إحالة 17 حلاقة وخبيرة تجميل على العدالة شهد نشاط الحلاقة و التجميل خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا . وتحول من حرفة عادية في نظر الكثيرين ، وينظرون إلى من يمارسها بعين ضيقة. وأنها مهنة " لا توكل الخبز " . لكنها مع مرور الوقت وتطور التجهيزات والوسائل أصبحت نشاطا مربحا ، سيما بالنسبة للحلاقة النسوية . باتت تدر على صاحباته الملايين . و أصبح الإقبال على صالونات الحلاقة تميزا وفخرا . بل وتمظهرا بين مختلف الفئات الإجتماعية ، على الخصوص في الأعراس وعديد المناسبات . السبب هو تطور صناعة الجمال في العالم . ما عزز مكانة صالونات التجميل في سوق المال و حول الحلاقات إلى ما يشبه " اللوبي" . قوي يفرض قوانينه على عالم الجمال ، من ناحية التحكم في الأسعار، وإستغلال اليد العاملة . فضلا عن تنشيط السوق السوداء لمواد التجميل ، و الإكسسوارات المكملة . كما باتت شبكة علاقات خبيرات الجمال قوية بشكل سمح لهن بإعتلاء سدة البرلمان . رغم المنحى الإيجابي الذي أخذه تطور الحرفة ، من ناحية تحسين الخدمات المقدمة للزبونات ، إلا أن العديد من النقائص لا تزال تشوبها . و في مقدمتها مشكل عدم تكييف تنوع الخدمات مع شرط النظافة ، التي تعد آخر إهتمامات المستثمرات . على إعتبار أن الإلتزام بها يعني الإنفاق أكثر و تقليص هامش الربح. من بين 306 قاعة حلاقة و تجميل بقسنطينة ، قليلات جدا هن الحلاقات اللائي يدركن بأن إمتلاك جهاز تعقيم ، هو شرط من شروط الإستثمار في هذا المجال، حسبما أوضحته السيدة آسيا ، ضابطة رقابة بمديرية التجارة بالولاية . ومع أن هذه الصالونات تعد أرضية خصبة لنقل الأمراض الجلدية المعدية ، في حال لم تتخذ كافة الإحتياطات الصحية اللازمة ، فكثيرا ما نسمع عن سيدات فقدن شعرهن نتيجة لأصباغ منتهية الصلاحية . أو تعرضن لمضاعفات بسبب الشمع، أو أصبن بطفح جلدي بسبب مواد تجميل و مستحضرات أخرى. فتيات يعملن دون تأمين أو تصريح خلال جولة قادتنا إلى عدد من صالونات الحلاقة و التجميل بوسط مدينة قسنطينة ، أوضحت الضابطة بأن متوسط أعمار غالبية الفتيات العاملات في هذه الصالونات يتراوح بين 18 إلى 26 سنة . كما أن 90 بالمائة منهن لم تكملن دراستهن و لا يتعدى مستواهن التعليمي الطور الإبتدائي و المتوسط . تعملن ،وفق نظام ساعي صارم من الساعة 8 و النصف صباحا ، إلى غاية الرابعة بعد الظهر بالنسبة للأيام العادية . فضلا عن المناوبة ليلا حتى 2 صباحا و خلال نهايات الأسبوع ، وهذا في الأعياد و الحفلات. الملاحظ هو أن المتربصات تشكلن نسبة تعادل 50 بالمائة من الفتيات العاملات في هذا المجال . فضولنا دفعنا للبحث عن الخلفيات . من خلال حديثنا إلى بعضهن إستنتجنا بأنها واحدة من أساليب إستغلال اليد العاملة . إذ يتم توظيف هؤلاء الفتيات تحت غطاء التربص . ثم يمنحن أجورا لا تتجاوز 5000 دج شهريا . و قد يعملن دون مقابل لفترة طويلة . توكل إليهن مهمة غسل شعر الزبونات ، وجمع الشعر المتساقط على الأرض . بالإضافة إلى تنظيف أدوات الحلاقة و أمور ثانوية أخرى . مقابل ذلك تتراوح أجور الحلاقات المصرح بهن لدى مفتشية العمل بين ألف 18 دج إلى 20 ألف دج . توجد فئة أخرى من الفتيات تعملن دون تأمين أو تصريح بالعمل. إذ يكون لصاحبة الصالون الحق في طردهن عند أول خطأ . وتتراوح أجورهن من 8 من آلاف إلى 10 آلاف دج. واقع الأجور المتدنية لا يعكس وحده مدى إستغلال الفتيات في هذا المجال . بل يتعدى ذلك إلى سوء المعاملة و الإهانة . إضافة إلى الطرد التعسفي . وداد 19 سنة ، عاملة بأحد صالونات الحلاقة بشارع عبان رمضان ، وسط المدينة ، أوضحت بأنها لا تزال تحت التربص رغم مرور قرابة الستة أشهر على تواجدها ضمن طاقم فتيات الصالون . مؤكدة بأنها لم تتلق لحد الآن أي راتب بحجة التربص . واصفة ظروف العمل بجد صعبة بسبب " تجبر ربة العمل التي تحاسبنا ، كما عبرت ، على الدقيقة الواحدة . كما تتعمد مخاطبتنا بلغة الأمر أمام الزبونات . و تهدد بطردنا و إستبدالنا في كل لحظة ". من جهتها ، أكدت كوثر حلاقة بأحد صالونات شارع عواطي مصطفى ، بأنها تستعد لترك العمل بعدما رفضت صاحبة الصالون رفع أجرتها أزيد من 1200 دج، رغم أن مداخيل الصالون جيدة . فضلا عن كونها تعد مصدر جذب الزبونات الرئيسي نظرا لكفاءتها. مع أن سعر قص الشعر البسيطة قد إرتفع إلى 600 دج ، إلا أن أجور العاملات في معظم هذه الصالونات أقل من الحد الأدنى للأجور ، بما في ذلك الصالونات المصنفة أو التي لها شهرة . و تبقى عملية إستبدال الفتيات كل ستة أشهر إلى سنة ، أفضل طريقة للتهرب من الرقابة و تحقيق الربح على حساب جهدهن. العديد من صاحبات صالونات الحلاقة نفين ما أثير بشأنهن . وأكدن أن الحرفة لا تغطي مصاريفها . نظرا لكثرة الناشطات المستثمرات في هذا المجال . فضلا عن إرتفاع تكاليف الكراء و شراء المواد الأساسية . كما فندن تهربهن من الرقابة و إستغلالهن للعاملات . و ربطن طردهن أو إستبدالهن بأخريات من حين لآخر لا يعود إلا لأسباب أخلاقية أو سلوكية . أو بمبرر إنعدام التكيف مع المهنة ونقص الكفاءة . قبلة جديدة للمجال و خريجات الجامعات استطلاعنا ، مكننا من الإحتكاك والتعرف على شريحة واسعة من الحلاقات و أخصائيات التجميل . إكتشفنا أن عددا منهم وخلافا لما هو شائع ، من خريجات الجامعات و حاملات الشهادات العليا . إخترن الهروب من البطالة إلى عالم الشغل عن طريق باب الجمال . وإخترن التخلي عن سنوات من الدراسة و التكوين لممارسة نشاط مغاير تماما لتطلعاتهن ، من باب الشغل والعيش أو حبا لهذه المهنة الجمالية . إيمان صاحبة 27 سنة ، حاملة لشهادة ليسانس في اللغة الإنجليزية ، أوضحت لنا بأنها عانت من البطالة لمدة سنتين كاملتين . عجزت خلالها في الحصول على وظيفة في مجال تخصصها . ما دفعها للتفكير في دخول مركز التكوين المهني للحصول على شهادة موزاية . إختارت مجال الحلاقة و التجميل لميلها إليهما . بعد تخرجها حصلت على قرض مصغر ، و باشرت إستثمارها. كشفت محدثتنا بأنها إن إستثنت مصاريف كراء المحل و أجور العاملات ، فإن دخلها الشهري يتعدى بكثير 10 ملايين سنتيم . على إعتبار أنها تقدم خدمات أخرى كالأظافر الإصطناعية ، و الحناء ، و حتى علاج البشرة و العناية بها . مشيرة إلى أن مداخليها الشهرية قد تتضاعف لأكثر من ذلك ، إذا كان موسم الصيف بحفلاته و أعراسه مثمرا. موضة جديدة برزت كذلك في قسنطينة . وهي دخول الرجال إلى عالم الحلاقة النسائية ، بعدما كان الجمال حكرا على الجنس اللطيف ، بسبب تقاليد المجتمع المحلي المحافظ . مؤخرا إشتهر إثنان من مصففيي الشعر الرجال بقسنطينة . أحدهما على مستوى حي باب القنطرة و الثاني بمدينة الخروب . و الملاحظ هو أن الإقبال على خدمات هذين الصالونين ، إزداد بشكل متسارع . ما جعلهما يحققان الشهرة في وقت قياسي . و ينافسان أسماء نسوية كبيرة إرتبط إسمها في قسنطينة بعالم الحلاقة و الجمال . أوضحت بعض المتربصات اللاتي قابلنهن خلال جولتنا بين الصالونات ، بأن شهرة الرجال في هذا المجال على الصعيد العالمي ، منحت لهم الأفضلية ، ما ضاعف عدد الذكور الذين تابعوا معهن تكوينا في الحلاقة و التجميل في مراكز التكوين المهني . وأكدن أن طابوهات كثيرة كسرت ، ولم يعد التجميل عالما للنساء فقط . البوتوكس ، الكيراتين ، و الوشم خدمات تدر الملايين البوتوكس، الفيلر، كيراتين الشعر، تقليم الأظافر، العناية بالبشرة و الوجه ، الوشم و التدليك وخدمات تجميلية أخرى ، دخلت بقوة عالم صالونات التجميل مؤخرا، بعدما كانت دخيلة نوعا ما على ثقافة الجزائريات ، نظرا لتكاليفها الخيالية ، و التخوف من تأثيراتها السلبية . ما حصر الإقبال عليها ضمن فئة قليلة من الزبونات الميسورات ، لكنها برزت في السنتين الأخيرتين كأنشطة مكملة تدر على ممارساتها أرباحا طائلة. البوتكس أو حقن النفخ ، بالإضافة إلى كيراتين الشعر، خدمات تنطلق أسعارها من 20 ألف دج فما فوق ، وذلك حسب نوعية المادة المستعملة ، فرنسية ،برازيلية أو غير ذلك . يعرف الطلب عليها تزايدا ، ما جعل المستثمرات في هذا المجال تضاعف أسعارها . و تلجأن أحيانا للإستعانة بخبراء رجال من سوريا و تونس، لإبهار الزبونات و تحقيق الشهرة و الرواج. أما الأظافر الإصطناعية فتتراوح خدماتها ما بين 3000 و 5000 دج . أسعار الوشم فهي ما بين 500 و 1000 دج حسب النوعية . حناء دبي المتعددة الألوان مثلا تعتبر الأكثر إقبالا وتعد الأفضل ويصل سعر أوشامها 2000 دج. تؤكد العاملات في هذا المجال ، بأنهن يتلقين تكوينا خاصا لدى الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج هذه المستحضرات قبل البدء في إستخدامها . نظرا لإمكانية أضرارها بالصحة . وأشرن بذات الشأن إلى أن الزبونة تتحمل وحدها مسؤولية أية مضاعفات جانبية قد تتعرض لها ، في حال إختارت التعامل مع صالون حلاقة لا يعلق شهادة كفاءة في هذا التخصص. من جهة أخرى ، لم يعد نشاط هذه الصالونات يقتصر على تصفيف الشعر و تجميل الوجه ، بل تمارس معظمهن وظيفة موازية تقوم على الترويج لمستحضرات الصحة و الجمال العالمية ، من خلال البيع الشبكي . إذ تعد صالوناتهن نقاط بيع غير معتمدة لمنتجات شركات على غرار " أوريفلام" و " فوريفر" و غيرهما . موسم الأعراس " الغنيمة الكبرى" موسم الأعراس ، يعد بالنسبة للعاملات في هذا المجال، بمثابة موسم الغيث و العروس هي الجائزة الكبرى . الكثير من العرائس يشتكين من إستغلالهن من قبل الحلاقات اللائي يرين فيهن " غنيمة " . و المشكل هو أنهن يشكلن " لوبي" فيتفقن على الأسعار و يرفضن إلحاق الضرر ببعضهن البعض . حتى أنهن قد يتفقن على رفض نفس العروس و إجبارها على دفع المبلغ المحدد في حال حاولت الإعتراض على الأسعار المفروضة و التي تصل حتى 15 ألف دج بالنسبة لتصفيفة الشعر، و تتراوح ما بين 3000 و 5000 دج للتجميل. من خلال هذا الروبورتاج ، نخلص إلى تأكيد أن أسعار الخدمات المقدمة في هذه الصالونات ، لا تخضع لأي تقنين أو رقابة . ويتجلى من خلال الإلتهاب الذي تعرفه . مشكل آخر أثارته العديد من زبونات صالونات التجميل ، يكمن في تعرضهن للتحايل . حيث توهمهن الحلاقة بإستعمال مواد و صبغة شعر مستوردة ، تكون تسعيرتها مضاعفة عادة تصل حتى 6000 دج ، لكنها تعمد إلى خلط المكونات بعيدا عن أعينهن فتستعملن أصباغا محلية الصنع ، ينعكس مفعولها من خلال النتيجة السلبية التي تظهر على الشعر لاحقا . ما بات يدفعن إلى شراء الصبغة بأنفسهن وإستعمالها مباشرة في صالونات الحلاقة . لكن العاملات في هذا المجال ، يؤكدن بأن الغش غير وارد . لأن للزبونة الحق في إختيار نوعية الصبغة أو مواد التجميل حسب إمكانياتها المادية . مضيفات بأنهن يسعين لترقية خدماتهن من خلال التنقل للمنازل لتجهيز العرائس، وعرض خدماتهن عن طريق موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك ، لمنح الزبونات فكرة مسبقة عن نوعيتها . فضلا عن كون بعضهن تقمن بتأجير فساتين الحفلات و إكسسوارات أخرى. نقص النظافة يحيل 17 حلاقة وخبيرة تجميل على العدالة بقسنطينة مصالح التجارة بقسنطينة ، أوضحت بأنها تفرض رقابة دورية على هذا النوع من النشاط لكونه نشاطا حساسا قد يؤدي إلى خلق أمراض معدية . ما يلزم الحلاقات بإجراء معاينة طبية للتأكد من سلامتهن ، كل ستة أشهر. من جهة ثانية ، يفرض على المستثمرين في هذا المجال إمتلاك جهاز تعقيم، لتجنب أي مشاكل ناتجة عن إستعمال مقصات الشعر، و الأمشاط و الملاقط و أدوات أخرى. إذ يعد نقص النظافة أول مخالفات هذه الصالونات . وقد تم بهذا الصدد تسجيل 274 تدخلا خلال 7 أشهر الأولى من السنة الجارية . أسفرت عن تسجيل 32 مخالفة 30 منها متعلقة بالخدمة غير المطابقة أي غياب النظافة . أو إستعمال منتوج غير صالح . إذ تم حجز حوالي 6 كيلوغرامات من المواد غير الصالحة بقيمة 27 ألف دج ، و إصدار إقتراح غلق في حق صالون واحد. ذات المصالح حررت 17 محضرا قضائيا في حق 17 حلاقة و أخصائية تجميل أحلن على العدالة ، بسبب مخالفات تتعلق بعدم إحترام شروط النظافة و إستعمال مواد فاسدة ، منها مستحضرات تجميل ، غسول شعر منتهي الصلاحية ، إكسسوارات شعر مستعار، وصلات شعر، و مواد مجهولة المصدر، يتم إقتناءها من السوق السوداء بكميات معتبرة ، ولا تتوفر على تواريخ الصنع أو إنتهاء الصلاحية ولا إسم المنتج . إضافة إلى مادة الشمع غير الصالحة ، و أمشاط و مناشف و فوط غير صحية. مقابل ذلك تابعت مصالح التجارة حلاقة في قضية النشاط دون سجل تجاري، فيما يبقى تقنين النشاط داخل المنازل و بدون تراخيص ، جد صعب كون غالبية الحلاقات تملكن بطاقة الحرفي، ما يخول لهن العمل بها بصورة طبيعية. نفس الوضع بالنسبة للأسعار التي تعد حرة. كونها تصنف في خانة النشاط الحرفي كذلك.