أطرب الفنان العيساوي زين الدين بوشعالة رفقة فرقة جمعية "الزيار" العيساوية، جمهور قاعة الموقار مساء الأربعاء، في حفل فني بهيج كان مزيجا جميلا من الفن الصوفي العيساوي والمالوف القسنطيني. الحفل تجاوب معه الجمهور الذي كان من مختلف الأعمار، بحماس منقطع النظير. من جانب آخر عاد الفنان بألبوم جديد تحت عنوان "ورد القدوم". * قال زين الدين بوشعالة في تصريح للشروق، إنه لم تتيسر له المشاركة في مهرجان "خرجة سيدي راشد" التي أصبحت تقليدا سنويا لمدينة قسنطينة، لأنه كان خارج الوطن، لكنه أكد "تشجيعه لمثل هذه المبادرات التي تعمل على نشر وتجذير الفن العيساوي الأصيل وكل ما يرتبط بمفردات الثقافة الوطنية، وأن ذلك يعتبر مسؤولية الجميع". من جانب آخر طرح زين الدين بوشعالة، ألبوما جديدا تحت عنوان "ورد القدوم" أنتجه الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة. يتضمن الألبوم فقرتين، الأولى هي "ورد القدوم" العيساوي الشهير الذي يعتبر نوعا من "المجرد" الذي يؤدى بالصوت البشري فحسب دون آلات، ويتخلله التصفيق أحيانا، ومطلعه "يا خوتي مانيشي غريب، أهلي في كل أوطان". أما الفقرة الثانية فهي عبارة عن "برول حضرة" تحت عنوان "بسم الله مفتاحي" يقول فيه :"نسعد بكيوس تنجلى/ ونكمد في جراحي/ اليوم قد باح ما خفى/ برح يا براحي/ صلى الله على شفيعنا/ نور الحق الهادي/ نتمنى بحضرتو/ إخواني وولادي". توظف جمعية "الزيار" للفن العيساوي التي يقودها بوشعالة، مجموعة من الآلات الإيقاعية هي البندير، والدبوكة، والطار، والنغرات، إضافة إلى آلة الزرنة أو "الغايطة" التي لا تعتبر من الآلات الأصلية في الأداء العيساوي، ولكن تم إدخالها حديثا حيث شاع استعمالها عند الفرق المؤدية لهذا الفن الصوفي، كآلة مساعدة تعوض النقص في أصوات الكورال.يرتبط الفن العيساوي بالطريقة الصوفية العيساوية الشاذلية، التي أسسها سيدي محمد بن عيسى الملقب "الهادي بن عيسى" و"الشيخ الكامل" دفين مكناس في المغرب. وقد تأست هذه الطريقة في القرن التاسع الهجري ودخلت الجزائر حينها من خلال منطقة المدية (التيطري) وتحديدا وزرة، حيث تم تأسيس أول زاوية عيساوية. ومنها انتقلت الطريقة إلى مختلف المناطق الجزائرية قبل أن تنتقل إلى تونس وليبيا ومصر وحتى العراق والحجاز. ووصل الأداء الفني العيساوي ذروته في الشرق الجزائري، لتفاعله مع طبوع النوبة في المالوف، حيث كان المرحوم أحمد بسطانجي من بين أهم الأسماء التي أسهمت في ترقية هذا الفن من خلال إدخال طبوع المالوف عليه. * يتضمن الفن العيساوي عدة ألوان من الأداء، من بينها : "الحزب" وهو ورد سيدي بن عيسى الشهير بحزب "سبحان الدايم" ومطلعه "توكلت على الحي الذي لا يموت"، وورد القدوم، والمجرد، والمدحات أو قصائد المديح، وبراول الحضرة، والنوبات، والموشحات. يشار إلى أن أبرز نجوم فن المالوف، مروا في مشوارهم من الطريقة العيساوية ومن بينهم الحاج محمد الطاهر الفرقاني، حيث يقر هؤلاء بأن الطريقة العيساوية تعتبر مدرسة فنية بأتم معنى الكلمة، أسهمت وما تزال تسهم في الحفاظ على التراث الوطني.