مهري يدعو إلى مؤتمر وطني جامع دعا عبد الحميد مهري الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني أمس إلى عقد مؤتمر وطني جامع يتولى رسم إرساء دعائم الحكم الديمقراطي اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخراج البلاد، نهائيا، الأزمة عبر وضع أرضية وطنية تبلور التوجهات الكبرى لآفاق التنمية الوطنية الشاملة، وأرضية وطنية أخرى توضح ثوابت السياسة الخارجية وخطوطها العريضة. وقال مهري في رسالة موجهة إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وزرعت أمس على الصحافة "إن الجزائر مدعوة للاحتفال، قريبا، بالذكرى الخمسين لاستقلالها، والوقت الذي يفصلنا عن هذه المناسبة العظيمة، كاف، على ما أعتقد لاتفاق الجزائريين على التغيير السلمي المنشود. وأحسن هدية تقدم لأرواح شهدائنا الأبرار هو الاحتفال بذكرى الاستقلال والشعب الجزائري معتز بماضيه ومطمئن لمستقبله". و عاد مهري في رسالته إلى رئيس الجمهورية إلى ظروف المرحلة وطنيا وااقليميا و طبيعة مبادرته التي تندرج في إطار إسداء النصح قائلا "أتوجه إليك بهذه الرسالة، في ظرف بالغ الدقة والخطورة، وأنا مدرك أنه لا يخولني هذا الشرف إلا الروابط الأخوية والمبادئ التي جمعتنا في مرحلة الكفاح من اجل حرية بلادنا واستقلالها، واعتقادي بأن هذه الروابط ما زالت، تمثل الجامع الذي يمكن أن تلتقي عنده الإرادات الأخيرة لخدمة بلادنا وسعادة شعبنا". وأرفق مهري دعوته بتحليل تاريخي و بنائي للنظام السياسي الجزائري وكان من رموزه موضحا" إن الأصوات المطالبة بتغيير هذا النظام، والحريصة على أن يتم هذا التغيير في كنف السلم والنقاش الحر، كثيرة، والنذر التي تنبه لضرورة هذا التغيير ظاهرة للعيان منذ سنوات عديدة، ولكنها تجمعت، في الأشهر الأخيرة، بقدر لا يمكن معه التجاهل أو التأجيل. إن الأحداث التي تقع عندنا باستمرار، والتي تقع حولنا منذ أشهر، تذكر بمثيلات لها عرفتها بلادنا في شهر أكتوبر سنة 1988، وعرفت ما انجر عنها من أحداث جسام وأزمات، ومآس ما زال الشعب يتجرع، بعض كؤوسها المرة. وقال في تحليله "ويزيد من خطورة أحداث هذا المشهد عندنا، أن الخطاب الرسمي، في مستويات مسؤولة، يخطئ، أو يتعمد الخطأ، في قراءتها، ويهون من تأثيرها، وينكر دلالتها السياسية الكبرى بدعوى أن المطالب المرفوعة من طرف المتظاهرين لا تتضمن أي مطلب سياسي. وغرابة هذه القراءة والتحليل تتجلى عندما نتصور طبيبا ينتظر من مرضاه أن يكتبوا له وصفة العلاج" !. وحذر مهري إن مثل هذه القراءة الخاطئة دون استخلاص الدروس الصحيحة من حوادث أكتوبر 1988 ويرى أن هذه القراءة الخاطئة تشمل الأحداث التي تجري في أقطار قريبة منا، كتونس ومصر، بالتركيز على أوجه الاختلاف بينها وبين بلادنا، لاستبعاد الدروس التي تمليها أحداثها وتجاربها. مع أن المشترك بيننا وبين هذه الأقطار لا ينحصر فقط في عدوى اللجوء المأسوي للانتحار بالنار، ولكن فيما هو أعمق وأخطر، وهو طبيعة نظام الحكم نفسه. وتضمنت مقترحات مهري إضافة إلى إطلاق مشاورات، على أوسع نطاق، مع القوى السياسية تمهيدا لعقد الندوة الوطنية الإسراع بإزالة كل العوائق والقيود، التي تحول دون حرية التعبير أو تحد منها. وإطلاق ملتقيات للحوار تجمع في مختلف المستويات، ومن مختلف التيارات الفكرية والسياسية، المواطنين الملتزمين الذين ينبذون العنف والإقصاء السياسي، ويسعون لتبين القواسم والاهتمامات المشتركة التي يمكن أن تلتقي عندها الإرادات والجهود لإنجاح التغيير السلمي المنشود وإنشاء أفواج للتقييم تضم في مختلف المستويات، ومن مختلف التيارات الفكرية والسياسية عددا من المختصين أو المهتمين بقطاع معين من النشاط الوطني للاضطلاع بتقييم موضوعي لما أنجز فيه منذ الاستقلال وتحديد نقاط القوة والضعف فيه، وتشكيل وداديات التضامن ضد الفساد والرشوة.