مائدة مستديرة حول شيوخ المالوف القسنطيني أقيمت أول أمس مائدة مستديرة خصيصا للحديث عن شيوخ المالوف الذين ساهموا في تطوير الغناء القسنطيني في القرنين الماضيين، بقاعة العروض بقصر الثقافة مالك حداد من تنظيم دائرة التراث اللامادي والفنون الحية. المائدة المستديرة التي ترأسها الباحث في المالوف محمد علمي، تناولت حياة و مسار كل من الشيخ أحمد بسطانجي و عبد الكريم بسطانجي ،و الشيخ علي خوجة المعروف بسي حسونة، العربي بلعمري وعلاقتهم بتطوير فن المالوف عبر شهادات عائلاتهم و أصدقائهم و زملائهم و مختصين في الموسيقى العربية. محمد علمي أكد، في كلمته، بأن هناك شبه قطيعة مع تراثنا العريق، معتبرا بأن جلسات النقاش و الحديث حول التراث، تساهم و لو بشكل بسيط في تصالح المدينة مع فنها و حضارتها و ثقافتها. ابن أحمد بسطانجي تحدث عن والده ، قائلا بأنه كان فنانا صوفيا تأثر بالحنصالية ،حيث اعتبر المتدخلون بأن الشيخ بسطانجي هو أول من أدخل القصائد الصوفية إلى موسيقى المالوف، نظرا لتأثره بالمدرسة الصوفية، خاصة الحنصالية التي اعتبر المتدخلون بأن الشيخ الزواوي هو أول من أتى بها إلى مدينة قسنطينة. محمد العلمي اعتبر الشيخ أحمد بسطانجي هو أول من أدخل الآلات الموسيقية على الغناء الصوفي في قسنطينة، حيث كان يؤدى من قبل بالأصوات فقط ، و أرجع له الفضل في حفظ و تحويل الكثير من قصائد الزهد إلى نوبات موسيقية أضحت تزين التراث القسنطيني حاليا ،على غرار قصيدة العقيقية لسيدي سعيد المنداسي و قصيدة الفياشية لأحمد شرفي. أما الشيخ حسونة علي خوجة، ابن حي سيدي جليس، فقد اعتبره المتدخلون الفنان الذي أصر على الفن رغم أن الغناء في تلك الفترة أمر صعب، نظرا للظروف التي كان يعيشها الشعب الجزائري وقتها، كما أصر على الثقافة، حيث عرف بلقب "الفنان المثقف" في المدينة القديمة، إذ أنه أول من أدى أشعار أبو فراس الحمداني و شعراء آخرين عرفوا بأداء أشعار بالعربية الفصحى ،حيث حولها الشيخ حسونة إلى استخبارات ضمن فن المالوف. و أجمع المتدخلون بأن أكبر خصلة يمكن أن تذكر للشيخ حسونة هي مشاركته في جمع الأجزاء الثلاثة لكتاب الموشحات والأزجال التي كتبت لأول مرة في كناشة صغيرة بخط اليد، إذ تعتبر هذه الكناشة حاليا أهم مرجع لموسيقى المالوف، وقد تم هذا الجمع بإشراف المعهد الوطني للموسيقى. المتدخلون اعتبروا بأن الشيخ بلعمري محمد العربي هو أهم حافظ للقصائد، حيث أظهر قوة الذاكرة في حفظ التراث الموسيقي القسنطيني، و نقله إلى الجيل الأقل منه سنا، مثل قدور الدرسوني ،الخوجة بن جلول، وريمون ليريس . وأضحى بذلك أحد أهم الوجوه المرجعية في مجال التراث الفني القسنطيني. أما عازف العود عبد الكريم بسطانجي الذي تكون على يد أشهر عازفي العود في المغرب العربي ،على غرار اليهودي نسيم بوكبوس و ساهم بشكل كبير في تكوين أشهر عازفي العود الذين برعوا بعد تعلمهم على يديه على غرار موريس إيدري. توجت المائدة المستديرة حول شيوخ المالوف بوقفة تكريم و تقدير و عرفان لعائلاتهم، ثم نظم على شرفهم حفل فني من تنشيط مطرب المالوف توفيق تواتي.