الحايك و سروال الشلقة و الكاصاكا أزياء لازالت تقاوم بالوسط الجزائري تغير مظهر المرأة الجزائرية في السنوات الأخيرة بشكل ملفت، فوجدت نفسها بأزياء جديدة، ألغت أغلبية الملابس التقليدية خاصة بالشرق الجزائري، فاندثرت الملاية، قندورة الخراطات، و الشبيكة، في وقت تأبى نساء كثيرات بالوسط الجزائري التنازل عن الحايك، السروال المدور و سروال الشلقة، و محرمة لفتول، الكاصاكا و الفشطان في شكل لباس يقال بأنه صالح لكل المناسبات في كل زمان. فالمظهر الخارجي، و إن كان يعبر عن شخصية الفرد، إلا أنه كثيرا ما ارتبط بعادات و تقاليد كل منطقة، غير أن المحافظة عليه في زمن العولمة و آخر صيحات الموضة العالمية التي لم تترك شبرا من العالم دون اقتحامه، جعلت المحافظة على القديم منه كمن يقبض على جمرة. إذ نجد بأن أغلب فئات المجتمع بالجزائر قد تخلت عن لباسها التقليدي الذي و إن كانت النساء و حتى الرجال يحرصون على المحافظة عليه و الظهور به خلال المناسبات، إلا أنه بات اليوم يصارع النسيان على رفوف خزائن أفراد لا يزالوا يحتفظون بها كتذكار، فيما لجأت الغالبية لبيعها أو استبدالها بأشياء أخرى، أو تحويلها إلى قطع قماش لأجل التنظيف. ربما يعتبر الشرق الجزائري، خاصة قسنطينة من أهم المناطق التي تخلف فيها سيداتها بشكل كبير عن عاداتها في الألبسة، إذ لم نعد نشاهد الطيف الأسود للملاية المميزة باللثام «العجار» الأبيض أو «البيج»، و لم تعد جداتنا و أمهاتنا تلازم قندورة الخراطات القصيرة ، و لا ترفقها بالحميلة أو المحزمة، سواء كانت من الذهب أو الفضة، بينما تخلت عن وضع الشبيكة بتقنية التقريطة على الرأس و عادات أخرى كثيرة لم تعد تشاهد سوى في الأعراس ،بندرة حادة. الواقع و إن كان بهذا الشكل بالشرق الجزائري، فإن سيدات كثيرات بالوسط خاصة الجزائر العاصمة و بومرداس، مازلن يحافظن رغم مرور الزمن و موجة التطورات العارمة، على ألبستهن التقليدية، فالحايك لا يزال يشكل طيفا ملائكيا يحوم في الشوارع و إن كان قليل الظهور، فكثيرا ما نشاهد عجوزا أو كهلة ، ترتدي الحايك و سيقانها عارية من الأسفل، و لا يظهر منها سوى سروال الشلقة أو السروال المدور. تقول خالتي سعيدة باية ،القاطنة بمنطقة باب الواد بالعاصمة ،بأنها و على الرغم من أن عمرها تجاوز السبعين، فهي تحرص على التمسك بالحايك مرمة، و الظهور به في كل مكان، كما تغطي وجهها باللثام الذي لا يظهر سوى عيناها الذابلتان بفعل تقدم العمر، حيث تقول بأنها تعتبره زيا مقدسا يعكس شخصية المرأة العاصمية، و تحاول عبر الظهور به ،تمرير رسالة إلى الجيل الجديد بعدم التخلي عنه مهما تغيرت الأزمان، مضيفة بأنها لا تعترف بالعباءة السوداء، و لا أي لباس آخر يلغي لباسا لطالما مثل المرأة الجزائرية عبر العالم. أما خالتي فاطمة، ابنة فوردلو بالعاصمة أيضا، فلا يزال السروال المدور يلازمها في حياتها اليومية و إن ارتدت فوقه قندورة، كما رفضت سيدات أخريات، تقول خالتي فاطمة، التخلي عن الفشطان الذي يشبه التنورة العريضة، و يشد بخيط على مستوى البطن و هو الذي يشكل لباسا خاصا بالبيت يرفق من الأعلى بما يعرف بالكاصاكا التي يجوز ارتداؤها مع سروال الشلقة المفتوحة قليلا من الجانبين. و تؤكد المختصة في اللباس التقليدي السيدة نبيلة بن فضة ابنة باب الواد، بأن الكثيرات من نساء العاصمة مازلن يحافظن على لباسهن التقليدي، ما يعكسه الطلب التي قالت بأنه زاد خلال الثلاث سنوات الأخيرة على هذا النوع من اللباس بعد أن كان قد عرف تراجعا في فترات سابقة، و تضيف الخياطة قائلة بأن الإقبال عليه يرتبط بكبيرات السن اللائي مازلن يرتدين يوميا اللباس العاصمي. و بالنسبة للباس الخروج، قالت السيدة نبيلة بأن كثيرات عجزن عن استبداله خجلا من نزع الحايك و لعجار الذي تعودن على ارتدائه، على شاكلة خالتي مسعودة التي تقول بأنه يشكل جزءا من شخصيتها، و تحث بناتها و حفيداتها على عدم التفريط فيه. و إن كانت بعض المتقدمات في السن تحافظن على القديم، فإن الشابات قد تخلين عنه و إن كانت بعض الجمعيات تعمل على إحياء الحايك، خاصة من خلال الظهور به في أيام خاصة وحتى في تصديرة العروس التي بات يشكل قطعة أساسية منها،و تبقى المجتمعات و رغم تطور الأزمان، مجبرة على المحافظة على موروثات تشكل جزءا لا يتجزأ من تاريخ شعوب تحتاج إليه ليكون شاهدا على مرورها عبر هذه القطعة من الأرض.