عبد الحميد بن باديس لم يكن ضد العمل المسلح لكنه فضل جبهة المجتمع استعرض أمس عدد من تلاميذ العلامة عبد الحميد بن باديس مساره النضالي و مساهماته الكبيرة خلال حرب التحرير الجزائرية ،سواء من خلال تكوين النخبة المثقفة لمواجهة المخطط الاستعماري المستهدف للهوية الجزائرية، أو بفضل عدد تلاميذ مدارسه الذين تسلحوا بالعلم، ثم التحقوا بالجبال، مؤكدين بأن العلامة لم يكن ضد العمل المسلح، لكنه فضل خوض معركته على جبهة المجتمع الذي دافع عن مقوماته بسلاح العلم . و أشار تلميذ العلامة عبد الحميد بن باديس، الأستاذ و المجاهد مصطفى بوغابة ، خلال تنشيطه لمنتدى الذاكرة ، الذي نظمته أمس بمعهد بن باديس بقسنطينة، جمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع جريدة المجاهد و مؤسسة عبد الحميد ابن باديس ، في إطار الاحتفالات المخلدة لذكرى 59 لليوم الوطني للطالب، بأن عبد الحميد بن باديس، اختار النضال على جبهة المجتمع الذي استهدفه المستعمر بشكل مباشر، من خلال نشر الأمية و الجهل و المساس بمقومات الهوية الوطنية، لذلك فضل بن باديس محاربة الجهل من خلال تكوين أجيال من الطلبة و فتح المدارس للحفاظ على اللغة العربية و دين الإسلام ، كما كانت دور الطلبة و مدارس جمعية العلماء المسلمين، ملجأ لمجاهدين مطلوبين لدى إدارة المستعمر. الندوة التي نشطها أساتذة جامعيون تناولت بالنقاش مساهمة طلبة معهد بن باديس في الحفاظ على الهوية الوطنية و التحاقهم بالثورة التحريرية ، وذلك تخليدا لذكرى الطلبة الشهداء، حيث تمت الإشارة إلى أن معهد بن باديس و دائرة التربية و التعليم تحديدا، لعبت دورا أساسيا كمؤسسة تعليمية و سياسية خلال حرب التحرير، بفضل تكوينها للطلبة فكريا و نضاليا، بشكل سمح بتعزيز صفوف الثوار بمجموعة من المناضلين المتسترين تحت عباءة الطالب، أكد المجاهد مصطفى بوغابة بأنهم لعبوا دورا أساسيا في طبع منشورات الثورة التحريرية المجيدة و توزيعها و من بينها بيان أول نوفمبر الذي طبع داخل معهد بن باديس في 6 من نوفمبر 1954.كما أن عددا كبيرا من رواد جمعية العلماء المسلمين، و تلاميذ العلامة شكلوا قاعدة نضالية سياسية متينة لعبت دورا فعالا، كما أضاف المتحدث، في تنشيط الحركة الوطنية بالموازاة مع نشاطات حزب الشعب و أحزاب أخرى، كانت بمثابة الوجه السياسي للثورة التحريرية. وخلال حديثه عن دور جمعية العلماء المسلمين، تطرق المجاهد إلى إشكالية اللغة العربية و الفرنسية و الصراع الأزلي بينهما، مؤكدا بأن هذا الصراع لا يزال قائما إلى حد الآن داخل المدرسة الجزائرية التي لا ترقى ،حسب تعليقه، إلى المستوى المطلوب، ما جعل التلاميذ و الطلبة يتحولون إلى فئران تجارب تطبق عليهم في كل مرحلة جديدة أنظمة تعليمية فاشلة و عاجزة عن تكوينهم بالشكل المطلوب، موضحا بأن هذا الصراع بين المدرسين لطالما كان دائرا خلال الثورة و حتى بعدها. و بخصوص موقف جمعية العلماء المسلمين من مسألة اللغة، كشف الأستاذ بوغابة بأن بن باديس، لم يكن ضد الفرنسية كلغة من الواجب تعلمها كغيرها من اللغات في إطار التكوين، لكنه كان مقتنعا بأن اللغة العربية تجسيد للهوية و ممارستها حفاظا على شخصية المجتمع الجزائري العربي المسلم.الندوة التي حضرها عدد من أعضاء مؤسسة عبد الحميد باديس و على رأسهم شقيقه عبد الحق بن باديس، عرفت في ختامها تكريم المجاهد مصطفى بوغابة و دعوة الحاضرين من تلاميذ العلامة إلى توثيق ذاكرتهم لتكون بمثابة شهادات دقيقة تسلط الضوء على حقيقة بعض الوقائع و الأحداث و تصحح كافة المعتقدات و المغالطات التاريخية الشائعة.