يشهد سد جرف التربة كل نهاية أسبوع وخلال العطل المدرسية وغيرها ( وعلى الخصوص حين ترتفع الحرارة ) إقبالا منقطع النظير من طرف سكان بشار وما جاورها للتنزه ، أو من قبل زوار الولاية لأغراض ومهام مختلفة . هذا لا يغطي عن الزيارات اليومية الأخرى للمواطنين الذين يقصدون السد لقضاء أطول وقت ممكن على ضفافه . السد يوفر مناخا مصغرا منعشا في بيئة صحراوية شديدة الحرارة . و يزداد الإحساس بمتعة المكان من خلال الجلوس تحت ظلال أشجارالغابة ( أيام الحر ) الملامسة لمياه السد والمنبسطة على مد البصر والمداعبة لليابسة بلطف . ينتابك الشعور وأنت تعيش هذه اللحظات النادرة المفعمة بنسيم منعش وكأنك على أجمل سواحل البحر في شمال البلاد وتنسى أنك في عمق الصحراء . مدير سد جرف التربة السيد عبار إبراهيم و نائبه السيد جبلي أحمد ذكرا أن عدد المواطنين الذين يأتون للتجول والإستراحة على ضفاف السد يعد بالآلاف خاصة في أوقات العطل والفصل الحار نظرا لأن هذا المكان هو الوحيد الذي يشكل استثناء بمناخه المصغر اللطيف حول محيط البحيرة الكبيرة للسد التي تغطي مساحة 22 ألف كلم مربع. كما يعد صيد الأسماك من أهم الهوايات التي يمارسها عدد هام من المواطنين حتى أنه تم تأسيس جمعية للصيد التقليدي لأسماك السد تضم 2000 عضوا . ويحقق المواطنون بممارسة هذه الهواية متعا عديدة . فإضافة إلى الترفيه عن أنفسهم فهم يمارسون هواية طهي السمك و تناول طعامهم مجتمعين ومنهم من ينصب خيمه ويقضي ليلته هناك. المؤسف الذي أشار إليه مدير السد هو عدم إلتزام بعض الشباب بتعليمات منع السباحة في مياه السد الخطرة جدا بسبب التوحل ( يحدث هذا في فصل الصيف على الخصوص ، وأدى ذلك إلى تسجيل حالات غرق عديدة ) . وهي مشكلة مثلما قال نفس المسؤول تصعب مراقبتها ، لأن بحيرة السد كبيرة ومترامية الأطراف ولا يمكن مراقبتها بالكامل و بالتالي يبقى الإعتماد على وعي المواطنين و مراقبة الأولياء لأبنائهم هو الحل الوحيد . وليمة للعرسان حول السد في ثالث يوم من زواجهم
آخرون أكدوا أن أغلب العائلات تأتي بأبنائها العرسان في اليوم الثالث من زواجهم إلى محيط السد في موكب من السيارات يشبه موكب يوم العرس فتقيم لهم وليمة في الهواء الطلق وتذبح لهم شاة فيأكلون رفقة ضيوفهم اللحم الذي يطهى في عين المكان ويسترجعون أجواء العرس مدة من الزمن قبل العودة إلى ديارهم . مما يؤسف له كذلك أن كل هذا الحراك لم يقابله اهتمام بتحسين الطريق إلى السد ولا أي نشاط استثماري . فالمكان يخلو تماما من أي مرفق وكل ما هو موجود أو ما يتبقى في الغابة الصغيرة براميل معدنية مقصوصة على النصف موضوعة لرمي القمامة فيها من أجل المحافظة على نظافة الموقع. مدير السد قال أنه يتمنى لو يظهر أصحاب أفكار استثمارية ولو بسيطة لتقديم خدمات للمواطنين . جرف التربة أحد أكبر سدود الإستقلال أنجز سد جرف التربة ما بين سنتي 1966 و 1968 في مدخل الخانق الصخري لجرف التربة ( الواقع ما بين بلديتي القنادسة و المريجة على بعد 65 كلم من عاصمة الولاية بشار) على وادي غير ، الذي يأخذ منابعه من جبال المغرب الأقصى . وتعد فترة إنجاز السد وجيزة مقارنة مع حجمه الأولي المقدر ب 350 مليون متر مكعب. و بذلك فهو أحد السدود الكبيرة المنجزة مباشرة بعد استقلال البلاد حيث يصل طول جداره المشيد بالخرسانة 950 مترا وعرضه 6.20 مترا و ارتفاعه 37 مترا . ويشكل جدار السد في نفس الوقت جسرا تعبر عليه السيارات و المركبات المتجهة نحو بلدية المريجة واستعمال السد كجسر سيتوقف بعد اكتمال الجسر الذي يجري إنجازه غير بعيد عن السد وهو مشروع يدخل ضمن تجديد الطريق الرابط بين بلديتي القنادسة والمريجة المتدهور كثيرا. الملاحظ أن حجم السد تقلص إلى 260 مليون متر مكعب بسبب التوحل الذي أتى على 25 بالمائة من سعته الأولية. سعة إمتلائه الفعلية تقدر ب 156 مليون متر مكعب. ووظيفة هذا السد مزدوجة ( الشرب و السقي الفلاحي ) . يضخ يوميا 40 ألف متر مكعب نحو محطة تصفية المياه الموجهة للشرب لسكان عاصمة الولاية بشار و القنادسة و العبادلة. ويطلق في المتوسط يوميا 90 ألف مترمكعب في الوادي تذهب إلى سقي محيط العبادلة الذي يبعد عن السد مسافة تقدر بحوالي 58 كلم. وظيفة السد في البداية كانت مقتصرة على توفير مياه السقي الفلاحي لسهل العبادلة إلا أنه وحسب السيد عبار عندما حدثت فترة جفاف سنتي 1984 و 1985 تحتم تزويد المواطنين بمياه الشرب من السد و تم إنجاز قناة طولها 65 كلم بقطر 800 ملم لتوصيل المياه إلى بشار والقنادسة والعبادلة. ويذكر مدير السد أنه قدم اقتراحا لبناء سد متوسط يقع بين السد الكبير الحالي والسد الصغير للعبادلة على أن يكون حجم السد المقترح يتراوح ما بين 50 إلى 60 مليون متر مكعب يخصص بالكامل للسقي الفلاحي ويكون بمثابة خزان لإستقبال المياه الفائضة عند امتلاء السد الكبير لتنحصر وظيفته في توفير مياه الشرب التي ستتزايد الحاجة إليها باستمرار مع التوسع العمراني وإزدياد عدد السكان.