نتعاون مع فرق سويدية لبلوغ العالمية أعرب الفنان أحمد بن خلاف رئيس جمعية مريد الطريقة العيساوية والأصول الثقافية لولاية قسنطينة للنصر عن أسفه للتشويه الذي لحق بطابع العيساوة الصوفي الذي طغت عليه بعض الممارسات الدخيلة، وأنه كخطوة أولى لتصحيح هذا الخلط ستنظم جمعيته ملتقى حول الطابع الأصيل لهذا الفن، بالإضافة إلى فتح مدرسة لتعليم أصوله، وتصميم لوحات راقصة بالتعاون مع فرقة سويدية لإيصاله إلى العالمية. ودعا فنان العيساوة إلى محاربة الكثير من الممارسات الخاطئة، وقال أنه ضد الإستعراضات التهريجية باستعمال المسامير والزجاج، وإدخال الآلات العصرية عليه. بخصوص مشاركة الجمعية في المرحلة الوطنية من افتتاح تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية الذي تزامن مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قال: " كان لجمعيتنا شرف تمثيل ولاية قسنطينة فمثلناها أفضل تمثيل .. شاركنا في عروض الافتتاح الخارجية بباقة من المدائح الدينية التي تعرف بطابعنا وتتوافق مع الاحتفال بالمولد النبوي... ولم تلبث وزيرة الثقافة أن دعتنا لتقديم عرض آخر في حفل الاختتام رغم أنه لم يكن مبرمجا.." وأعرب عن اعتزازه وفرحه بهذه الالتفاتة، مضيفا بأنه بصدد تحضير مشروع سيقترحه على المسؤولين، لتتمكن جمعيته من المشاركة مجددا في فعاليات هذه التظاهرة الثقافية والفنية الكبرى... وشرح بأنه على اتصال دائم بفرقة "أكيتو" السويدية للرقص الايقاعي التي يترأسها فنان من أصل عراقي من أجل التعاون والتنسيق لتجسيد هذا المشروع.. وفي هذا الاطار، من المنتظر أن يحضر مجموعة من أعضاء الفرقة لتدريب شبان منخرطين في الجمعية على الرقص الايقاعي... مضيفا: "سنسعى صهر الغناء الروحي بالرقص الروحي من خلال لوحات فنية راقية ومعبرة نصممها معا.. إن الطابع العيساوي ليس "تهوال" وحركات فوضوية هيستيرية ولعب بالزجاج والمسامير واستعراضات فلكلورية... إنه أسمى وأرقى من أن ينحرف عن مساره الصوفي هناك رقصات وحركات صوفية سنخرجها إلى النور من خلال هذا المشروع..." وفي ما يتعلق بمضمونه، أسر إلينا: عنوان المشروع "رحلة"... سيعرف بالأولياء الصالحين والطرق الصوفية من خلال لوحات فنية تعبيرية... انطلاقة الرحلة من قسنطينة حيث ينتقل الولي الرمز سيدي راشد عبر مدن وقرى عديدة في طريقه إلى تلمسان ويتعرف على أوليائها، ويزور زواياها التي تخرج منها العلماء والباحثين والفنانين.. هذه هي الفكرة الأساسية للمشروع.." وأضاف: "شاركنا في العديد من المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية بالخارج وآخرها مهرجان دبي، فلاحظنا بأن العرب والأجانب لايفهمون فننا ولا يستوعبون أبعاده وأصوله الروحية الصوفية، فقررنا أن نعتمد على الرقص التعبيري لايصال الرسالة أو على الأقل تقريبها أكثر من الأذهان والقلوب... فالرقص لغة عالمية سنجعلها تنصهر في ما نقدم من مدائح وأغان وتلتحم بها.. هدفنا اخراج هذا اللون من المحلية باتجاه العالمية". سألناه عن رأيه في المزج بين الآلات التقليدية والعصرية في أداء هذا الطابع "فرد بحماس: "أنا ضد ذلك، فالآلات العصرية تفقد هذا الطابع روحه وسحره وأصالته...". وتابع قائلا: "قسنطينة ثرية جدا بألوانها الفنية، ولكل لون خصائصه وجمالياته... فاللون العيساوي يعتمد في أدائه على آلات تقليدية وفي مقدمتها الدف... وهناك نقاط يلتقي فيها بالمالوف، حيث يقابل المحجوز في اللون الأخير، المديح الديني في العيساوة، ولكل منهما نوباته الخاصة وقصائده... واستعمال الآلات الموسيقية الخاصة بالمالوف لدى تقديم اللون العيساوي لا يؤثر على أصالته ولا يشوهه خاصة اذا تعلق الأمر "بالجواق" والكمنجة والعود". وشدد بأن جميعته التي تأسست في 8 أفريل 2001 ولا تملك لحد الآن مقرا قارا، تهدف أساسا إلى المحافظة على التراث الفني والثقافي القسنطيني خاصة العيساوي وتكوين الأجيال الصاعدة لحمل المشعل... لهذا قررت أن تجعل من الاحتفال السنوي بالمولد النبوي، فرصة لفتح مجال المنافسة بين البراعم عن طريق تنظيم مسابقات بالتنسيق مع مديرية الثقافة في حفظ الأحاديث النبوية وانتقاء أفضل مجموعة صوتية في الإنشاد والمديح الديني. وقد شارك فيها 1600 تلميذ وتم توزيع الجوائز على الفائزين في حفل كبير أحياه أعضاء الجمعية و60 فنانا آخرين من فرق عيساوية من القل وسوق أهراس وعين البيضاء وغيرها يوم الاربعاء الفارط... والأهم هو احتفال الجمعية بالذكرى العاشرة لتأسيسها في أفريل القادم بطريقة خاصة ذات منافع عامة حيث ستدشن مدرسة لتعليم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و15 عاما الفنون التراثية وخاصة طابع العيساوة بمقر فوج الرجاء التابع للكشافة الاسلامية. وأوضح المسؤول الأول عن الجمعية بهذا الشأن: "المدرسة هدف أساسي في برنامجنا وقد حالفنا الحظ بحصولنا على دعم من وزارة الشباب والرياضة لتجسيده". وأشار إلى رغبته الجمة في تنظيم ملتقى حول الطريقة العيساوية في الذكرى العاشرة للجمعية، يميط اللثام على حقيقتها وأبعادها وأهدافها الروحية الصوفية لأنها – كما قال – "انحرفت عن طريقها القويم السليم بسبب جهل الكثيرين لجوهرها". وبخصوص أحمد بن خلاف المطرب الذي بدأ ينحت اسمه في الساحة الغنائية منفردا، قبل تأسيسه للجمعية قال: "مدرستي الأولى في الفن العيساوي هي فوج الرجاء للكشافة الاسلامية، حيث كان يتدرب شيوخ الطريقة، فانضممت الى المجموعة الصوتية الكشفية ثم الى الفرق المدرسية والثانوية وكان ينمو داخلي حب هذا الطابع الصوفي... حتى عندما حصلت على شهادة الدراسات التطبيقية الجامعية في قانون الأعمال لم أستطع الابتعاد عن العيساوة فسجلت ألبومين بهذا اللون في 1999 و2001... ثم ذبت في الجمعية وأهدافها، وشاركنا في العديد من الحفلات والمهرجانات داخل وخارج الوطن وواظبنا على احياء كافة المناسبات الدينية... وفي 2010، طرحت البومي الثالث "الملقى" وهو مزيج من العيساوة والمالوف... ان تراثنا يزخر باللآليء النفيسة التي تنتظر اخراجها من قوقعاتها... فلماذا لا نتعاون جميعا من أجل الارتقاء بقسنطينة وتراثها والتعريف بها في كل مكان؟؛"