كشف المخرج و الباحث في تاريخ السينما الجزائرية جمال محمدي، المشرف على المعرض المخلّد لذكرى رائد السينما الجزائرية القسنطيني طاهر حناش، بأن قاعة السينماتيك المنتظر فتحها قبل نهاية تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، ستحمل اسم أول مخرج جزائري يستعمل المؤثرات و الخدع السينمائية في الإنتاج المحلي. شهد المعرض المنظم على شرف طاهر حناش، بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة طيلة فعاليات الأيام السينمائية للفيلم العربي المتوّج، إقبالا كبيرا من قبل عشاق الفن السابع، و يعتبر حناش أول جزائري مارس التصوير السينمائي و درس السينما و الإخراج السينمائي في فرنسا، و أول مخرج حافظ على استمرارية الفن السابع، من خلال جمع و خلق علاقة بين السينمائيين الأوائل على التراب الجزائري، كما كان شاهدا حيا على بداية تصوير أول فيلم ناطق، لأنه أول من استعمل المؤثرات و الخدع السينمائية في السينما المحلية. و بخصوص المعرض ذكر جمال محمدي، بأنه عمد إلى جمع الأرشيف المشتت من صور، وقصاصات جرائد ، ومراسلات تتضمن حياة ومسار السينمائي الطاهر حناش، مضيفا بأنه حاول تسليط الضوء على حياة هذا السينمائي الكبير، من خلال الصور و كذا الأفلام التي صوّرها أثناء مساره السينمائي الحافل، و ذلك من خلال الاعتماد على الأرشيف الخاص الذي احتفظت به عائلته بعد وفاته عام 1972، بما فيه صور بلاتوهات التصوير و الأفلام التي صورها، وبعض الأغراض الشخصية و الاكسسورات، إلى جانب قصاصات الصحف التي كان يحتفظ بها شخصيا و التي تصل إلى 120 وثيقة من كل الأنواع و الأشكال. المعرض لخص حياة السينمائي و أعماله الفنية التي أنجزها بين سنتي 1922 و 1972، و أيضا مساره كمدير للتصوير وعمله إلى جانب كبار المخرجين، و وقوفه أمام كبار نجوم السينما الفرنسية، مع التركيز على حياته كمخرج سينمائي جزائري مستقل، كان له الفضل في نشأة السينما الجزائرية من خلال فيلمه "غطاسو الرمال" الذي أخرجه عام 1952. عن مسار طاهر بن الحناش المدعو حناش، المولود بقسنطينة عام 1898، قال جمال محمدي بأنه أبدى ولعا بمختلف العلوم والفنون ، لاسيما علم الميكانيكا، محركات السيارات وعربات النقل بالسكك الحديدية، البواخر وغيرها من الاختراعات الميكانيكية الحديثة، التي قلبت موازين القرن بتلك النقلة النوعية في مجالات الصناعة الحديثة، و كان كلما خرج من المدرسة، يتجه إلى الساحات العمومية لمشاهدة أفلام السينما المتنقلة، أين كانت تعرض الأفلام الفرنسية والأجنبية، لاسيما الوثائقية منها والموجهة للدعاية لفائدة الاستعمار الفرنسي، إلى أن قادته الصدفة و حب الاطلاع و جرته قدما، لأول مرة إلى ورشة بناء أول قاعة سينما "نيماز" المسماة حاليا سينما "رمال"، أول قاعة سينمائية تم بناءها بمدينة قسنطينة أثناء فترة الاحتلال. للتذكير سافر حناش إلى باريس عام ،1920 و عمره لا يتجاوز 18 سنة، أين عمل في مجال التصوير، ثم كممثل شارك في عديد الأفلام، إلى جانب نجوم السينما الفرنسية و كبار المخرجين الفرنسيين، حتى نهاية عام 1928، تاريخ توديعه فترة الأفلام الصامتة، بعمله في فيلم صامت عنوانه "الرمال المتحركة"، كما كان حاضرا ومؤهلا كتقني تصوير و شاهد وقع اسمه في أول ناطق "شيكي". و في عام 1952 كان من حظ طاهر حناش، أن يكون بجانبه ابن عمته وصديقه التقني والمصور العبقري جمال شاندرلي الذي عمل معه على إعداد و إخراج أول فيلم جزائري بنسبة مائة بالمائة و عنوانه "غطاسو الرمال"، التحفة السينمائية الكلاسيكية، ليكون بذلك مخرجا لأول فيلم روائي جزائري طويل. و بعد مشوار حافل قارب 60 عاما من العطاء السينمائي ، رحل طاهر حناش ذات صائفة بتاريخ 1 أوت 1972 بمستشفى المدية، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، و وري التراب بمقبرة العالية.