الجيش حسم الموقف وانحاز لإرادة الشعب تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أمس مقاليد الحكم بعد تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة تحت الضغط المتواصل للشارع المنتفض منذ 25 جانفي الماضي، ما يؤكد أن الجيش المصري الذي انحاز في نهاية المطاف إلى إرادة الشعب والمتظاهرين كان الرقم الصعب الذي لا يمكن تخطيه في الأحداث التي ظلت تعصف بالبلاد منذ 18 يوما. ولا يستبعد بعض المحللين أن يكون تنحي مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية بعد ثلاثين سنة من الحكم على علاقة مباشرة بترتيبات قام بها الجيش في الساعات العصيبة التي أعقبت الخطاب الأخير للرئيس مبارك مساء أول أمس، وهو الخطاب الذي رفضه المتظاهرون بشدة على ما فيه من تنازلات جديدة. وحسب ذات المحللين فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية يكون قد حسم ف موقفه ومارس ضغوطا مباشرة على مبارك للتنحي على السلطة نهائيا بعد الرد المفحم للشارع المنتفض على التنازلات الأخيرة لمبارك والتي فوض فيها صلاحياته لنائبه عمر سليمان، وهي تنازلات لم تزد الشارع الغاضب إلا إصرارا على المطالبة برحيل مبارك ونائبه في آن واحد ولعل العامل الرئيسي الآخر الذي عجل بحسم الجيش لموقفه هو إدراك هذا الأخير لدى الإستياء وخيبة الأمل بين المتظاهرين بعد أن أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الثاني أمس عن تعهده بضمان تجسيد الإصلاحات التي تضمنها الخطاب الأخير لمبارك وبأنه سيكفل إجراء تعديلات دستورية وانتخابات حرة ونزيهة، محذرا المحتجين من أي مساس بأمن الدولة. وظهر الجيش في بيانه الثاني كداعم للمرحلة الإنتقالية التي كان يخطط لها مبارك. ويكون الجيش قد وجد نفسه وجها لوجه أمام الغضب العاصف للشارع الذي لم يعد يقبل إلا برحيل مبارك ونائبه وإسقاط النظام. وكانت التطورات السريعة ليوم أمس تؤشر لعصيان مدني وشيك لولا أن الجيش تدارك الموقف في اللحظات الأخيرة. وحسب بعض المصادر القريبة في السلطة في مصر، فإن قرار مبارك بالتنحي عن السلطة جاء بعد تهديد قيادات الجيش له بتحويله للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى.