قدمت الجمعيات العيساوية لولاية قسنطينة أروع الأغاني الروحية، ضمن فرقة واحدة اجتمعت لإحياء حفل الشعبانية الذي أقيم أول أمس بقاعة العروض لقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، حيث شاركت في إحياء هذا الحفل جمعية مريدي الطريقة العيساوية، و الجمعية الراشدية للعيساوة ،وفرقة زين الدين بن عبد الله وفرقة الشيخ سليم مزهود، و كان التنظيم من توقيع جمعية البهاء بالتنسيق مع مديرية الثقافة لولاية قسنطينة. حفل الشعبانية تضمن ابتهالات ومدائح دينية و قد تم استقطاب الجماهير و دعوتها لحضور العرض التراثي من خلال تنظيم «الهدوة» بمدخل قصر الثقافة بوسط المدينة ،حيث ارتدى أعضاء الفرقة الشباب أزياء تقليدية، و رفعوا أعلاما ملونة و رحبوا بالحاضرين في بداية حفل الشعبانية ، ليقدم بعد ذلك الفنان أحمد بن خلاف و أعضاء جمعية الراشدية مدائح دينية عيساوية ، استنادا لشيخ الطريقة أحمد بن عيسى. المجموعة المكونة من مختلف الفرق العيساوية القسنطينية أبدعت في تقديم البروال على غرار بروال «الله دايم» ،مما جعل الحضور يغوص في نوع من النشوة الصوفية التي زادت في توهجها زغاريد النساء ، اللائي رقصن رقصات جميلة خاصة بالطريقة العيساوية،أو ما يعرف « التهوال» و ازدادت حماسة الراقصات حين جاء دور فرقة زين الدين بن عبد الله. طيلة ساعتين خطف فنانو العيساوة اهتمام الحاضرين عبر غناء «الدخلة» الذي يعتبر من أهم أغاني العيساوية الترحيبية ،وهي نوع من الموسيقى الصوفية تعتمد على الصلاة على الرسول عليه الصلاة و السلام ،و الدعاء للأولياء الصالحين، معلنة عن افتتاح «الحضرة»، ضمن تقليد خاص بالطريقة العيساوية. وأخذ أعضاء الفرق المختلفة أماكنهم على شكل دائري حول ثلاثة شموع مشتعلة، حيث قدمت للحضور أغنيات تجمع بين القصائد والمدائح المستلهمة من تراث شيوخ الزوايا على غرار الحنصالية والعيساوة، متبوعة بالتراتيل و الذكر والأناشيد والابتهالات ، وترافق المقطوعات الغنائية تارة بالقرع المتوهج على الآلات الموسيقية من بندير و طار و دربوكة. و الجدير بالذكر بأن «الشعبانية"، عادة قسنطينية روحانية تستمد قيمها من قيم التلاحم والتآزر بين أفراد المجتمع الجزائري ويتم الاحتفاء بها بموسيقى صوفية على غرار العيساوة، و قد عكف أهل المدينة على إقامتها منذ قرون خلت وذلك استعدادا لاستقبال شهر رمضان الفضيل ،أين تقام حفلات فلكلورية وغنائية تستمر إلى الساعات الأولى من الصباح الموالي، حيث ترسخت هذه التظاهرة ضمن تقاليد مدينة الصخر العتيق واحتضنتها الطريقة العيساوية التي أخذت على عاتقها إحياء هذه المناسبة ، في آخر أسبوع من شهر شعبان. واعتاد أهل قسنطينة على إحياء الشعبانية والتي تقام في آخر أسبوع من شهر شعبان ،أين تحضر الولائم التي يجتمع فيها الفقراء والأغنياء ،و يأكلون من نفس الأطباق التقليدية ، كما يتم جمع المؤن الغذائية و توزيعها على المحتاجين طيلة شهر رمضان الكريم، إذ تجمع كل الإعانات الخيرية من أموال ومواد غذائية و تمنح للمحتاجين خلال شهر الصيام، وغالبا ما تنظم هذه الاحتفالية يوم 27 شعبان من كل سنة.