الجيش المصري يحّل البرلمان ويعطّل العمل بالدستور قرّر أمس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية تعطيل العمل بالدستور وحل البرلمان بغرفتيه "مجلس الشعب والشورى"، كما أعلن توليه إدارة البلاد لمدة ستة أشهر لغاية الانتهاء من الانتخابات الجديدة لمجلسي الشعب والشورى. وأكد المجلس في بيانه الخامس الذي أذيع عبر التلفزيون الرسمي أن الجيش يتصرف وعيا منه بمتطلبات المرحلة وبالمسؤوليات الدستورية المنوطة به، كما أكد أن المرحلة القادمة يجب أن تكون مبنية على أسس بحرية الإنسان وسيادة القانون وقيم المساواة والتعددية، وتضمن البيان أيضا إصدار مراسيم قوانين خلال الفترة الانتقالية وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور وتحديد طرق الاستفتاء عليها، فضلا عن مطالبة حكومة أحمد شفيق بمواصلة مهامها خلال المرحلة الانتقالية. يكون الجيش بحل البرلمان و تعطيل الدستور قد استجاب لأهم مطالب المحتجين.وقبل ذلك كان عدد كبير من الشباب المحتجين قد صمّموا أمس على البقاء في ميدان التحرير وسط القاهرة مع ضمان عدم عرقلة حركة المرور للضغط من أجل حصول التغيير الذي يرغبون فيه، وأكد أحد الأعضاء الناشطين في حركة "ثورة شباب 25 يناير" في مؤتمر صحفي أن "الثورة" مستمرة وأن الاعتصام والاحتجاج نشاط مستمر حتى تلبية المطالب، وهو التصريح الذي أدلى به عقب محاولة بعض الجنود إخراج المحتجين أثناء الليل لفتح الميدان أمام حركة المرور، وكان بعضهم قد أزال الخيام التي نصبت هناك في معقل الاحتجاجات التي أطاحت بمبارك يوم الجمعة الماضي بعد 18 يوما من الاضطرابات و30 عاما من الحكم الشمولي، فيما أزالت قوات الجيش خياما أخرى . وأكد ذات المتحدث من حركة "ثورة شباب 25 يناير" على مطلب الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ 1981 وكذا حل البرلمان والمجالس المحلية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأضافت الحركة التي تنفي أية صلة لها بأحزاب سياسية أن الجيش احتجز 42 من المحتجين أثناء الليل أول أمس وخمسة آخرين أمس، دون أن يعرف مصيرهم إلى حد الساعة .وقد أصر الشباب المعتصمون أمس قبل إصدار الجيش لبيانه الخامس على البقاء في ميدان التحرير وطالبوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تعهد بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية باتخاذ خطوات سريعة لإثبات أن مصر في طريقها إلى الديمقراطية بعد الإطاحة بمبارك. وقد شكل الجنود طوابير وطوّقوا المحتجين في محاولة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، في الوقت الذي بدأت فيه حركة السيارات تعود للميدان لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين، كما أفادت مصادر إخبارية بأن مسيرة حاشدة دخلت ميدان التحرير أمس بعد محاولات من الشرطة العسكرية لفض الاعتصام من أجل تسهيل حركة المرور، وأشار شهود عيان إلى وقوع مناوشات بين عناصر الجيش وبعض المحتجين الذين قاوموا الجنود وكان هناك بعض التدافع، فيما أكد قائد الشرطة العسكرية للمحتجين والصحفيين أنه لم يعد مرغوبا في وجود هؤلاء في الميدان بعد الآن، وقال متحدث باسم مجلس الوزراء المصري إن الحكومة التي شكلها مبارك قبل تخليه عن السلطة لن تجري تعديلا وزاريا كبيرا وستبقى للإشراف على عملية الانتقال السلمي خلال الشهور المقبلة.وفيما فتحت العديد من المتاجر أبوابها من جديد أمس، مازالت مركبات الجيش وقواته تحرس المباني الإستراتيجية حتى الآن مع استمرار اختفاء الشرطة من الشوارع، وكان بعض قادة الاحتجاجات قد هددوا في حال عدم تحقيق المجلس الأعلى للقوات المسلحة مطالبهم بعودة "الانتفاضة بشكل أكبر".وقد شكل بعض منظمي الاحتجاجات مجلسا للدفاع عن الثورة والتفاوض مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكان الشباب المحتجون والشخصيات المعارضة المجتمعة فيما أطلق عليه "جبهة دعم الثورة"، وهي الجبهة التي تضم البرلمان الشعبي والجمعية الوطنية للتغيير وعددا من الشخصيات العامة وائتلاف شباب الثورة قد أكدوا خلال اجتماعهم ظهر أول أمس، على استمرار الاحتجاجات وتنظيم مظاهرة مليونية بميدان التحرير والمدن المصرية كل أسبوع بعد صلاة الجمعة، ودعوا إلى توسيع الاحتجاجات لتشمل جميع القوى السياسية و مواصلة الضغط لتحقيق كل الأهداف المسطرة، عن طريق الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة لضمان الانتقال الفعلي للسلطة . وطالبوا في بيان صادر عنهم بضرورة تكوين مجلس رئاسي من أربعة أعضاء منهم شخصية عسكرية إلى جانب شخصيات مدنية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإلغاء قانون الطوارئ وإطلاق الحريات العامة وحل مجلسي الشعب والشورى وتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد، مع كفالة حرية تأسيس الأحزاب والنقابات والجمعيات ومحاكمة المسؤولين عن مقتل بعض المحتجين خلال المظاهرات التي اندلعت يوم 25 جانفي.