دعا رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أمس الإثنين، إلى تحقيق التوافق بين الوطنيين الموجودين في الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة، لفرض التجديد والتغيير، ولتجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، جراء الأزمة الاقتصادية التي تهددها. و رسم عبد الرزاق مقري صورة قاتمة عن الوضع الاقتصادي للبلاد، خلال افتتاحه أشغال الجامعة الصيفية للحزب التي انطلقت اليوم بالعاصمة، بمشاركة ضيوف من خارج الوطن من بينهم رئيس الحكومة التونسي السابق حمادي الجبالي، وكذا شخصيات من الداخل، من بينهم رئيسا الحكومة السابقان سيد أحمد غزالي وأحمد بن بيتور، وكذا رؤساء أحزاب سياسية. وأوضح مقري بأن رفع شعار «حركة تتجدّد و وطن ينهض» هدفه تأهيل حركة حمس للمساهمة في نهضة الوطن، مذكرا بأن حزبه كان من أول المنبهين إلى قدوم أزمة اقتصادية قبل ظهور معالمها، والمحذرين من سوء استغلال البحبوحة المالية، متأسفا لكون لا أحد صدق استشراف حمس، في حين أن كثيرا من المسؤولين اليوم، اعترفوا بأن شبح أزمة 86 وسيناريو 88 يهددنا، جراء تراجع سعر البترول في الأسواق الدولية، تماما كما كان الحال في منتصف الثمانينات، ويعتقد مقري بأن المشاكل البنيوية وآثارها ستكون أخطر هذه المرة، على أساس تراجع الاحتياطي تحت الأرض، وكذا الإنتاج والصادرات، مقابل ارتفاع الواردات. وانتقد رئيس حركة حمس بشدة، قرارا الحكومة بخفض قيمة العملة، بحجة كبح الواردات، وذلك خلافا لما تقوم به الدول المنتجة، التي تلجأ حسبه، أحيانا لخفض العملة من أجل تشجيع الصادرات، معتقدا بأن هذا الإجراء سيمكن الجهات المسؤولة من ربح بعض الوقت، دون أن يجني الاقتصاد الوطني أي فائدة، بفعل التضخم، مما سينتج عنه وقف المشاريع غير المسجلة، ثم المسجلة والتي لم تحول ميزانيتها ثم التي حولت، وكذا التي تتعلق بميزانية التسيير وميزانية التجهيز كثيرة. وتوقّع المتحدث اللجوء مجددا إلى المديونية في ظل ظروف اقتصادية عالمية جد صعبة، محذرا من مغبة الخضوع لوصاية صندوق النقد الدولي، «الذي لن يسمح بدعم الأسعار والتعليم والصحة والسكن الاجتماعي، وغير ذلك من السياسات الاجتماعية»، معبرا عن قلقه من إمكانية وقوع توترات اجتماعية ومحاولة قمعها بالقوة. وقاسم وجهة نظر عبد الرزاق مقري رئيس الحكومة السابق سيد أحمد غزالي، الذي أكد في مداخلته استحالة الاستمرار في العيش بفضل ثروة لم نساهم في خلقها، ويقصد البترول، وكذا الاعتماد عليها في نمو الميزانية، قائلا:» إننا في وضع سيئ جدا، لأننا للأسف لم نستغل البترول بالكيفية السليمة»، وكذّب غزالي صحة التحليلات الاقتصادية التي ربطت الأزمة الاقتصادية بانهيار سعر البترول في السوق العالمية، مصرا على أن المشاكل التي نواجهها سببها الاعتماد على النفط كمصدر وحيد في تمويل الاقتصاد، دون التمكن من استغلاله في خلق الثورة، فيما انتقد رئيس حركة الإصلاح فيلالي غويني الوضع السياسي، مشيدا بمساعي المعارضة لجمع شملها من خلال هيئة التشاور. وحرص من جانبه، رئيس حمس في ختام كلمته على بعث شعاع أمل بعد الصورة القاتمة التي رسمها عن الوضع في البلاد، بالتأكيد على وجود رجال وطنيين مخلصين، في مختلف مؤسسات وهياكل الدولة، الذين بإمكانهم تغيير الوضع إلى الأحسن، خارج البترول والغاز، باعتبار أن الثروة الحقيقية هي الإنسان المؤهل والعمل وعرق الجبين.