خرج أمس، الجيش المصري عن حياده، ووضع حدا لحكم حسني مبارك بعد17 يوما من المظاهرات المليونية المستمرة، وأعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي انعقد مساء أمس، برئاسة وزير الدفاع المشير محمد طنطاوي، في بيانه رقم1 أنه "التزاما بحماية الشعب وحرصا على سلامة الوطن وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة، قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه لحماية البلاد " . مبارك كان ينوي إعطاء أوامره للجيش بقمع الشعب
وقال الجنرال المتقاعد في المخابرات المصرية في تصريح لقناة الجزيرة "أؤكد حسبما فهمته وتعلمته طيلة سنوات طويلة في الجيش المصري أن هذا البيان يؤكد أن المدعو حسني مبارك لم يعد له وجود"، فيما أكد أيمن نور رئيس حزب الغد المعارض "خروج مبارك من المشهد السياسي". وحسب ما ذكرته مصادر إعلامية فإن الجيش تحفظ على خطاب مبارك الذي كان يعتزم إلقاءه على الشعب أمس، وكان ينوي " إعطاء أوامره للجيش بتفريق المتظاهرين بالقوة وهو ما رفضه الجيش " . وقبيل صدور البيان رقم1 عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تسارعت الأخبار التي تتحدث عن احتمال تنحي مبارك الليلة على غرار تصريحات رئيس الوزراء أحمد شفيق والأمين العام للحزب الوطني الحاكم الذين تحدثا عن إمكانية رحيل مبارك ليلة أمس، وذكرت رويترز نقلا عن شبكة "إن بي سي الأمركية " : " مبارك سوف يتنحى الليلة ( أمس )" ، كما أعلن التلفزيون المصري بعد صدور البيان رقم 1 عن إلقاء حسني مبارك لخطاب على الشعب بعد ساعات ( ليلة أمس ) . لترد بعدها أخبار غير مؤكدة عن رحيل مبارك عن مصر واحتمال توجهه إلى ألمانيا للاستشفاء، كما سبق وأن أعلنته صحيفة ألمانية، فيما تحدثت مصادر أخرى عن بقائه في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر ساعة إعلان البيان رقم 1 . وفي ظل السوسبانس الذي أحدثه البيان المقتضب للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية انتفضت الجماهير المصرية المعتصمة في ميدان التحرير، وفي مختلف المحافظات المصرية بالكثير من الفرح والابتهاج بانتصار ثورتهم، بعد أن صارت لحظات مبارك على رأس السلطة معدودة إن لم تكن قد انتهت . غير أنه وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة، نزل خبر عاجل في قناة الجزيرة ليعيد شد الأنفاس من جديد حول ما يحدث في كواليس النظام المصري، عندما قال رئيس الوزراء المصري "كل شيء لايزال بيد الرئيس"، مما أعاد الأمور إلى مربع التكهنات.
المخابرات الأمركية تتوقع تولي سليمان الحكم
وتوقعت المخابرات الأمريكية أنه في حالة تنحي مبارك عن الرئاسة فإن نائبه عمر سليمان سيتولى الحكم، وأشارت مصادر إعلامية إلى أن مبارك الذي يعد القائد الأعلى للقوات المسلحة لم يحضر اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي ترأسه وزير الدفاع المشير محمد طنطاوي، مما اعتبر إشارة قوية بإلزام الجيش المصري لمبارك بالتنحي عن السلطة . غير أن غياب نائب الرئيس عمر سليمان والرئيس السابق للمخابرات عن هذا الاجتماع لم يمر دون إثارة بعض التساؤلات حول من سيحكم مصر بعد رحيل مبارك، هل هو الجيش ممثلا في وزير الدفاع محمد طنطاوي أم عمر سليمان نائب رئيس الجمهوري؟، فيما أوضح محللون سياسيون أن عمر سليمان لا يمكنه حضور المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته الجديدة كنائب للرئيس .
الجيش يعيد الانتشار أمام المناطق الحساسة
وأعاد الجيش المصري انتشاره أمس أمام القصر الجمهوري ومبنى التلفزيون وسبع مقرات وزارية قريبة من ميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة وكذا مقرات مجلس الشعب ومجلس الشورى ومجلس الوزراء، وتم إجلاء معظم موظفي وعمال التلفزيون خشية اقتحام المتظاهرين له. وذكر مراسل " راديو سوا " في القاهرة أن عمليات إعادة انتشار الجيش في الشوارع المصرية تستهدف أساسا حماية ثلاثة مواقع حساسة هي : القصر الرئاسي، ومبنى الإذاعة والتلفزيون، ومقر الاستخبارات العامة . فيما دعت واشنطن الجيش إلى الاستمرار في سياسة ضبط النفس، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي "نحترم الدور الذي اضطلع به الجيش المصري حتى الآن ونشجعه على مواصلة التحلي بضبط النفس الذي أظهره خلال الأيام الماضية".
ومباشرة بعد إعلان الجيش لبيانه الأول غمر أكثر من ثلاثة ملايين متظاهر ميدان التحرير والشوارع المتفرعة عنه، فيما تمكن آلاف المحامين المتظاهرين من دخول باحة قصر العابدين الرئاسي، خرج عشرات الآلاف من موظفي وعمال الحكومة في مظاهرات لإسقاط مبارك، كما شهدت الإسكندرية اعتصامات واحتجاجية غاضبة، أما محافظة السويس فشهدت أكبر حركة من الاعتصامات والإضرابات لم تشهدها من قبل . وكان المتظاهرون قد أكدوا تصعيد الاحتجاجات المطالبة برحيل مبارك اليوم، من خلال الاستمرار في حشد أعداد ضخمة استعدادا "لجمعة التحدي" والتي أطلق عليها أيضا "يوم الزحف" حيث قرر المتظاهرون الزحف بحشود مليونية نحو مقر الإذاعة والتلفزيون والقصور الرئاسية والمقرات الحساسة في تحد صريح لتهديدات نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان ووزير الخارجية أبو الغيط "بتدخل الجيش في حال دبت الفوضى في مصر"، قبل أن يعلن الجيش انحيازه لمطالب الشعب التي وصفها المجلس الأعلى للقوات المسلحة "بالمشروعة".
مصطفى الفقي يطرد من ميدان التحرير
وحسب جريدة " اليوم السابع " المصرية فقد طرد المتظاهرون الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى والمستقيل مؤخرا من الحزب الوطني للطرد من ميدان التحرير . سادت حالة من السخط العارم على الشباب المتظاهرين بميدان التحرير اليوم على خلفية الزيارة المفاجئة لعضو الحزب الوطنى المستقيل، وتعالت الأصوات بخروج الفقي من الميدان حيث اعتبره المتظاهرون ضمن أحد رموز النظام. تذكر الشباب أقوال الفقي عن الرئيس مبارك وآراءه المؤيدة له، حيث أعلن فى وقت سابق دعمه للرئيس مبارك فى الانتخابات، وقال وقتها "يبقى قليل الأدب اللى يترشح ضد الرئيس مبارك لحكم مصر"، وهو ما دفع الفقي إلى مغادرة الميدان فى حماية الجيش وسط تهليل من الشباب وهتافات بسقوط النظام ورموزه .
مصر تستأنف تصديرها للغاز لإسرائيل
واستأنفت مصر أمس، عملية تصدير الغاز إلى إسرائيل إثر انفجار خط الأنابيب الذي يمد الأردن وسوريا ولبنان بالغاز المصري، حيث أعلنت شركة - إمبال -أميركان إسرائيل كوربوريشن - المعنية باستيراد الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل "أن الشركة الوطنية للغاز المصري أبلغتها باستئناف ضخ الغاز في 17 فيفري " . وعلقت - إمبال - إمداد السوق الإسرائيلي بالغاز يوم السبت الماضي وأوضحت أن هذا التعليق مجرد إجراء وقائي، وأشارت إلى أن أنبوب الغاز بين مصر وإسرائيل الذي يقع على مسافة 30 كيلومتراً من مكان الانفجار لم تلحق به أضرار.