أكد مهنيون وخبراء في الميدان أمس أن قدرات الإنتاج الحالية بالجزائر كفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحليب الطازج والاستغناء نهائيا عن اللجوء إلى الاستيراد في حال ما إذا التزمت السلطات العمومية بإزالة العوائق التي تواجه شعبة الحليب، وتقديم المزيد من الدعم للمربين المنتجين والمستثمرين و في أسرع وقت ما يمكن أن يؤدي فعلا إلى تحقيق الأهداف المسطرة الرامية إلى ضمان تلبية الحاجيات الوطنية من الحليب المنتج محليا في آفاق 2019. و في يوم دراسي نظمته وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري بالعاصمة، دعا رؤساء غرف جهوية للفلاحة ومهنيون وفاعلون في شعبة الحليب إلى الحد من اللجوء إلى استيراد الحليب من الخارج باعتبار أنه، أضحى – حسبهم - من أهم العوائق التي تحول دون التمكن من تطوير شعبة الحليب بل وترهن مستقبل هذه الشعبة، مشددين على ضرورة توفير المزيد من الدعم للمربين والمستثمرين سيما من خلال توسيع مساحات الرعي ودعم الأعلاف وتوفير شروط التكفل بإنتاج الحليب كونه من المنتوجات سريعة التلف، بما يجعل هذه الشعبة تلعب دورها في النهوض بالاقتصاد الوطني. وقد تم بذات المناسبة استعراض نتائج دراسة ميدانية قام بها المكتب الوطني للدراسات في مجال التنمية الريفية التابع لمصالح وزارة الفلاحة خصصت للوقوف على أهم المشاكل التي تعيق المشتغلين في ميدان تربية الأبقار شملت ثلاث ولايات هي باتنة وعنابة و سوق أهراس، والتي خلصت إلى أن أكبر مشكل يعاني منه المربون يتمثل في توفير الأعلاف من حيث الكمية والنوعية إلى جانب النقص الكبير في مساحات الرعي التي يفتقدها اغلب المربين. وتمت الدعوة في ذات النتائج إلى ضرورة توسيع الإنتاج باستغلال مساحات جديدة لا سيما بمناطق الجنوب. وفي تدخله أكد مدير برمجة الاستثمارات بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية اسكندر مكرسي أن الوزارة الوصية قامت بتقديم تدعيم مباشر لشعبة الحليب والمجموعات الداعمة لها بقيمة 500 مليون دينار في إطار سعي الدولة لترقية الإنتاج الوطني من الحليب الطازج والحد من اللجوء إلى استيراد مسحوق الحليب، وتحقيق الأهداف المسطرة الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحليب في آفاق سنة 2019 إلى 2020، علما أن الإنتاج الوطني من الحليب يقارب 3,6 مليار لتر سنويا من حجم الاستهلاك السنوي من هذه المادة المقدر ب 5 ملايير لتر، 1,5 منها مستوردة. وبحسب المعطيات الأخيرة التي نشرها المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك، فإن فاتورة واردات مسحوق الحليب والمواد الدسمة المستعملة كمدخلات في هذه الشعبة قد تراجعت إلى 43,787 مليون دولار في شهر جانفي المنصرم مقابل 62,791 مليون دولار خلال ذات الشهر من 2015. ومقابل ذلك ارتفعت الكميات المستوردة خلال جانفي الماضي إلى 17ألفا و76,42 طن مقابل 14ألفا و 758,08 طن خلال جانفي 2015 ، وبهذا تراجعت قيمة الواردات ب 30,27 بالمائة، في جانفي الأخير، مقارنة بجانفي من السنة الماضية في حين ارتفعت الواردات من حيث الكمية ب15,71. ويفسر ذات المصدر التراجع الكبير للفاتورة رغم تراجع الواردات من حيث الكمية بانخفاض أسعار مسحوق الحليب ومشتقاته في الأسواق الدولية، حيث تراجع متوسط سعر مسحوق الحليب عند الاستيراد بنحو 40 بالمائة ليبلغ 2800 دولار للطن خلال 2015 مقابل قرابة 4800 دولار خلال نفس سنة 2014. وتمت الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في إطار السعي لتقليص واردات هذه المادة المدعمة وتطوير شعبة الحليب محليا أقرت الحكومة تدابير جديدة لصالح المربين ومهنيي شعبة الحليب من خلال رفع نسبة دعم الحليب الطازج وتشجيع الاستثمار في إنتاج الحليب. وحددت الحكومة سعرا مرجعيا للتر الواحد من حليب البقر الطازج عند 50 دينارا موزع على 36 دينارا كسعر بيع حليب البقر الطازج للملبنات و 14 دينارا كدعم مقابل 34 دينارا سعر البيع و 12 دينارا كدعم كانت مطبقة سابقا. ولإيجاد حل لانشغال المربين المتعلق بسوق الأعلاف فقد تقرر – يضيف ذات المصدر - تزويد المربين مباشرة بالأعلاف المدعمة من طرف الدولة دون المرور على الأسواق، فيما تم اتخاذ إجراءات على المدى المتوسط من قبل الحكومة بهدف وضع إستراتيجية كفيلة بإعادة بعث شعبة الحليب. ويتعلق الأمر خصوصا بحصول المهنيين في شعبة الحليب على العقار الفلاحي من أجل تمكينهم من الاستثمار في شعبة الحليب والمساهمة في إطار تطوير الحبوب والعلف. وتطمح السلطات العمومية في هذا الإطار إلى تعزيز ودعم إنشاء مزارع عصرية متكاملة ومدمجة لتربية الأبقار الحلوب وإنتاج الحبوب والأعلاف في إطار عقود-برامج، إلى جانب تشجيع قرض "الرفيق" من اجل الاستثمار في مجال إنتاج الأعلاف.