عدد خبراء اقتصاديون في قراءتهم للأحداث المتسارعة التي انتهت إلى إقالة الوزير الاول عبد المجيد تبون جملة الاخطاء الفادحة لبعض الدوائر الحكومية في التعاطي مع الملف الإقتصادي و الإجتماعي و التي أفضت إلى إنهاء مهام تبون ،متوقعين أن تعرف التشكيلة الحكومية الجديدة بقيادة أحمد أويحيى بعض التغييرات على مستوى وزارات مرتبطة بالقطاع الإقتصادي من أجل ضمان أداء ميداني يليق ببرنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي جدد العهد مع الإنتصار للزوالية بقرارات حكيمة بعدما استقرأ الانعكاسات السلبية لقرار منع الاستيراد وتأثيرها السلبي على القدرة الشرائية للجزائريين و على صورة مناخ الإستثمار في بلادنا التي تبحث عن ميادين جديدة للإستثمار بغية التخلص من هيمنة صادرات النفط في ظل أزمة الأسعار التي تعرفها الاسواق العالمية . و قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية في تصريح ل السياسي أمس إن إقالة الوزير الاول عبد المجيد تبون كانت منتظرة نتيجة بروز مؤشرات قوية في الايام الاخيرة من ضمنها تدخل رئيس الجمهورية في تعليمته الاخيرة لتصحيح قرارات تبون ، أين وضع الرئيس حدا لفوضى الاجراءات المتعلقة بالاستيراد و اقر تحرير السلع المكدسة في الحاويات و التي تسببت في بروز بوادر أزمة تموينية حادة كانت ستؤدي إلى غليان اجتماعي كبير . و فتح عية النار على الإستراتيجية التي سير بها تبون الشهرين اللذين قضاهما على رأس الحكومة أين اتخذ جملة من القرارات المتسرعة و غير المدروسة بحسبه، ما أثر على الاقتصاد الوطني بشكل واضح . و من وجهة اقتصادية يعتبر أستاذ الإقتصاد في جامعة تيارت أن أكبر خطا وقع فيه تبون هو غلق باب الاستيراد لأنه جاء في ظرف غير ملائم تماما ،في وقت كان لزاما على الحكومة الجديدة فتح المجال للاستثمار لمجابهة الاحتكار و ليس الوقوف بوجه المتعاملين الاقتصاديين و اعطاء صورة غير مناسبة عن مناخ الاستثمار في الجزائر ، معتبرا أن وضع رخص الاستيراد ادى إلى سيطرة عدد من المتعاملين النافذين على السوق الوطنية في وقت كان ينبغي على الحكومة الجديدة خلق منافسة حقيقية بين المتعاملين و تحرير الاستيراد في عدد من القطاعات التي لم تحقق فيها بلادنا الاكتفاء الذاتي . قرار الحكومة الجديدة بوقف استيراد العديد من المنتجات كان سيرهن القدرة الشرائية للجزائريين ويزيد من نسبة التضخم الذي يلتهم أجور المواطنين بحسب محدثنا الذي قال إن التوجه الجديد في حال المضي فيه كان سيؤثر على التوازنات الإجتماعية و يؤدي بالبلاد إلى الهاوية. و من هذا المنطلق يتوقع الخبير عبد الرحمان عية أن تعرف التشكيلة الحكومية الجديدة بقيادة أحمد أويحيى بعض التغييرات على مستوى وزارات مرتبطة بالقطاع الإقتصادي من أجل تاكيد النية الإقتصادية ،خصوصا و أن العديد من الدوائر الوزارية لم تؤد دورها على اكمل وجه على حد وصفه –بحيث فشلت في اعداد خطط واضحة لإحلال الواردات تماشيا مع التوجه الجديد للإقتصاد الوطني . بدورهم عدد محللون اقتصاديون عجت بهم بلاطوهات التلفزيونات الخاصة امس مباشرة بعد ورود خبر تنحية تبون ، أسبابا أخرى للقرار ، مؤكدين ان الدولة لا تسيير بالقلم الاحمر، ومنع كل شيء دون إيجاد بدائل حقيقية في السوق الوطنية، والجزائر بحاجة الى دخول السوق العالمية ما يعني تقوية الانتاج الوطني، بغية منافسة المنتجات العالمية، وهذا لا يتحقق بالمنع الذي خلف آثارا اجتماعية كادت تتحول إلى غليان شعبي بفعل ندرة بعض المواد الاستهلاكية و الغلاء الفاحش الذي بلغته عديد المنتجات المستوردة و المحلية بفعل اختلال توازن السوق الوطنية نتيجة القرارات غير المدروسة للحكومة الجديدة ، وأكد خبراء ان اقتصاد الجزائر مبني على الاستيراد والقرارات الاخيرة، التي احالت الالاف من العمال الى البطالة، ناهيك عن الخسائر الجبائية والجمروكية التي تكبدتها الخزينة العمومية، مؤكدين ان ترشيد النفقات ضروري لكن يستوجب في نفس الوقت الحفاظ على التوازن وخلق بديل اقتصادي يمتص الاحتياجات الاجتماعية وموظفي شركات الاستيراد، وهذا يتطلب استراتيجية متوسطة وبعيدة الامد، ولا يأتي بين ليلة وضحاها، وبهذا يكون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد تدخل في الوقت المناسب ليجنب البلاد ازمة اجتماعية، باتت بوادرها واضحة للعلن، خاصة بعد الارتفاع الكبير في اسعار المواد الغذائية المحلية بسبب فقد السوق للمنافسة، هذا ما انتج احتقان وسط المواطنين.