فرضت السلطات المغربية حضرا على تنظيم مظاهرات في شوارع بمحافظة الحسيمة شمالي البلاد، تزامنا مع الذكرى الاولى لحراك الريف ومعها ذكرى اغتيال بائع السمك محسن فكري سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات، الامر الذي ولد سلسلة احتجاجات عارمة في المملكة وأخرى بالخارج مساندة لها. وذكرت تقارير اعلامية ان السلطات في محافظة الحسيمة منعت المظاهرات العامة لمدة يومين متتاليين اعتبارا من اول أمس الجمعة بعد أن تم توجيه دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتنظيم مظاهرات احتجاجية. وكانت عديد الاحزاب السياسية والهيئات المدنية المغربية دعت إلى تنظيم وقفات احتجاجية بجميع مدن المغرب يومي السبت والاحد للتضامن مع معتقلي حراك الريف بالحسيمة وإنتفاضة العطش بمدينة زاكورة والمطالبة بإطلاق سراحهم والكشف عن حقيقة الجرائم المرتكبة ضد أبناء هذه المناطق خلال مسيرات الاحتجاج التي قاموا بها للمطالبة برفع المعاناة والتهميش الممارس بحقهم وتحقيق التنمية فيها. وذكرت نفس المصادر أن هذه الدعوة إلى الاحتجاج الجماعي تأتي من أجل التضامن مع معتقلي حراك الريف ومعتقلي زاكورة وعائلاتهم وباقي المعتقلين السياسيين والمطالبة بإطلاق سراحهم وإسقاط المتابعات في حقهم والاستجابة لمطالبهم والتنديد بسياسة الاعتقالات والقمع وخيار المقاربة الأمنية للدولة المغربية في مواجهة الحركات الاحتجاجية ومطالبها. الا ان غضب أهالي الحسيمة ونشطاء حراك الريف ودعواتهم لاطلاق سراح ابناءهم لم تلق صدى لدى هيئة الحكم التي تنظر في ملفات هؤلاء المرحلين الى الدار البيضاء والتي رفضت يوم الخميس جميع طلبات السراح المؤقت. وشهدت مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف المغربي احتجاجات لم تهدأ نارها منذ شهر أكتوبر من العام الماضي للمطالبة بالتنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد، وذلك في أعقاب وفاة بائع السمك محسن فكري المنحدر من مدينة أمزورن التي تعد معقل الاحتجاجات بالريف المغربي والذي قتل طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات خلال محاولته استرجاع سلعته السمكية المحجوزة من طرف الشرطة. وقد أثار تصرف سلطات المغرب تجاه هذه الاحتجاجات الشعبية غضبا عارما داخل المغرب وخارجه. فبدلا من الاستجابة للمطالب المشروعة للمتظاهرين قامت بالرد بقمع الحراك الشعبي بمنطقة الريف ومنعت الصحفيين من دخولها. كما قامت بإيفاد قوات امنية الى منطقة الحسيمة لاخماد الاحتجاج، يقول النشطاء والمتتبعون لهذه الاحداث. وشكل اغتيال بائع السمك محسن فكري الشرارة الأولى لحراك الريف الذي لا زالت تداعياته مستمرة إلى هذا اليوم. وتزامنا مع الذكرى الأولى للحراك الشعبيي الذي خلف العديد من الضحايا من المتظاهرين ومئات المعتقلين الذين زج بهم في السجون على إثر مشاركتهم في الاحتجاجات، يرى المتتبعون انه رغم مرور عام على هذه الاحداث فإن الواقع لم يتغير وأن أحوال الريف لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر، بل زادت الامور تأزما مع اعتقال حوالي 400 شخص فقط لأنهم خرجوا ليقولوا بصوت مرتفع لا للتهميش و ولا للحڤرة و نعم لتوزيع عادل لخيرات البلاد . ونقلت مصادر اعلامية عن سعاد الشيخي، عضو سابق بالبرلمان عن حزب العدالة والتنمية وعضو المجلس الجماعي بالحسيمة، أن حراك الريف الذي اندلع بسبب التهميش الاقتصادي والسياسي والتاريخي للمنطقة لم تظهر نتائجه الإيجابية بعدي بل بالعكس بقد تأزم أكثر خاصة وان المئات من النشطاء موجودون حاليا وراء القضبان. وشرحت الشيخي أن توقف الاحتجاجات جاء بسبب المقاربة الأمنية الشرسة التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة والتي لم يسلم منها حتى قطاع الإعلام ونشطاء التواصل الاجتماعي الذين ساهموا في توثيق الأحداث الدموية. واكدت ان سلطات المغرب لم تتفاعل مع المطالب الرئيسية الأساسية المتمثلة في الشغل والصحة والتعليم، وأيضا في فتح تحقيق نزيه حول وفاة محسن فكري ومجموعة من الوفيات التي وقعت بالمنطقة إبان حراك 20 فيفري. وطالبت الفاعلة السياسية بإسقاط جميع التهم عن معتقلي الحراك والإفراج عنهم، وأوردت أن المنطقة وخلافا لما يتم الترويج له فإنها تعيش على وقع أزمة حقيقية. من جهته، اعتبر مصطفى علاشي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة، أن جميع مظاهر العسكرة التي طالب نشطاء الحراك برفعها عن الإقليم لا زالت مستمرة رغم توقف الاحتجاجات والمظاهرات.