأن مرارة الوضع غذته قساوة الطبيعة ليقول بأن شتائنا طوفان وبرد وصيفنا حرارة وتهديد بالحيوانات الضالة التي تملأ المكان ، حيث أن المكان ملاذ للثعابين وهو ما أطلعنا عليه أغلب السكان الذين أوضحوا بأن الثعابين تعشش بين القصدير وتشاركهم سكناتهم ما يسبب لهم ذعرا كبيرا من أن يتعرضوا للافتراس من طرف هذه الأخيرة وهو ما أطلعتنا عليه زكية لتقول بأنه ومع حرارة الجو فإنها تخشى فتح النوافذ والأبواب خوفا من الثعابين ويضيف صالح في ذات الصدد بأنه يقضي معظم أوقاته خلال الصيف في مطاردة الثعابين وإبعادها عن منزله ، ومن جهة أخرى فإن القوارض فهي جزء من حياة سكان واد الطرفة حيث لا تغادر المكان شتاء أو صيفا بسبب قذارة الوادي وتعفنه حيث وجد منه الكثير من سكان الأحياء المجاورة والورشات لإلقاء القاذورات وتحويله إلى بؤرة عفنة تجلب القوارض وتحفز استفحال البعوض وهو ما أطلعتنا عليه جميلة لتقول بأن البعوض نال من أجساد أطفالها ، و للخنازير والذئاب شأن آخر حيث أن المنطقة تشتهر بتواجد هذين الحيوانين الخطيرين لتقول ياسمين بأن الذئاب والخنازير تسرح وتمرح بين المساكن في وضح النهار مهددة بذلك سلامتهم. السكان بصوت واحد :.. نريد الترحيل وفي ظل هذا الواقع الذي تعشيه هذه العائلات بضفاف الوادي يجدد المواطنين ندائهم للسلطات الولائية للوقوف على أوضاعهم وعلى رأسهم والي ولاية الجزائر وذلك لانتشالهم من الوضع المزري الذي يتخبطون به منذ 20 سنة وخاصة أن الوضع زاد عن حده بحلول فصل الشتاء أين تحطمت المساكن ولم تعد تليق لعيش البشر حسب تعبيرهم والتي حولت حياة الحي إلى واقع أليم وكأنهم يعيشون في العراء. رئيس بلدية العاشور يتبرأ ويلقى بالمسؤولية على الولاية وللاستفسار عن مصير هذه الاخيرة حاولت السياسي الاتصال برئيس بلدية العاشور دحمان سليني والذي اكد بأن البلدية أدت واجبها نحو سكان الحي القصديري واد الطرفة 1 وقامت برفع ملفات سكان الحي إلى السلطات الولائية ليضيف بأن البلدية ليس لديها ما تقوم به لهؤلاء السكان غير انتظار ما ستتخذه ولاية الجزائرالمسئولة عن عمليات الترحيل.