أكد المدرب المساعد في الطاقم الفني الوطني نبيل نغيز، على أن اللاعب المحلي يبقى بحاجة ماسة إلى عمل إضافي، لتغطية النقائص الكبيرة التي يعاني منها، ما يجعل الاحتراف الخيار الأنسب لكل من يبحث عن مكانة دائمة في المنتخب، لأن الجاهزية من جميع الجوانب تعد المعيار الأساسي لضبط التعداد المعني بالمشاركة في التربصات والمباريات، رغم أن العديد من العناصر المحلية تحصلت مؤخرا على فرصتها، في ظل فتح الطاقم الفني الوطني ورشة على مستوى محور الدفاع، والتي ما تزال أشغالها جارية على مراحل. نغيز فتح قلبه للنصر في حوار تحدث فيه عن الأجواء السائدة وسط «الخضر»، وسر نجاحهم في هذه المرحلة، إضافة إلى تقييمه لمستوى البطولة الوطنية، وبعض المحطات من مسيرته، ويومياته خلال شهر رمضان، و أمور أخرى نقف عليها بالتفصيل في هذا الحوار الحصري. حاوره: صالح فرطاس في البداية نشكركم على الموافقة على إجراء هذا الحوار، و بودنا أن نستهله بالحديث عن أجوائكم الإستثنائية خلال شهر رمضان؟ لا أخفي عليكم بأنني من القراء الأوفياء لجريدة «النصر»، وعلاقتي بصفحاتها الرياضية تمتد لسنوات طويلة، إلى درجة أنني أصبحت من المدمنين عليها، كونها تزودني بأخبار الأقسام (الهواة والجهوي)، فضلا عن تركيزها على النصوص القانونية في القضايا الشائكة، وهذا مهم بالنسبة للرأي العام، الأمر الذي ألفناه على مدار مواسم عديدة، لما كنت أعمل في فرق شباب حي موسى، مولودية قسنطينة، مولودية أوقاس، شباب جيجل وشباب عين فكرون، وعليه فإنني أسعد بالتواصل معكم، والحديث عن شهر لم أقضه مع العائلة منذ نحو 10 سنوات، بسبب إرتباطاتي المهنية، لما عملت في عديد أندية الرابطة الثانية كوداد تلمسان، «السلاحف»، «الموك» و أولمبي المدية... لكن هذه المرة أنا أصوم رمضان رفقة عائلتي بمدينة جيجل، لكن من دون أي تأثر من الصيام، كوني لست مدمنا لا على القهوة ولا على السجائر، وأخصص الكثير من وقتي للصلاة وتلاوة القرآن، حيث أنهض في حدود منتصف النهار، لتأدية الصلوات في المسجد، والإفطار يكون مع الأسرة الكريمة. الدفاع ما يزال ورشة مفتوحة بحثا عن حلول ناجعة هذا ويبقى طبقي المفضل «الشربة» بالبوراك أو البيتزا، وبعد التراويح تكون لي جلسة مع الأصدقاء في المقهى لمدة ساعة واحدة، في مكاني المفضل «فيلاج» موسى، لأنني أرتاح كثيرا في الحي الذي تربيت وترعرعت فيه، لتتواصل سهرتي في المنزل إلى غاية تأدية صلاة الفجر، وسحوري يكون بتناول اللبن مع الكسرة «رخسيس» بطعم جيجلي خاص، أكلات اشتقت إليها في السنوات الماضية، لأن صيام رمضان بعيدا عن العائلة يفقد الإنسان الكثير من الخصوصيات المقترنة بشهية الطعام وكذا الأجواء المميزة لهذا الشهر. نظريا ما مدى تأثير الصيام على اللاعبين، سيما وأن هذا الشهر أصبح يتزامن مع فترة التحضيرات للموسم الجديد؟ من الصعب على الرياضيين بذل مجهود بدني كبير في التدريبات خلال رمضان، لأن الجسم يبقى بحاجة ماسة إلى إستعادة الطاقة المفقودة، ما يجبرهم على شرب كميات معتبرة من المياه خلال وجبة الإفطار، والصعوبة تكون أكبر خلال الأيام الثلاث الأولى، قبل أن يتعود الجسم على النظام الجديد، لكن تزامن شهر الصيام مع فترة انطلاق التحضيرات يدفعنا إلى النظر إلى هذه القضية من زاوية مغايرة، كون التدريبات شاقة، ويتم خلالها التركيز كثيرا على الجانب البدني، حيث يكون اللاعب مرغما على بذل مجهودات كبيرة، و بالتالي فمن الأفضل عدم برمجة حصص طيلة النهار، و الإكتفاء بحصص السهرة، تكون فيها قابلية لدى اللاعب لتجسيد البرنامج من دون التخوف من أية آثار جانبية، لأن الصيام يتسبب في غالب الأحيان في إثارة الأعصاب و النرفزة بالنسبة للكثيرين. يظهر أنكم من الذين «يتنرفزون» كثيرا في رمضان، بحديثكم عن هذه الآثار السلبية لدى اللاعبين، أليس كذلك؟ كلا... أنا هادئ في هذه الفترة، وليس لي تواصل كبير مع المحيط الخارجي طيلة النهار، لأنني أخصص أطول وقت ممكن للصلاة و قراءة القرآن، مع المكوث في البيت، وحديثي عن تلك الأعراض مستمد من تجربتي الميدانية، لأن الرياضيين يكونون الأكثر نرفزة عند بذل مجهود بدني إضافي، وقد سبق لي أن عايشت ظروفا خلال رمضان، أبرزها ما وقع لي في أواخر 2007 لما كنت مدربا لشباب جيجل، وذلك في مباراة أمام الضيف أولمبي الونزة، حيث فقدت أعصابي تحت تأثير الصيام، وأكثرت من الاحتجاجات على قرارات الحكم، إلى أن وجدت نفسي أوجه التشكيلة من المنصة الشرفية بعدما تم إبعادي دون أن أشعر، وفي لقاء العودة أمام نفس المنافس عشت ظروفا إستثنائية، وأتذكر جيدا أن هذه المواجهة جاءت بعد أسبوع من تأهل الونزة في منافسة كأس الجمهورية على حساب مولودية الجزائر، وقد وجدنا صعوبة كبيرة في مغادرة أرضية الميدان ثم الملعب، بسبب التعادل الذي فرضناه. قلة المرافق و «الطارطون» أسباب تدني مستوى البطولة بصفتك مكلف بمعاينة اللاعبين المحليين، ما تقييمكم لمستوى البطولة الوطنية بعد متابعتكم الكثير من المقابلات الموسم الماضي؟ الحقيقة أن مستوى البطولة الجزائرية يتأرجح بين المتوسط والضعيف في أغلب المباريات، رغم أننا خلال الموسم الفارط كنا قد عايشنا منافسة مثيرة، احتفظت بجميع أسرارها إلى غاية الجولات الأخيرة، وهذه الإثارة تعد من الأسباب التي كانت وراء تدني المستوى الفني، في ظل بحث كل الفرق عن النتائج لتحقيق أهدافها المسطرة، دون تجاهل مشكل قلة المرافق الرياضية، لأن العشب الاصطناعي لا يساعد على تطوير مستوى اللاعب، ويؤثر بصورة مباشرة على مردوده، ولو أن بعض المقابلات كانت في المستوى، لكننا بحاجة إلى بطولة أفضل في المواسم القادمة. يفهم من كلامك بأنك لست مقتنعا بمؤهلات اللاعب المحلي، ما يؤكده غيابه عن المنتخب في المباريات الرسمية؟ هذه الفكرة خاطئة تم تضخيمها إعلاميا، والحقيقة أن الطاقم الفني الوطني يبحث دوما عن العناصر الأكثر جاهزية للاستفادة من خدماتها، ونظرتنا للاعب المحلي هي نفسها للمحترف في الخارج، ولا فرق في المعاملة. ما يصنع الفارق عند ضبط القائمة النهائية، النضج التكتيكي ،الجاهزية البدنية و كذا عقلية وتفكير اللاعب، ما يرجح كفة اللاعبين المحترفين بنيلهم أكبر عدد ممكن من المناصب على حساب المحليين، وهنا أود أن أوضح شيئا مهما. المحليون مطالبون بالإحتراف لصقل موهبتهم مستقبلا تفضل... ما هو؟ لقد عمدنا خلال الفترة الأخيرة إلى توجيه الدعوة لأكبر عدد ممكن من اللاعبين المحليين، لأن الناخب الوطني غوركوف، قرر مباشرة بعد «كان 2015» فتح ورشة كبيرة بخصوص محور الدفاع بحثا عن الحلول، بدليل استدعاء الكثير من اللاعبين المحليين، أمثال شافعي، بن العمري، ميباراكو، بن عيادة، إضافة إلى حشود وأسماء أخرى سجلت تواجدها سواء في دورة قطر، أو في التربص الأخير الذي سبق لقاء السيشل، لكننا لم نجد إلى حد الآن الحلول المناسبة، ونحن بصدد تجريب كل الخيارات الممكنة، وعدد اللاعبين المحليين في تعداد المنتخب في تزايد مستمر من معسكر إلى آخر. بصراحة... كيف هي الأجواء بين اللاعبين المحليين والمحترفين خلال التربصات؟ كما سبق وأنت قلت فإن قضية اللاعب المحلي ومكانته في المنتخب تبقى موضوعا تصر الصحافة الوطنية على معالجته من زوايا عديدة، وفي الحقيقة هذا الأمر لا يطرح أي مشكل داخل المنتخب، والأجواء السائدة تبعث على الارتياح والتفاؤل، إلى درجة أن المنتخب أصبح بمثابة أسرة واحدة، يستمد قوته من تضامن اللاعبين، ولا يمكن لأي كان أن يميز بين اللاعب المحترف والمحلي، كما أننا كتقنيين نجد المحليين يمتلكون الموهبة والإرادة القوية، التي يسعون لإظهارها في التربصات، بينما يكون المحترفون أكثر جاهزية فنيا وتكتيكيا وبدنيا، و عليه فإنني أؤكد بأن ما يتوفر عليه اللاعب المحلي يبقى مجرد مادة خام تحتاج إلى الصقل للاستثمار فيه، والاحتراف يبقى في نظري الخيار الأنسب لتطوير المواهب و ضمان جاهزية أفضل للتواجد في المنتخب. لا فرق في المعاملة بين المحليين والمحترفين خلال التربصات بعد قرابة سنة من تواجدكم ضمن الطاقم الوطني كمساعد لغوركوف، ما تقييمكم للعمل المنجز؟ التقييم يكون من جوانب كثيرة، لكن الأنصار يبحثون عن النتائج ويتخذونها كمعيار أساسي، ونتائجنا المسجلة تتماشى وبرنامج العمل المسطر، لأن غوركوف عند تسلمه المهام، عمد إلى وضع فلسفته في طريقة اللعب، بالاعتماد على خطة (4/4/2)، ومع مرور الوقت بدأ اللاعبون يتأقلمون مع هذه الإستراتيجية، بصنع اللعب انطلاقا من تبادل الكرات والسرعة في التنفيذ، إضافة إلى السعي لتحسين الآداء الجماعي، والانتقال بسرعة من الدفاع إلى الهجوم، وهي أمور تقنية وتكتيكية لا يمكن تجسيدها ميدانيا بين عشية وضحاها، ويمكن القول بأننا بصدد بناء منتخب قادر على مواكبة المكانة المرموقة للكرة الجزائرية على الصعيدين القاري والعالمي، تحسبا للاستحقاقات القادمة. لكن المشاركة في «كان 2015» لم ترق إلى مستوى تطلعات الجمهور الجزائري؟ فعلا.. فالمنتخب الوطني دخل تلك الدورة في ثوب أحد أبرز المرشحين للتتويج باللقب، سيما وأننا أفضل منتخب من حيث تصنيف الفيفا، إضافة إلى التأهل الذي تحقق عن جدارة بفضل سلسلة إنتصارات متتالية في التصفيات، جاءت إمتدادا لما سجل في مونديال البرازيل، لكن بعض العوامل حالت دون تجسيد حلم ملايين الجزائريين، لأن هذه التظاهرة كانت مبرمجة في المغرب وتقرر تحويلها في آخر لحظة إلى غينيا الإستوائية، أين كانت للظروف المناخية الصعبة تأثير كبير على اللاعبين، إضافة إلى قضية أرضيات الميدان وصعوبة التأقلم معها بسبب عدم الصلاحية و تأثيرها الكبير على آداء اللاعبين، ولو أننا خرجنا من مجموعة الموت سالمين بإقتطاعنا تأشيرة التأهل إلى ربع النهائي، وقد واجهنا المنتخب الإيفواري في مباراة كنا الأفضل فيها، غير أن المناخ أثر على اللاعبين، فوجدنا أنفسنا خارج المنافسة، لكن لا نخجل من تلك المشاركة، لأن اللعب في أدغال القارة السمراء صعب للغاية، وليس من السهل على اللاعبين التأقلم بسرعة مع العوامل المناخية وأرضية الميدان، والتجربة كانت قاسية بعد الفشل في بلوغ المربع الذهبي، لكنها في الحقيقة كانت مفيدة، وجعلت الجزائريين يقتنعون بأن لكل منافسة خصوصياتها، والمونديال يختلف تماما عن «الكان». المناخ و الملاعب سبب إقصائنا في «كان 2015» بالعودة إلى تلك الدورة فإنكم سرقتم الأضواء بالدموع التي ذرفتموها أثناء عزف النشيد الوطني في المقابلة الأولى ضد جنوب إفريقيا؟ تلك الدموع كانت عفوية من جزائري متشبع بالروح الوطنية، وأنا على يقين بأن ملايين الجزائريين يذرفون الدموع كلما سمعوا النشيد الوطني، وما زاد في تلك المشاعر، أننا كنا بعيدا عن الوطن في غينيا الإستوائية، لأنك في تلك الظروف تحس فعلا بقيمة الجزائر ورموز السيادة الوطنية، لكن تصويب عدسات الكاميرا نحوي في تلك اللحظة، جعل الحادثة تخطف الأضواء إعلاميا، مع تداولها عبر شبكات التواصل الإجتماعي، رغم أنني ذرفت الدموع في نفس المقابلة، بعد «السيناريو» الذي عشناه، خاصة بعد تضييع منتخب جنوب إفريقيا ضربة جزاء، ثم نجاحنا في قلب الموازين وتحقيق فوز عريض، لأن تدشين الدورة بانتصار دفعني إلى البكاء بعفوية من شدة الفرح، بالمساهمة في إسعاد ملايين الجزائريين. العديد من الأطراف ما فتئت تتحدث عن مشكل الصلاحيات داخل الطاقم الفني للمنتخب؟ سر نجاح المنتخب يكمن في الإنسجام الكبير الحاصل بين اللاعبين و الطاقم الفني، من دون وجود أي مشكل، و في الكثير من الأحيان أتفاجأ بحديث الصحافة عن صلاحياتي في الطاقم الفني، رغم أنني و عند إمضائي على العقد في أواخر أوت 2014 كنت على دراية بالمهمة الموكلة لي، و لم تثر أية قضية في هذا الجانب، لأننا نعمل كطاقم، تحت إشراف المدرب غوركوف، و البرنامج المسطر يسير وفق خارطة الطريق المرسومة، لكن بعض الأطراف تسعى إلى إستغلال إلتزامنا بمبدأ التحفظ في الإدلاء بالتصريحات لإثارة مثل هذه القضايا الوهمية، و التي أعتبرها شخصيا مجرد زوبعة في فنجان، لأنها لم و لن تؤثر على علاقة العمل التي تربطني بكامل الطاقم، كوننا نعمل كمجموعة واحدة من أجل هدف معين و هي مصلحة كرة القدم الجزائرية. أشتهي الشربة الجيجلية بالبوراك وأفضل السهر في فيلاج موسى بماذا تفضل أن نختم هذه الدردشة الشيقة؟ أستغل هذه الفرصة لأطالب الجمهور الجزائري بوضع كامل ثقته في المنتخب الحالي، لأننا نمتلك تشكيلة شابة تختزن مؤهلات فنيات كبيرة، و الإستثمار فيها على المديين القصير و المتوسط سيعود بالفائدة على الكرة الجزائرية، كما أن المنتخب بحاجة إلى دعم معنوي من الجماهير في هذه المرحلة، لأن تراجع الإقبال على المدرجات في المباريات بدا جليا في الفترة الماضية، في الوقت الذي أؤكد فيه بأن اللاعبين المحليين ليسوا مهمشين من طرف الطاقم الفني، على اعتبار أن المكانة في المنتخب تمر بجملة من الشروط و المعايير.