اعتبر الفنان القسنطيني بأن الفن التراثي أضحى فنا بديلا، بعد أن كان هو الأصل وذلك جراء الموجة المحمومة التي اكتسحت الأغنية الجزائرية، و ساهمت في جعل التراث الغنائي الجزائري على هامش الفعاليات الثقافية الناجحة في بلادنا.الفنان نبيل بوعلي المتخصص في أداء الأغنية العيساوية والذي يستعد لإطلاق ألبومه الفني الثالث الحامل لاسم «شوشانة بنت بلادي» تحدث عن خوفه الكبير على الأغنية الصوفية في الجزائر، خاصة وأن الحضرة التي كانت تقام وتؤدى فيها أروع الأغاني العيساوية انقرضت ،ولم تعد تقام إلا في مناسبات محدودة على غرار المولد النبوي الشريف.ابن مدينة قسنطينة تحسر بشدة على زوال تقاليد الأغنية العيساوية، خاصة في زاوية عبد المومن التي فقدت بريقها بعدما ظهرت عليها علامات القدم و الإهتراء و التي اعتبرها صرحا من الصروح التي كانت تؤدى فيها الأغنية الصوفية ، فحسب الفنان نبيل بوعلي،لا يمكن المحافظة على الفن الصوفي دون المحافظة على الصروح الثقافية والأمكنة التي كانت حاضنة لهذه الفنون، إذ كان يتكون بها العديد من الفنانين الذين برعوا في طابع الوصفان وكل أنواع الأغنية الصوفية في مدينة قسنطينة. الفنان بوعلي تأسف على الفرقة والتشتت اللذين يشكلان خاصية فرق العيساوة المتواجدة بقسنطينة، متذكرا في سياق حديثه، الزمن الجميل إذ تحدث عنها بأنها كانت تعتبر تجمعات لفنانين من أجل الذكر وقول الكلام الطيب، لكن اليوم فقد أصبحت هذه الفرق و معظم من يؤدون العيساوة ، بمثابة مغنيين مأجورين ولا يمتون بصلة للطابع الروحي الجميل الذي يشترط في الأغنية العيساوية. وأبدى الفنان نبيل بوعلي استغرابه من أن تكون تظاهرة بحجم قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ،و ألا تكون فرق العيساوة جزءا من النسيج الغنائي القسنطيني، حيث أظهر استياءه لعدم إحيائه حفلة في قاعة زنيت الكبرى أحمد باي ، مضيفا بأن هذا التهميش تكرس في المدينة منذ سنوات كثيرة.وعن سبب اقتراب أغاني نبيل بوعلي للطابع التونسي ،رغم أنه يؤدي العيساوة، فقد أكد محدثنا بأن العيساوة هو فن مغاربي لديه مدارس كثيرة ومختلفة، وهو يحاول أن يبرز هذا التلاقح من خلال أداء التراث القسنطيني الصوفي في قوالب فنية مغاربية أخرى، مثلما هو الحال مع أغنية «حب النبي زين الصفات» والتي أصبحت أكثر خفة وأ كثر فلكلورية مما كانت عليه من قبل، وهو ما سيدعم استمرار تطور الأغنية العيساوية ويبعدها عن خطر الانقراض،حسبه.