يستأنف نواب الفترة التشريعية الثامنة عملهم تحت قبة البرلمان مطلع سبتمبر بعد عطلة استمرت لشهرين ،غاب خلالها ممثلو الشعب حتى عن التفاعل من مستجدات الساحة الوطنية،و يواجه البرلمانيون الجدد أجندة مكثفة بمشاريع ساخنة ستعرض للمناقشة والمصادقة خلال الدورة البرلمانية العادية الواحدة،و لعل ما يزيد من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم هو تزامن العهدة مع التحضير لاستحقاقات محلية ثم انتخابات رئاسية مقررة بعد أقل من سنتين. و يصطدم ممثلو الشعب بمشروع قانون المالية 2018 الذي يعتبر قنبلة موقوتة داخل البرلمان، بما يحمله من إجراءات جديدة في إطار سياسة ترشيد النفقات، خاصة وأن عديد الخبراء أشاروا إلى ان الحكومة لا تملك خيارات أخرى من أجل مواجهة مخلفات الصدمة النفطية التي ضربت الجزائر في 2015 . قائمة مشاريع النصوص التي تنتظر النواب الجدد والتي تتضمن أزيد من 20 مشروعا، تضم ملفات شائكة لن يكون الحوار حولها هادئا طبقا لتوقعات المتابعين للشأن السياسي. أهم هذه الملفات مشروع قانون الصحة العمومية الذي أثار جدلا واسعا أدى إلى تأجيل مناقشته والمصادقة عليه لمرات متكررة، فضلا عن مشروع قانون العمل الذي لا يزال هو الآخر محل مناقشة وإثراء بين الوزارة وممثلي النقابات. هذان المشروعان اللذان لم تقبل بهما النقابات المعنية رغم سعي وزارتي الصحة والعمل إلى تحقيق توافق حولهما من خلال فتح نقاشات موسعة مع الشركاء الاجتماعيين، ينتظر حسب المتتبعين أن يثيرا ضجة كبيرة داخل قبة البرلمان، في حال لم يتحقق التوافق التام حولهما خارج أسوار مبنى الهيئة التشريعية. كما تضم قائمة النصوص المعروضة على النزلاء الجدد لقصر زيغود يوسف، مشروع قانون الإشهار الذي تأخر عرضه على البرلمان هو الآخر، علاوة على مشاريع قوانين هامة أخرى ذات صلة بالدستور الجديد، منها مشروع قانون يضمن حماية المعطيات الشخصية ومشروع قانون يحدد كيفيات ممارسة الحق في الحصول على المعلومات والوثائق ونقلها، فضلا عن النصوص المكملة والمصححة لبعض الثغرات المسجلة في النظام الانتخابي وتحيين الإطار القانوني المنظم للتظاهرات والتجمعات ولعمل تنظيمات الحركة الجمعوية وتكييفه مع أحكام الدستور الجديد. تكييف النظام الداخلي و إن كانت الملفات المذكورة مرشحة فوق العادة لأن تحدث ضجة كبيرة داخل مبنى زيغوت يوسف بداية من سبتمبر 2017 ، فإن الانظار ستكون موجة كذلك إلى مسألة تكييف النظام الداخلي للبرلمان مع الدستور الجديد، والذي سيحتم على النواب العمل على جعل العهدة النيابية عهدة التزام من خلال الحضور المتواصل والإلزامي لهم، ومن شأنه أن يضع حدا للفوضى التي كانت سائدة داخل قبة البرلمان، عن طريق تفعيل إجراءات عقابية ضد النواب المتغيبين عن الجلسات. لهذا فإن أول عمل سينكب عليه النواب الجدد مع بداية العهدة هو المصادقة على النظام الداخلي الجديد الذي يضبط الذي يضبط عمل الهيئة التشريعية بغرفتيها والمنبثق عن الدستور الأخير، هذا النظام يفرض التزام النائب بحضور جلسات اللجان والجلسات العامة وتسجيل إجراءات الانضباط البرلماني اللازمة لذلك، فضلا عن ضبط آليات منع التجوال السياسي بين الأحزاب والكتل البرلمانية، وتقنين نظام الدورة البرلمانية الواحدة. خارطة جديدة و تخصصات أكبر و تمتاز العهدة الثامنة للمجلس الشعبي الوطني عن سابقاتها بتعدد وتنوع الألوان السياسية، بعد تأكيد المجلس الدستوري للنتائج النهائية لتشريعيات الرابع ماي، التي أفرزت دخول 35 تشكيلة سياسية منها 3 تحالفات، إضافة إلى عدد معتبر من النواب الأحرار الذين أصبحوا يشكلون القوة السياسية الرابعة داخل مبنى زيغود يوسف، كفاعلين أساسيين في هذه العهدة التي تمتد من 2017 إلى 2022. إن كانت الغلبة العددية لأحزاب الموالاة بادية للعيان من خلال ظفرها بقرابة ثلثي عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني، حيث تحوز الأحزاب الخمسة المعنية على 300 مقعد (الافلان 161، الارندي 100، تاج 20، الأمبيا 13 والتحالف الوطني الجمهوري 6) ، فإن الجبهة النيابية المنزوية تحت لواء المعارضة السياسية والتي تستفيد من حقوق دستورية جديدة، تمكنها من لعب دور أكبر في المجال التشريعي، مثقلة أيضا بأوزان فاعلة في الساحة السياسية. و تتصف التشكيلة الجديدة للمجلس الشعبي الوطني الجديد طبقا لتحليلات الملاحظين السياسين، بمستوى تمثيلي أقوى سواء في الفئات الاجتماعية والعمرية، حيث يتشكل المجلس من نسبة معتبرة من النواب الشباب، فضلا عن 119 إمرأة ونواب من مستوى تعليمي عال من بينهم عمداء جامعات وأساتذة باحثون في تخصصات متنوعة. كما تضم تشكيلة النواب الجدد نحو 79 رجل أعمال من مختلف التشكيلات والألوان السياسية، ينتظر أن يضفي تواجدهم بالهيئة التشريعية دعما للتوجه الاقتصادي الجديد الذي باشرته الجزائر .