يشتد برد الشتاء خلال هذه الأيام، وتتفاقم معه معاناة آلاف المشردين ولم تعد مشاهدة من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أو من ينامون عند مداخل البنايات وأقبيتها، أمرا غريبا مع تزايد الظاهرة التي تنوعت أسبابها. هكذا يعاني المشردون في أيام البرد فالمتجول ليلا بين ارجاء العاصمة يرى معاناة هؤلاء المشردين، وهو ما لاحظته السياسي خلال جولتها الاستطلاعية. وفي هذا الصدد، تقول مريم احدى الاشخاص دون ماوى والتي تبيت في العراء في احد احياء وازقة باب الواد إنها تنام عند مدخل احدى العمارات، ملتحفة رداء من قماش لا يقيها البرد، لكنها ترفض الخوض في الأسباب التي حرمتها مأوى تلجأ إليه، مكتفية بالقول إن ظروفا عائلية أجبرتها على ذلك. واللافت في حالة مريم أنها مثقفة، وخلال الحديث معها كانت تحمل بين يديها كتابا بالفرنسية، وأكدت أن حلمها الوحيد الحصول على وظيفة تمكنها من استئجار غرفة للحفاظ على كرامتها. مريم ليست الوحيدة التي تعاني التشرد، وهو ما تؤكده تلك الحالات المختلفة التي تعيش دون ماوى في مختلف بلديات العاصمة وغيرها من ولايات الوطن متطوعون يطلق حملة للتكفل بالاشخاص دون ماوى. وفي ظل هذا الواقع الذي يعيشه العديد من الاشخاص بدون ماوى، عملت العديد من الجمعيات على تكثيف نشاطاتها التضامنية للتكفل بهؤلاء المشردين، لتمكينها من قضاء شتاء دافئ، من خلال تزويدها بعدد من المستلزمات الضرورية المتمثلة في المؤن والأفرشة والأغطية، حسبما اكده العديد من المنظمون لمثل هذه المبادرة الخيرية. وفي ذات السياق، بادرت جمعية سنابل الرحمة في مشروع إطعام الأشخاص بدون مأوى في عز الشتاء وتقديم يد العون لهذه الفئة الهشة من المجتمع عبر توزيع الأغطية والملابس عليهم لتقيهم البرد القارس الذي تعرفه ولاية وهران في الآونة الأخيرة. وهو المشروع الذي انطلقت فيه الجمعية بالتنسيق مع المحسنين والمتطوعين الشباب الذين تجندوا لتوزيع وجبات العشاء الساخنة على الأشخاص بدون مأوى سواء منهم المشردين، وحتى الذين يعانون من اضطرابات عقلية، حيث ستتواصل العملية حسب أعضاء الجمعية طيلة فترة الشتاء، حيث شكل المتطوعون بالجمعية أفواجا وجابوا مختلف المناطق التي تعج بالمشردين، خاصة بوسط المدينة، حيث كانوا على أتم الإستعداد لتقديم وإنجاح هذا المشروع التضامني. بن حبيلس: أطلقنا مبادرة مع وزارة الشؤون الدينية للتكفل بالمشردين ومن جهته، كشفت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، عن تشكيل لجنتين للتكفل بالمشردين وفاقدي المأوى بشوارع الجزائر العاصمة، مشيرة في السياق إلى أن منظمتها حققت الإستراتيجية التي وضعتها منذ 2014. وقالت بن حبيلس في حوار ضيف الصباح للقناة الإذاعية الأولى: بدون مبالغة حققنا الإستراتيجية التي رسمناها منذ مجيئي على رأس المنظمة في 2014، وهي نشر ثقافة السلم والمصالحة والتضامن . وأوضحت أن استراتيجية الهلال الأحمر تركزت أيضا على المناطق الحدودية وعيا منا بأنها العنصر الأساسي في ضمان أمن واستقرار ووحدة البلاد، ونحاول أن نكمل مجهودات الدولة حيث منحنا عيادات طبية متنقلة لولايات تمنراست وإيليزي وأدرار وسوق أهراس، وأخرى سنقدمها لبعض الولايات الحدودية الغربية. ومن أجل التكفل بالمشردين وفاقدين للمأوى بشوارع المدن، خصوصا العاصمة، كشفت بن حبيلس عن إطلاق مبادرة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية، وتم، حسبها، عقد اجتماع مع وزير القطاع بحضور جميع الفاعلين ومن مختلف القطاعات الوزارية فضلا عن جهازي الشرطة والدرك الوطني لاتخاذ الإجراءات المناسبة. وقالت إنه تقرر تشكيل لجنتين تتولى الأولى دراسة أوضاع هؤلاء المشردين والفاقدين للمأوى حالة بحالة، على أن تبحث اللجنة الثانية في حلول مستعجلة بحسب كل حالة. فالشارع يضم المريض عقليا، فهذا يمكن نقله للمستشفى لعلاجه، وهناك أيضا الشاب الذي أغلقت في وجهه الأبواب، وهنا علينا أن نسعى لفتح هذه الأبواب أمامه ليستعيد أمل الحياة. الشارع فيه أيضا امرأة غضبت من أهلها ففرت للشارع، وهنا يتدخل قطاع الشؤون الدينية لأداء دوره وغيرها من الحالات. والهدف في النهاية هو إضفاء ثقافة التضامن مع هؤلاء والتكفل بهم.