بعد إنهاء مهام الوزير الأول السابق، عبد المجيد تبون، صاحب مبادرة الحوار مع الشركاء حول سياسة الدعم الاجتماعي، يتساءل العديد من المراقبين والفاعلين في المجال السياسي الوطني عن مصير هذه المبادرة التي رحبت بها عديد الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية الفاعلة حين إطلاقها. تبون الذي كان بصدد التحضير لإطلاق حوار يضم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وكان موضوعه مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي وإلغاء بعض الصيغ من الضرائب على الزوالية ، تفاجأ بإنهاء مهامه هو وثلاثة من طاقمه الوزاري ويتعلق الامر بوزير السكن يوسف شرفة ووزير الصناعة والمناجم محجوب بدة ووزير التجارة احمد ساسي. وقبل تسليم مهامه لأحمد أويحيى، لقي تبون ثناء الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي رحبت في مجملها بمبادرته للحوار ووتقاطعت مواقف الأحزاب المحسوبة على المعارضة حول نقطة إيجابية الحوار والنقاش بين الحكومة ومكوناتها وبين الأحزاب والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. ورغم الإلتفاف الكبير الذي حظيت به المبادرة الحكومية، إلا أن السواد الاكبر من المراقبين لا يعتقدون بان حكومة أويحيى الجديدة ستمضي في مبادرة الحوار، لعدة أسباب أبرزها ضيق الوقت، بحيث يرون أن الوقت المتبقي لإقرار قانون المالية 2018 ليس كافيا لإجراء مشاورات واسعة مع الفاعلين السياسيين (الأحزاب) والاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني حول سياسات الدولة في شق الدعم الاجتماعي. ولو أن العديد من المتابعين و الفاعلين ومنهم وزير الدولة الاسبق أبو جرة سلطاني يرون في الوزير الأول أحمد أويحيى شخصية جامعة بين الدبلوماسية والسياسة والتسيير والقدرة على التواصل والحوار مع الشركاء، إلا أنهم يستبعدون فرضية مضيه في مشاورات سلفه تبون، من منطلق أنه سيأتي بمخطط حكومي جديد، قد يكون مخالفا في بعض تفاصيله للمخطط الذي عرض في 23 جوان الماضي على البرلمان بغرفتيه. وسبق للسي أحمد في فترة توليه منصب مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أن قاد مشاورات سياسية واسعة حول تعديل الدستور في سنة 2014 أين التقى بمختلف الاطياف السياسية في الجزائر، واظهر قدرات كبيرة في الحوار مع أقصى الشخصيات الوطنية المعارضة، ليتمكن من تحقيق إجماع حول مسودة الدستور الجديد للبلاد والذي اعتمد رسميا في فيفري 2016. وكان الوزير الأول الاسبق، عبد المجيد تبون، قد أعلن خلال عرض مخطط عمل الحكومة الجديدة أمام البرلمان عن فتح مشاورات واسعة تضم الفاعلين السياسيين (الأحزاب) والاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني حول سياسات الدولة في شق الدعم الاجتماعي. ومنذ سنوات، يردد كبار المسؤولين في الدولة، أنه يجب إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي، كون جزء كبير منه يذهب إلى غير مستحقيه، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية، جراء ما يطلق عليه البعض الصدمة النفطية، ولعل الايام القليلة المقبلة كفيلة بتبيان الكيفية التي سيعالج بها رجل المهمات الصعبة هذه القضية الشائكة.