ما تزال مدينة بئر العاتر التي تعدّ اليوم زهاء 100 ألف نسمة أو تزيد عاجزة عن توفير فضاءات ترفيهية تكون ملاذا للشباب و الأطفال ، للترويح واللعب لاسيما أيام العطل ، وأداة للتخفيف من الضغط الكبير الذي يعاني منه سكان المدينة ، والناجم عن الزيادة السكانية الكبيرة ورتابة الحياة اليومية، والناجم أيضا عن مخلفات الزحف الإسمنتي الذي أصبح يخنق المدينة ويطوقها من كل جانب، ولا يترك لسكانها متنفسا بسبب التوسع العمراني وتواطؤ المتواطئين، بئر العاتر مليئة بالمقاهي والمتاجر، ولكن قلما تجد أماكن مخصصة للترفيه وقضاء أوقات الراحة، حيث أصبحت بعض الأسر العاترية تضطر مرغمة إلى شد الرحال إلى مناطق خارج المدينة، قاطعةً المئات من الكيلومترات ، لتعويض هذا النقص في المرافق والفضاءات الترفيهية خاصة في أيام العطل لانعدام تام لوسائل الراحة ، وبين لامبالاة المسؤولين وغياب الإرادة الحقيقية لديهم من أجل تغيير الوضع ، يقضي الكثير من الشباب و الأطفال، للأسف، أوقاتهم متسكعين في الأزقة والشوارع، يلعبون في الدروب وفي وسط المزابل ويتسلون بالتراب ، أو يرتادون مقاهي الإنترنت للإبحار في الشبكة العنكبوتية دون حسيب أو رقيب إلى ساعات متأخرة من الليل، وعلى الرغم من أن المجالس البلدية تقرر أو تساهم في إنجاز وصيانة وتدبير التجهيزات الاجتماعية والثقافية والرياضية، وعلى رأسها المنتزهات ومراكز الترفيه، لم تستطع المجالس البلدية المتعاقبة تغيير الوجه الكالح للمدينة المجاهدة، ولا إحداث مرفق حيوي أو فضاء ترفيهي من منطلق الحاجة البشرية والضرورية التعميرية، بل ما يزال الإهمال سيد الموقف والإحجام السمة الغالبة على تفكير هذا المجلس المنتخب الذي كان الجميع يتوسم فيه الخير الكثير .. ولا شك أن انعدام فضاء ترفيهي بالمدينة ليؤشر في مقام أول، عن غياب حس جمالي وإنساني لدى المسؤولين المحليين الذين لم تتركهم المشاكل المتراكمة يفكرون في رؤية إستراتيجية بيئية جمالية تحتل لديهم مقاما ثان، ما يدفع إلى طرح أسئلة كثيرة عن دور هذه المؤسسة ، ورغم ذلك يبقى الأمل كبيرا وقائما أن يسد المجلس البلدي لبلدية بئر العاتر هذه الثغرة ويلم هذا الشعث ، ويعيد البسمة والفرحة إلى الآلاف من شباب و أطفال المدينة ، بتوفير حدائق ومنتزهات مريحة ومرافق وفضاءات ترفيهية لائقة ، وفي مقدمتها إنجاز مسبح لأبناء المدينة لممارسة السباحة لتلطيف الأجواء المناخية الحارة التي تعرفها المنطقة خلال فصل الصيف ، بدلا من الذهاب إلى الوديان والبحيرات الراكدة التي لا تؤمن جوانبها ، لما تشكله من أخطار على حياة مرتاديها ، وفي حديثنا مع بعض الآباء بالمدينة ، تأسفوا للصمت الغريب الذي يلف قضاياهم ، وفي مقدمتها غياب مسبح بلدي، وانعدام الفضاءات والمرافق الخاصة بها، وناشد الآباء المعذبون بما آل إليه الوضع كل من له ذرة من عشق لمدينة بئر العاتر الضاربة في شعاب التاريخ والتي تجاوز صداها حدود الوطن، للدخول على الخط من أجل توفير الحد الأدنى ليعيش هؤلاء الشباب و الأطفال شبابهم و طفولتهم بكل شغفها كباقي شباب و أطفال المجتمعات التي لها تاريخ مشرق، وأن يجتهد المسؤولون في إنقاذ أطفال المدينة من براثن الانحراف وعصابات الإجرام التي باتت تترصد البراءة لإغراقها في مستنقع الرذيلة الذي عرف منحناه البياني تصاعدا خطيرا في غياب تام للأولياء والجمعيات والسلطات المعنية، مما يجعلنا نطلق صرخة استغاثة قبل فوات الأوان لانتشال الطفولة من مهاوي الضياع والفساد ، والعمل على الرقي بها نحو درجات الكمال البشري باعتبار أن أطفال اليوم هم رجال الغد، أحد نواب رئيس بلدية بئر العاتر وفي رده على انشغال الأولياء و شباب وأطفال المدينة المتعلق بحقهم في توفير المرافق الترفيهية أكد أن المجلس البلدي يدرك حقيقة الإدراك ما تعانيه المدينة من نقص كبير في المرافق الموجهة للشباب لممارسة هواياته ونشاطاته، وفي هذا الإطار كشف محدثنا أن البلدية خصصت 5 مليار سنتيم لإنجاز حديقة تتربع على 5 هكتارات بالمدخل الشمالي للمدينة تتوفر على كل المرافق الخاصة بالأطفال من المنتظر منح الشطر الثالث من المشروع للمقاول في وقت قريب ، كما استفادت البلدية من مسبح نصف أولمبي لم تنطلق به الأشغال لحد الساعة، فضلا على الملعب البلدي الجديد الذي يتسع لألف متفرج والذي انتهت أشغاله ليكون فضاء للرياضيين ، مضيفا أن البلدية اقترحت مرافق أخرى لفائدة سكان المدينة ستعرف النور لاحقا ، دون أن ننسى عمليات الترميم التي استفادت منها دار الشباب والقاعة المتعددة الرياضات .