تميزت الليلة الثالثة من ليالي المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة، في طبعته الثالثة، بحضور المراقب العام للطريقة العيساوية في الجزائر، الشيخ سيدي عبد الكريم الجزولي، الذي أثنى على جدية الفرق المشاركة وعلى الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، داعيا إلى استمرارية التظاهرة في ظل الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي والاختلاف الإيجابي. * كما تميزت السهرة أيضا بالأداء الجيد والمتميز لفرقة "ناس عيساوة" من تلمسان، التي تجاوب جمهور دار الثقافة مع أدائها الذي اتخذ في البداية طابعا جزائريا تلمسانيا لا يختلف كثيرا عن الطبوع الفنية العيساوية الموجودة في المنطقة الغربية من الوطن، سواء من حيث الكلمات أو الألحان والإيقاعات، قبل أن تتحول الفرقة إلى الأداء الفني المغربي العميق شكلا ومضمونا. ويلاحظ على أداء هذه الفرقة الشبابية نسبيا، أنها تجمع بين التقاليد العريقة للطريقة العيساوية، وبين الأداء العصري من حيث الآلات، حيث إنها توظف إلى جانب البندير والدربوكة والطار والطبيلات أو النغرات وهي معروفة في الأداء العيساوي عموما، آلات أخرى ارتبطت أكثر بالصنعة أو الغرناطي مثل العود والكمان، الأمر الذي قربها أكثر من الجمهور وأعطى حميمية خاصة لأدائها. * وشاركت فرقة جمعية "بحر الهوى" من ڤالمة بمجموعة من "البراول" المعروفة في المنطقة التي تتميز مثل عنابة وسوق اهراس والقل وحتى بعص المناطق التونسية مثل سفاقص، بأدائها العيساوي الساخن أو"الحار" بالتعبير العيساوي الشعبي. أما فرقة جمعية عيساوة التراثية من المدية، فقدمت مجموعة من المدائح التي ميزها الجمع بين الطابع البدوي من حيث الآلات المتمثلة في البندير والقصبة أو الناي، وبين الصنعة من حيث بعض الألحان التي اتخذتها النصوص. * وقدمت الجمعية الصوفية العيساوية من قسنطينة، التي يقودها رياض عبدي وهو من تلاميذ مدرسة الشيخ الدرسوني في قسنطينة، مجموعة أخرى من "براول الحضرة" بعد مقطع من "المجرد"، حيث كانت لهذه الجمعية الفتية عدة مشاركات داخل وخارج الوطن صمن مهرجانات ومناسبات مختلفة، وهي تطمح حسب رئيسها إلى تحقيق المزيد من النجاح والتألق الفني على درب الفن العيساوي. * وكانت هذه الفرقة إضافة إلى الفرق الأخرى المشاركة، مرت في بث مباشر قبل انطلاق السهرة الرسمية، على أمواج إذاعة سيرتا القسنطينية رفقة الزميل المعتز بالله بلهوشات الذي له هو الآخر نصيب ومشاركة في الطريقة العيساوية وأدائها الفني إلى جانب عمله الإعلامي. * يذكر أن منطقة وزرة التي تبعد ستة كيلومترات عن مدينة المدية، هي التي شهدت تأسيس الطريقة العيساوية في الجزائر حيث احتضنت أول زاوية عيساوية أسسها التلميذ المباشر لسيدي محمد بن عيسى، وهو الشيخ محمد بن علي دفين هذه الزاوية التي توجد على قمة جبل، وتتميز بالتخطيط نفسه الذي توجد عليه الزاوية العيساوية الأولى في مكناس والتي تضم ضريح مؤسس الطريقة. ومن وزرة انطلقت الطريقة العيساوية الشاذلية إلى الغرب والشرق الجزائري، ومنه إلى تونس وليبيا والمشرق العربي حتى وصلت الحجاز.