العرباوي يترأس اجتماعا درس توصيات لقاء الحكومة مع الولاة    جثمان المرحوم سيد أحمد غزالي يوارى الثرى    نأسف لإحراق المصحف الشريف التي وقعت سابقا في الدنمارك    ندوة تاريخية للتأكيد على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    الجامعة العربية ترفض تصريحات ترامب    انتخاب الجزائر لرئاسة شبكة اتحاد المنظمات الإفريقية لمكافحة السرطان    باتنة : توقيف شخص وحجز 2085 قرصا مهلوسا    التفجيرات النووية.. وصمة عار تطارد فرنسا    سونلغاز : فريق عمل مشترك لتوسيع مستوى التعاون مع شركات الطاقة البوسنية    مناجم : تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف محور عدة لقاءات للسيدة طافر بجنوب إفريقيا    الدولة وفّرت كلّ الإمكانيات لضمان الأمن للمواطن    إيتوزا تسطر برنامجا خاصّا برمضان    ضبط شاحنة مغربية محملة بالحشيش في إسبانيا    المجلس الشعبي الوطني : طرح أسئلة شفوية على عدد من أعضاء الحكومة اليوم    المدير العام لبورصة الجزائر : فتح رأسمال البنوك سيسمح بخلق ثروة جديدة    لجنة الصحة تستمع لآراء الخبراء: اقتراح تمديد عطلة الأمومة من 14 إلى 24 أسبوعًا    التقى بأعضاء النقابة الجزائرية للبيولوجيين..وزير الصحة يعد بمعالجة اختلالات القانون الأساسي الجديد    افتتح أمس بقصر المعارض..أزيد من 170 عارضا في الصالون الدولي للصيدلة    الجلفة: تنفيذ تمارين إفتراضية لمجابهة الأخطار الكبرى    معسكر: إبراز التراث الأدبي و الديني للأمير عبد القادر    كرة القدم: انتخاب مسلوق رئيسا لرابطة كرة القدم المحترفة    الألعاب الإفريقية للرياضة المدرسية: زيارة تفقدية للمسبح الأولمبي الباز بسطيف    السيد عطاف يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره التركي    توقرت : إطلاق قافلة إعلامية حول الدخول المهني الجديد 2025    جامعة هارفارد الأمريكية تخصص ندوة للقضية الصحراوية    شرفة يضع حجر الأساس لمشروع إنجاز صومعة للتخزين الاستراتيجي للحبوب بسعة 100 ألف طن في بسكرة    كرة القدم ( رابطة ابطال افريقيا وكأس الكونفدرالية): القرعة تسحب يوم 20 فبراير بالدوحة    أوشار: قانون المالية 2025 يهدف لتعزيز رفاه المواطن وتنمية الاقتصاد الوطني    الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة رسمية إلى جمهورية الهند    الصالون الدولي للحديد والصلب من 23 إلى 26 فبراير بالجزائر العاصمة    العدوان الصهيوني: اللجنة الأممية المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه تبدأ اجتماعاتها اليوم    160 منظمة دولية تدعو أوروبا لحظر التجارة مع المستوطنات الصهيونية    سايحي يتباحث مع سفيرة الدانمارك بالجزائر حول سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجال الصحة    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    هذا سبب تكالب اليمين على الجزائر    قاصدو مسجد البغدادي يستغيثون    آلاف الشهداء تحت الركام    ليت الزمان يعيد نفسه..!؟    "عدل 3".. مناقصات لمتابعة إنجاز 194 ألف مسكن    "كلاب لا تنبح".. عن فلسطين وأشياء أخرى    وزير الصحة يؤكد التزام الدولة بالتكفل بمرضى السرطان ويشيد بمجهودات "صيدال" لتوفير الادوية المنتجة محليا    سايحي يجتمع بالنقابة الوطنية لمستخدمي التخدير والإنعاش    استدامة وقف إطلاق النار وآفاق تحقيق السلام    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    هزائم كارثية تزلزل عرش غوارديولا    مدرب غينيا الاستوائية يعترف بتطور مستوى "الخضر"    أنصار ميلان يهاجمون كونسيساو بسبب بن ناصر    مسرحية "أسدرفف" تتوج بالعقبان الذهبي    "قم ترى" مع سامية شلوفي    قويدري يتسلم مهامه على رأس وزارة الصناعة الصيدلانية : "سنعمل على توطين صناعة الأدوية وتحقيق الأمن الصحي"    النقابة الوطنية لناشري الكتب تثمن إجراءات الدعم الجديدة لصناعة الكتاب وتسويقه    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    ما هي فرص التقاء ريال مدريد وبرشلونة؟    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذه صفات عباد الرحمن..    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النصر" تغوص في عالم بني هارون.. أضخم سدّ في الجزائر
نشر في النصر يوم 23 - 03 - 2016

يعتبر سد بني هارون بولاية ميلة من أكبر المنشآت المائية منذ الاستقلال، و بمثابة شريان للمياه يُتوقع أن يغطي حاجيات 6 ولايات بعد 4 سنوات، بالنظر إلى حجم طاقة استيعابه الضخمة المقدرة ب 1 مليار متر مكعب، و التي تطلب التحكم في تدفقها استعمال تقنيات حديثة اطلعت «النصر» على جوانب خفية حول طريقة عملها، و نقلت في هذا الروبورتاج صورا لا يعرفها الكثيرون عن سد بني هارون، الذي يُعوّل مسيروه اليوم على مشاريع رياضية و سياحية، لاستقطاب أعداد أكبر من السياح المحليين و الأجانب.
روبورتاج: خالد ضرباني
تعود فكرة إنجاز سد بني هارون إلى سنوات الثمانينات، حيث انطلقت شركة صينية في الأشغال القاعدية سنة 1989، لكن العقد فسخ معها بعد سنتين بسبب عدم التحكم في تقنية إنجاز حائط السد بنوع معين من الحجارة، ليتم إبرام صفقة جديدة مع شركة «دراغادوس» الإسبانية التي استأنفت الأشغال في 1992، بعد الاتفاق على تغيير المادة الأولية و استعمال نوع جديد من الخرسانة «بي.سي.آس» أو ما يعرف بالخرسانة المدككة، و قد كانت الجزائر ثاني بلد في العالم، بعد الصين، يعمل بهذه المادة غير المكلفة و سريعة الاستعمال، و هو ما سمح باستدراك التأخر الذي عرفه المشروع، رغم أنه توقف مرة أخرى بين سنتي 1993 و 1995 بسبب الظروف الأمنية.
الأشغال استؤنفت منتصف التسعينات و انتهت سنة 2002 باستلام المشروع، حيث شرع في ملء السد بالماء ابتداء من سنة 2003، أين تم تسجيل تسربات طبيعية دفعت الجهات المسيرة للاستنجاد بخبرة سويسرية و بلجيكية و فرنسية من أجل معالجتها، قبل أن يتم تدشين هذه المنشأة الضخمة من طرف رئيس الجمهورية في جانفي 2004، فيما اكتملت عملية التمييه الكلي بمياه الأمطار و الأودية سنة 2007 و شرع في استغلال مركب بني هارون الذي بلغت تكلفة إنجازه 3 ملايير دولار، لتكون ولاية ميلة «عاصمة المياه».
تزويد 6 ملايين نسمة بالماء في آفاق 2020
سد بني هارون الذي يتربع على 3700 هكتار في حالة امتلاء كلي للمنشأة، يمتد على مسافة 35 كيلومترا من حدود ولاية قسنطينة و إلى غاية ميلة، حيث يمون اليوم قسنطينة و باتنة و ولاية ميلة التي تزود منها 16 بلدية من أصل 32، فيما تم ربطه بجميع بلديات قسنطينة ال 12 و تم مد القنوات إلى غاية باتنة، و هو مشروع ضخم تهدف الوكالة الوطنية للسدود و التحويلات لتوسيعه، من خلال تمديد هذه القنوات لولايات أم البواقي، خنشلة و جيجل.
و أكد مدير استغلال سد بني هارون أن تزويد مصنع الحديد و الصلب ببلارة بالميلية، يعد من بين الأهداف المسطرة لتغطية احتياجات المنطقة بالمياه، و رغم تسجيل نقص في تزويد بعض البلديات، إلا أن الوكالة الوطنية للسدود و التحويلات تسعى إلى تغطية 6 ملايين نسمة بمياه الشرب عبر 6 ولايات و ذلك في آفاق سنة 2020، موازاة مع سقي ما يقارب 40 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية، حيث انطلقت عمليات تهيئة 7 آلاف هكتار من محيطات السقي بالتلاغمة التابعة لولاية ميلة، و كل من منطقة الشمرة و بئر توتة بباتنة، و التي ستكون جاهزة خلال هذه السنة، حسب المسؤول الذي أشار إلى إعطاء الأولوية في حماية جميع المنشآت و المباني و العائلات من خطر الفيضانات بالمنطقة السفلى، و ذلك انطلاقا من سد بني هارون و إلى غاية منطقة سيدي عبد العزيز بولاية جيجل، من خلال التحكم في عملية ملء و تفريغ السد في حالة بلوغ مستويات قياسية من المياه باتجاه وادي الكبير، و هو ما يسمح حسبه بتنظيف عمق السد و تجديد الثروة المائية طبيعيا.
نظام «جي.بي.آس» للمراقبة
ضخامة سد بني هارون رشحته لاحتلال الموقع الثاني إفريقيا و عربيا بعد السد العالي بأسوان في مصر، و ذلك من حيث طاقة الاستيعاب التي تقدر ب1 مليار متر مكعب، كما يحتل المرتبة الأولى من حيث الارتفاع المقدر ب120 مترا، و قد أخبرنا مدير استغلال السد، أن المنشأة تشتغل بأكبر محطة ضخ في العالم تقع في الطرف الآخر بالجهة المقابلة لبلدية القرارم، لكنها تعمل حاليا بمضخة واحدة فقط من بين اثنتين، حيث ينتظر تشغيل الثانية بعد استكمال مشاريع تمديد القنوات إلى الثلاث ولايات المتبقية، ما يسمح بالرفع من حجم ضخ المياه من قوة 11.5 متر مكعب في الثانية إلى حوالي 23 مترا مكعب في الثانية، و قد حاولت «النصر» دخول هذه المحطة غير أن الإدارة أعلمتنا بأنها تُسير من طرف الشركة الفرنسية المنجزة «ألستوم»، بحكم العقد الذي يربطها مع الوكالة الوطنية للسدود و التحويلات إلى غاية سنة 2017.
أما بخصوص نظام المراقبة لاحظنا وجود أربعة علب بها أجهزة استقبال تعمل بالطاقة الشمسية، مثبتة على سطح حائط السد على مسافات متباعدة، اتضح أنها تتعلق بنظام تحديد المواقع «جي.بي.آس» المستعمل في المراقبة التقنية، حيث يعتبر سد بني هارون المنشأة الوحيدة في إفريقيا و الوطن العربي المجهزة بهذه الخدمة حسب ما قدمت لنا من شروحات.
حائط السد.. العلبة السوداء
في طريقنا لقاعة المراقبة رفقة ثلاثة مهندسين مختصين في الإلكترونيك و الميكانيك، كان صوت تدفق المياه يتعالى في مسامعنا كلما تقدمت المركبة التي كنا على متنها أمتارا إلى الأمام بين الأشجار، لكن استوقفنا فجأة منظر حائط السد الضخم الممتد على مسافة 710 مترا و الهطول المتسارع لآلاف الأمتار المكعبة من فائض المياه التي كانت تمر عبر مُفرغ الفيضانات، المتمثل في أروقة ضخمة مفتوحة، منجزة موازاة مع ارتفاع السد لتسمح بتفريغ الفائض في الوادي.
حائط السد عرضه 93 مترا على مستوى القاعدة و 8 أمتار من سطح المياه، بارتفاع يقدر ب118 مترا، و قد تم إنجازه بواسطة 1.6 مليون متر مكعب من الخرسانة المدككة «بي.سي.آر» باعتبارها مادة جد متينة صعبة التصدع و لا تسمح بتسرب المياه، إضافة إلى 350 ألف متر مكعب من الخرسانة العادية، كما لاحظنا وجود أحزمة مطاطية تراعي عامل التمدد و التقلص بين فراغات الأجزاء الإسمنتية، التي تمتد كل واحدة منها على مسافة 20 مترا إلى غاية نهاية طول الجدار، إضافة إلى وجود خزانات على الأرصفة مزودة بأجهزة ثلاثية الأبعاد تستعمل لقياس تحركات هذه الأجزاء للمراقبة التقنية للجدار، و رصد تحركات المياه في السد و الأرضية و غيرها من العوامل الطبيعية التي قد تؤدي إلى حدوث تصدعات.
و ما لا يعلمه الكثيرون هو أن ذاك الحائط الضخم به أنفاق تمتد على طوله و على ارتفاع 175 مترا من سطح البحر، تتضمن عدة أجهزة إلكترونية لقياس درجة حرارة حائط السد و الضغط الهيدروستاتيكي للمياه على الحائط، و هناك أيضا قاعة المراقبة أسفل الجدار في إحدى زوايا مستودع ضخم مجهزة بمخطط إلكتروني و بجهاز إعلام آلي موصول بالشبكة الإلكترونية، التي ترصد مؤشرات أزيد من 200 مجس مغروس في مختلف أنحاء الحائط، و التي يمكن مراقبتها انطلاقا من القاعة المخصصة لذلك سواء بطريقة آلية أو يدوية، فيما يتم أخذ القياسات التي ترصدها هذه المجسات آليا و وضعها في ملف إلكتروني، مع تحيينها بصفة يومية من خلال أخذ بيانات أو قياسات جديدة، حيث أوضح المهندسون أن القياسات مؤرشفة منذ بداية استغلال المنشأة، لاستعمالها عند الحاجة من أجل تفسير أية تغيرات محتملة.
100 عون لتأمين المنشأة و 20 ألف زائر سنويا
من خلال تجولنا عبر الطريق الجبلي المؤدي إلى منطقة الشيقارة، وصلنا إلى موقع مرتفع يمكننا من خلاله رؤية المنشأة على طريقة "نظرة من السماء"، حيث استطعنا رصد العديد من نقاط الحراسة و المسالك الترابية التي كانت تختفي و تظهر وراء الغطاء النباتي الكثيف بالمنطقة، و التي امتدت تقريبا على طول حواف السد، و قد تبين لنا فيما بعد أنها تتعلق بمواقع المراقبة التي يسهر عليها 100 عون أمن تابعين لإدارة السد موزعين عبر عديد النقاط التي تغطي المساحة المحيطة بالمنشأة، و مجهزين بأسلحة نارية و أجهزة اتصال لاسلكي و كذا بكاميرات مراقبة و مركبات رباعية الدفع، إضافة إلى زوارق ذات محركات للتنقل بسرعة عبر مياه السد في الحالات الطارئة.
و تتولى هذه الفرق القيام بدوريات 24 على 24 ساعة عبر مساحة الموقع، بهدف تأمين المنشأة من أي محاولات تسلل أو اعتداءات محتملة، و هو ما لاحظناه لدى دخولنا إلى السد من خلال انتشار هذه الفرق الراجلة و الراكبة بكل الأرجاء و النقاط الحساسة، و ذلك إلى جانب ربط مركز أعوان الأمن بخط مباشر مع مصالح الدرك الوطني للتبليغ الفوري عن أي أخطار أو تجاوزات، في حين يتم إنجاز مركز متقدم للحماية المدنية بموقع قريب لضمان التدخل السريع في الحالات القصوى، و كذا في المناسبات الرياضية و الثقافية التي يتم تنظيمها على مدار السنة ببني هارون.
الجانب الأمني للمنشأة، كما تؤكد إدارة السد، انعكس إيجابا على تنظيم مختلف النشاطات الترفيهية و الثقافية و الرياضية المائية التي تقام كل سنة ببني هارون، و هو ما سمح بتغيير الفكرة النمطية من مكان لتجميع المياه و تزويد المواطنين بها، إلى فكرة البعد السياحي و الترفيهي للموقع من خلال تطوير هذا الجانب و برمجة إنجاز العديد من المشاريع لاستقطاب السياح، حيث تستقبل إدارة السد سنويا عشرات الوفود الجامعية من مختلف جامعات الوطن المتعاقدة معها، في إطار إجراء التربصات و الأطروحات في التخصصات المعنية بالبيئة و المحيطات المائية كسد بني هارون.
و يقوم مهندسون يعملون بالمنشأة مؤهلين و ذوو خبرة طويلة في الميدان، بمرافقة الطلبة و تزويدهم بكل المعلومات اللازمة، كما يستقبل السد الآلاف من المشاركين و الزوار من الجمعيات و النوادي خاصة في المنافسات الرياضية و المهرجانات العالمية على امتداد السنة، بمعدل 20 ألف زائر سنويا، 11 ألف منهم سجلوا خلال اليوم الأول من افتتاح فعاليات مهرجان الماء في سنته الثانية عام 2012 حسب ما أكده مدير السد، الذي قال أن هناك إحصائيات قامت بها مؤسسات اتصال و بعض المجموعات، توصلت إلى أن سد بني هارون يُعد الموقع الأكثر زيارة في الجزائر لأغراض سياحية و رياضية و ترفيهية و حتى أكاديمية.
حملات توعوية للحد من تلويث المياه و سرقتها
بين أراض فلاحية على مد البصر و وسط جبال ميلة يقع سد بني هارون، أين توجد المنطقة المحرمة أو ما يعرف بالمحيط الأمني للمنشأة، و هي في شكل شريط مائي بارتفاع 217 مترا فوق سطح مياه السد، حيث تمنع جميع نشاطات الفلاحة أو تربية المواشي أو مشاريع البناء على هذه المساحة، و قد تم وضع أعمدة إسمنتية كإشارات عبر طول مساحة الحزام الأمني لمنع استغلال الأراضي الواقعة تحت هذا الارتفاع، فيما جُندت فرق لحماية الثروة المائية من خلال مراقبة نوعية المياه، حيث تقوم بخرجات ميدانية بالزوارق عبر كامل محيط السد، و على متن المركبات لتوعية المواطنين و أصحاب مستودعات غسل و تشحيم السيارات بمخاطر رمي الزيوت و النفايات في السد.
و تسجل إدارة المنشأة، حسب مدير استغلال سد بني هارون السيد المانع عز الدين، المئات من القضايا التي يتم تحويلها إلى العدالة، بمعدل 850 قضية سنويا تتعلق بتجاوزات عديدة، كسرقة المياه لاستعمالها في السقي أو البناء و حرث الأراضي القريبة من محيطه بطريقة غير قانونية، و كذا تلويثها من خلال رمي جثث الحيوانات الميتة أو تفريغ الزيوت المستعملة و النفايات في مياه السد، فضلا عن استغلال الأراضي التي تدخل في مساحة المنشأة، كما يُمنع الفلاحون من استعمال المواد الكيميائية في المناطق المجاورة، و السباحة و الصيد غير الشرعي.
شاطئ اصطناعي و بيت للشباب على الضفاف
من خلال حديثنا المطول مع مدير المنشأة، اتضح أن هناك العديد من المشاريع الرياضية و السياحية التي أنجزت و أخرى في طريق الإنجاز، و التي تهدف الإدارة من خلالها بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للسدود، إلى تعزيز مؤهلات الموقع بخصوص استقبال الرياضيين و السياح، خاصة و أنه يتم تنظيم العشرات من الدورات الرياضية، الترفيهية و السياحية بسد بني هارون على مدار السنة، حيث تضم المنشأة قاعدة رياضية أنجزت من طرف مديرية الشباب و الرياضة لولاية ميلة، مهيئة لاستقبال جميع النشاطات المائية كالزوارق الشراعية و التجديف، موازاة مع منح تراخيص ل 15 صيادا لممارسة الصيد القاري لسمك الشبوط، و الذي استوردت بيوضه مؤخرا من دولة المجر و تم زرعها في السد، في إطار مشروع اقتصادي يهدف لتسويق هذا النوع من السمك بالولايات المجاورة، كما بٌرمج إنجاز محطة صيد و تكثيف أنواع السمك لتطوير الصيد القاري.
و من بين المشاريع المستقبلية التي تعتزم الوكالة الوطنية للسدود إنجازها بسد بني هارون، بناء أكبر بيت شباب في الجزائر على ضفاف السد و بمواصفات عالمية حسب المدير، إضافة إلى تهيئة شاطئ اصطناعي على مساحة 7 هكتار، حيث انطلقت الأشغال بهما مؤخرا، زيادة على العديد من المشاريع السياحية الأخرى، كإنجاز حظيرة مائية في طور الدراسة الخاصة باختيار المقاولات الوطنية و الأجنبية المهتمة بالاستثمار في هذا المشروع، حيث أكد محدثنا أن هناك لجنة على مستوى الوزارة مكلفة بدراسة كل الطلبات الخاصة بالمشاريع السياحية التي تتطلب استغلال مياه السدود.
مدير استغلال سد بني هارون و في إطار تطوير السياحة الجبلية و السياحة الخضراء، أشرف على خلق ناد للمشي على الأرجل منذ سنة 2006، حيث انطلقت التجربة مع عائلات عمال المنشأة و بعض الأصدقاء، من خلال القيام بجولات عبر المناطق الجبلية المحيطة، في خطوة للتحسيس بأهمية السدود و ضرورة المحافظة على الغطاء النباتي، و هو ما انبثقت عنه فكرة تطوير هذا النوع من السياحة نظرا للمقومات الطبيعية الموجودة، كون المنطقة معروفة بمناظرها الخلابة و تنوع تضاريسها الجبلية الصخرية و النباتية، إضافة إلى توفر المسالك الجبلية المطلة على السد، و هو ما أهل الفكرة لتأخذ أبعادا وطنية و دولية من خلال إقبال العديد من النوادي و الجمعيات من الولايات للقيام بهذا النوع من السياحة.
و استقبل سد بني هارون في ماي 2014، وافدين من 26 دولة بما يقارب 111 مشارك أجنبي قاموا بجولة سياحية لمدة 3 أيام بالمنطقة، حيث كللت المبادرة بتعميم التبادل الدولي في هذا المجال، أين تم إرسال وفود جزائرية إلى أوكرانيا، تونس، صربيا، البرتغال و غيرها، موازاة مع برمجة عديد الرحلات هذه السنة إلى كل من سلوفينيا، إسبانيا، فرنسا، إلى جانب استقبال عروض من دول جنوب إفريقيا، كندا و تنزانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.