تواجه حوالي 480 عائلة بحي الأوراس بالأبيار، بقلب العاصمة، مصيرا مجهولا وذلك لحرمانهم من ظروف العيش الكريم والتي جعلتهم وكأنهم يحيون حياة بدائية، رغم تواجدهم بأرقى أحياء العاصمة، غير أن ذلك حرمهم من أدنى شروط العيش الكريم. ولم تلقَ النداءات المتكررة للعائلات المقيمة بحي الأوراس آذانا صاغية من قِبَل السلطات المتعاقبة على هذه البلدية، وهو ما رصدته السياسي خلال زيارتها الاستطلاعية لذات الحي ببلدية الأبيار، حيث رصدت الواقع المزري ل 268 عائلة قاطنة على مستوى حي الأوراس، ونقلت تصريحات عائلات تعاني منذ أزيد من 25 سنة، في بيوت من صفيح وأخرى عبارة عن شاليهات، أما البقية، فهي شاليهات بالأقبية تغيب فيها متطلبات الحياة الضرورية. الحياة البدائية تطوق سكان حي الأوراس بالأبيار يعيش سكان حي الأوراس ظروفا اجتماعية قاسية، وذلك لما فرض عليهم من حياة بدائية بسكناتهم الهشة والتي عزلتهم عن عيش حياة كريمة، حيث يلاحظ ذلك من مظهرها المشوه والذي يتنافى وعيش البشر، إذ أول ما يشد انتباه الوافد على هذا الحي هو طريقة تشييد سكناتهم المتشابكة ببعضها البعض، ناهيك عن المواد التي صنعت بها جدران وأسقف هذه البيوت والتي تبدو متشققة من العوامل الطبيعية التي تمر عليها من حر وأمطار، جعلت المكان يبدو كأطلال وسط العاصمة، ليطلعنا فارس في هذا الصدد من مقيمي المنطقة، بأن المنازل توشك على الانهيار جراء العوامل الطبيعية التي مر بها الحي. وشيدت أغلب أسقف البنايات بالقصدير وهو ما ساهم في تفاقم الوضع ورفع درجات الحرارة داخل السكنات التي تشبه الأقبية، تزامنا وفصل الصيف، ليطلعنا سليم في هذا الصدد، وهو أحد قاطني الحي، بأن السكان بالحي على حد سواء يواجهون الأمرين منذ سنوات عديدة، ليضيف بأنهم تلقوا وعودا متكررة وتعاقبت عدة مجالس على البلدية، لكن الأمر لم يتغير، ليبقى السكان يتطلعون إلى غد أفضل بعيدا عن هذه السكنات التي قضت على طموحاتهم ومستقبل شبابهم. الصرف الصحي وانتشار الحشرات ينغصان حياة السكان وعلى غرار ذلك، تفتقد أغلب المنازل على مستوى الحي لقنوات الصرف الصحي وهو ما زاد من تفاقم الوضع البيئي المتعفن للمنطقة، حيث أن الصرف الصحي الصادر من المنازل يدور بين المجمع السكني مما يخلّف روائح كريهة ونفاثة تحبس الأنفاس حيث أن أغلب هذه المنازل لم تزود بهذه الخدمة الضرورية، فيما توجد منازل أخرى ربطت بقنوات الصرف الصحي لتخلّف بين الطرفين مشاكل يومية بالجملة بسبب أن الصرف الصحي لبعض العائلات يمر على أبواب المنازل، ليقول رياض في هذا الصدد، أنه طالما حدثت مناوشات بين السكان بسبب مياه الصرف الصحي القذرة، وقد تسبب الربط العشوائي لقنوات الصرف الصحي عبر الحي في انتشار واسع للروائح المقرفة المسببة في انتشار البعوض والحشرات السامة على نطاق واسع، وهو ما يسبب الأمراض للأشخاص، لتطلعنا زهرة في هذا الصدد، أن أطفالها طالما أصيبوا بمختلف الأمراض المعدية من وراء لسعات الحشرات الضارة، وساهمت قنوات الصرف الصحي العشوائية والمربوطة بشكل غير لائق في انتشار القوارض حيث لا تكاد تخلو المنطقة من هذه الحيوانات الضالة والخطيرة والتي تتجول ليلا ونهارا وتعبث بالمكان، مشكلة خطورة على صحة المواطنين، ليطلعنا فاروق في هذا الصدد، أن الجرذان تقاسمهم الغرف وتنتشر عبر المساكن، ليضيف المتحدث أن ذلك يشعرهم بالخوف والتهديد الدائم. من جهتهم، يعاني أغلب سكان الحي الفوضوي من عدة أمراض أغلبها الأمراض التنفسية والجلدية بسبب البيئة المتعفنة التي تحيطهم، ليطلعنا هارون، أحد القاطنين بالمنطقة، بأن عائلته المتكونة من أربعة أفراد تعاني من الأمراض التنفسية والربو، ليضيف أن ذلك سببه الرطوبة الشديدة التي تعرفها المنازل. المنازل تتحول إلى برك طين في الشتاء وإلى أفران في الصيف نظرا لموقع المنازل التي بحي الأوراس والعشوائية، لحد كبير، وانتشارها بشكل غير منتظم، فإن هذه المنازل تتحول إلى برك طينية خلال فصل الشتاء، لتشابكها مع بعضها البعض ما يسمح بتراكم مياه الأمطار على جوانبها وبين أسوارها، وهو ما أطلعنا عليه سفيان، ليقول في هذا الصدد، أنه عند هطول الأمطار بغزارة، يتحول منزله إلى بركة من الأوحال، ليضيف بأن ذلك بسبب انهيار التربة وانجرافها نحو المنازل، ويشاطره الرأي سمير، ليقول بأن فصل الشتاء يفرض علينا معاناة كبيرة، ولا يقتصر الأمر على المحيط الخارجي للمباني، حيث أن التصدعات التي بجدران وأسقف هذه المنازل يسمح بمرور الأمطار إلى الداخل، ما يساهم في اشتداد البرودة ، لتطلعنا كنزة في هذا الصدد أنهم يمضون أياما باردة جدا خلال فصل الصيف، وتمتد المعاناة إلى فصل الصيف أين يجد السكان بالحي أنفسهم محاطين بالحرارة الشديدة التي تفرضها عليهم المنازل وذلك للارتفاع الشديد للحرارة، ليقول كريم في هذا الصدد، أن المنازل تتحول إلى أفران حقيقية خلال فصل الصيف، ليضيف بأن الحرارة لا تطاق ولا تحتمل مع ارتفاع بسيط لدرجاتها وخاصة بالداخل بسبب ضيق المنازل وانعدام فتحات التهوئة والنوافذ، وتقول حياة في ذات السياق، بأن الطاقة الضئيلة المزودة بها هذه المنازل لا تكفي لتشغيل المكيفات، مما يزيد من اشتداد الحرارة بداخلها. غاز البوتان.. ثالوث يلاحق سكان الحي وعلى الرغم من تواجد هذا الحي بمحيط عمراني راق، فإن ذلك لم يشفع له من التمتع بالغاز الطبيعي حيث أن السكنات لم تزود بهذا المورد الحيوي الهام بحجة أن السكنات فوضوية وغير قانونية، وهو ما لا يؤهلها لتربط بهذه الشبكة، إذ دفع الأمر بالسكان لاقتناء قارورات غاز البوتان عبر رحلات شاقة وتحمّل مشقة الترحال إلى البلديات المجاورة لاقتناء قارورة غاز، وهو ما أطلعنا عليه علي، ليقول في هذا الصدد، أن اقتناء قارورة غاز يجبره على التنقل إلى بلدية حيدرة أو ساحة أول ماي لاقتنائها. وتكمن صعوبة الوضع لتواجد الحي على شبه مرتفع ما يصعب عمليات نقل القارورات والصعود بها لغاية الحي، وهو ما أطلعنا عليه مراد، ليقول في هذا الصدد، أن نقل قارورة غاز من المنحدرات إلى الحي أمر مرهق للغاية، ويشاطره الرأي عمر، ليقول في هذا الصدد، بأن شاحنة توزيع الغاز لا تأتي إلا نادرا بسبب المسالك الوعرة، ليضيف أن ذلك فرض علينا التنقل، للحصول على قارورة الغاز . الأوساخ والقاذورات تحول الحي إلى مكب مفتوح للنفايات من المظاهر غير اللائقة التي يعيشها سكان الحي، غياب مكب نفايات منتظم مما جعل سكان الحي يلقون بفضلاتهم بطرق عشوائية، ما زاد من تلوث المحيط بالنفايات، حيث أن تراكم النفايات أصبح يحيط بجوانب أسوار المنازل، إذ فرض الوضع القائم على السكان وضع كل واحد منهم نفاياته بمحاذاة منزله ما جعل المنازل تبدو كمزبلة صغيرة، حسبما أوضحه سكان الحي، لتطلعنا زكية في هذا الصدد، أن كل واحد يفترض عليه الاحتفاظ بنفاياته أمام منزله ، وتتراكم النفايات بعين المكان حتى تبلغ درجة من العفونة، لتأتي بعد ذلك شاحنات البلدية وتقوم برفعها، ليقول فيصل في هذا الصدد، أن ذلك ما يحصل عادة وما زاد من أرق السكان هو ارتفاع درجات الحرارة الذي يشهده الطقس، حيث ساهم ذلك في انتشار واسع للروائح الكريهة التي لا تطاق، فرائحة القمامات المنزلية تحاصر المجمع السكني من كل زاوية ما أثار تذمر المواطنين الذين عبّروا عن سخطهم للتهميش والتمييز الذي يعيشونه، حيث أن موقع الحي بوسط حي راق يتمتع بكل مقومات الحي الكريم، أخرج السكان عن صمتهم ليطالبوا بالتفاتة السلطات وتحقيق وعودهم بترحيلهم إلى سكنات لائقة في أقرب الآجال. بعد أكثر من 25 سنة من المعاناة.. سكان حي الأوراس يستغيثون وفي ظل هذا الواقع الذي يعيشه سكان حي الأوراس، جددت هذه العائلات مطالبها المتمثلة في ترحيلها إلى سكنات لائقة، وإنهاء مسلسل المعاناة الذي تعيشه منذ قرابة ال30 سنة، في بيوت من القصدير والشاليهات لا تتوفر على أدنى شروط العيش الكريم.