أكد وزير المالية محمد جلاب أمس أن الحكومة لم تخفض قيمة الدينار كما يعتقد البعض، و كشف أن فوج العمل الخاص بمراجعة قانون الاستثمار سينهي عمله قريبا، وبعده ستقدم الوزارة ذلك في شكل مقترح للحكومة، بينما ألح عدد من أعضاء مجلس الأمة خلال مناقشة مشروع قانون تسوية الميزانية على ضرورة عصرنة الإدارة الجبائية والبنوك، وكذا مصالح الميزانية لضمان تسيير فعال للمال العام ورقابة أفضل عليه، وتساءلوا عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لضمان تنفيذ قوانين المالية بدقة، ومواجهة تقلبات أسعار النفط. ناقش أعضاء مجلس الأمة أمس مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2012 المقدم من طرف وزير القطاع محمد جلاب، و أبدى الأعضاء ملاحظات عديدة تتعلق على وجه الخصوص بطريقة مراقبة صرف المال العام وكيفية تشديد الرقابة البرلمانية في هذا المجال، وشددوا على ضرورة عصرنة الإدارة الجبائية، وقالوا أن تسيير قطاع الجباية والبنوك يتم بطريقة بالية. ولم يتعد عدد أعضاء مجلس الأمة المتدخلين في النقاش الثمانية، وفي هذا الصدد طالب عبد القادر قاسي بضرورة تقديم قانون تسوية الميزانية في شهر مارس الذي يلي إقفال السنة المالية المعنية، والتخلص من ن-2 لأن العالم يتحرك بسرعة، وطالب من الوزير تبسيط العرض الذي يقدمه في كل مرة خلال عرض مشروع قانون تسوية الميزانية، وقال إن الحكومة لا تقدم إجابات شافية عن انشغالات الأعضاء، ليصل للمطالبة بإلزامية عصرنة إدارة الجباية، وإلزامية تكوين إطارات الوظيفة العمومية، وتساءل عن ملايين الدولارات التي ستقدم لفريق ريال مدريد، وقال إن البعض يتصرفون في أموال الشعب كما يحلو لهم في وقت تدعو فيه الحكومة إلى ترشيد النفقات. وتحدث زميله صالح دراجي عن الإفراط في الاستيراد، وقال أنه يلاحظ في بعض الأحيان تناقضات بين الأقوال والأفعال في هذا المجال، حيث يكثر الحديث عن ضرورة تقليص الاستيراد لكن الواقع يؤكد أننا نستورد حتى البطيخ من الخارج، وهي برأيه جريمة كبيرة، وكذا الإكثار من اللجوء لمكاتب الدراسات الأجنبية التي تكلف أموالا ضخمة تكفي لتكوين إطارات عندنا في التخصصات التي نحتاجها، كما أشار إلى أنه من غير المعقول وضع المنتجين الوطنيين الذين يخلقون الثورة ومناصب الشغل على قدم المساواة مع المستوردين فيما يتعلق بالضرائب. أما السيناتور عبد الهادي مرسلي فتحدث على ضرورة تطبيق قانون المالية وتنفيذه بحذافيره لضمان التنمية في كل مناطق البلاد، وتساءل عن نسبة استهلاك ميزانية التجهيز، ولماذا لا تتعدى نسبتها في الجنوب 25 بالمائة؟ وما هي الإجراءات المتخذة لرفعها؟ ولماذا الوجود المحتشم لشركات الإنجاز الكبرى والشركات الأجنبية في الجنوب؟ وتساءلت رفيقة قصري عن الإجراءات المتخذة لرفع البيروقراطية المسجلة في عملية التجهيز. من جهته اعتبر العضو آدم قبي التسيير القائم حاليا في وزارة المالية باليا، وقال أنه من غير المعقول أن تفرض ضريبة على اجور الموظفين تقدر ب 32 بالمائة في حين لا تفرض الضريبة على أرباح الشركات الكبرى إلا بنسبة 13 بالمائة ولا تدفع بشكل مباشر، فأين هي العدالة الجبائية هنا؟ كما أشار إلى أن أموال صندوق ضبط الإيرادات تستخدم في بعض الأحيان خارج القانون. وتساءل حسني سعيدي عن مصير الصناديق الخاصة، وعن الإجراءات المتخذة لمواجهة تقلبات أسعار النفط؟ وعن النتائج المسجلة في مجال الاستثمار بالنظر للتحفيزات الكبيرة التي أقرتها الدولة في هذا المجال؟ أما السيناتور موسى تمدارتازا فقد دعا إلى رقابة برلمانية أكبر على تسيير المال العام، وعن ضرورة التفكير في مشروع جديد لعصرنة الميزانية، والمصادقة على قانون تسوية الميزانية قبل المصادقة على قانون المالية. والجدير بالملاحظة أن جل التدخلات تقريبا كانت من الأعضاء المنتمين لحزب جبهة التحرير الوطني الذين وجهوا انتقادات لمشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2012، وقد رد الوزير على كل انشغالات الأعضاء بنفس الإجابات التي قدمها لنواب المجلس الشعبي الوطني وسيتم التصويت على المشروع غدا الأربعاء.