موظفون يسوقون ذرائع واهية للتهرب من العمل يتهرب عمال جنوب إفريقيا من الذهاب إلى أماكن عملهم و يغيبون عن مناصبهم لمشاهدة مباريات المونديال على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، و طبعا الحجج لا تنقص: عمتي مريضة ، تعطلت سيارتي أو استيقظت على فيضان للماء داخل شقتي ، كما قالت الموظفة الجنوب إفريقية سينهلا لرئيسها لتبرير غيابها عن العمل بعد أن قضت ليلة صاخبة احتفلت فيها بفوز أحد الفرق في مباريات كأس العالم. وحتى بعد إقصاء فريقهم من البطولة من الدور الأول للمونديال، يصر الجنوب إفريقيين على مواصلة الاحتفال مستعملين كل الأعذار الممكنة للتهرب من العمل ما يعتبر عائقا كبيرا و مصدر قلق لا يستهان به لرؤساء الشركات و المؤسسات التي تتأثر إنتاجيتها بارتفاع نسبة تغيب الموظفين بشكل مستمر عن العمل. ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن ما يقارب الثلث من الموظفين في جنوب افريقيا يتغيبون على الأقل ليوم واحد في الأسبوع لمتابعة إحدى مباريات المونديال مما يكلف اقتصاد جنوب إفريقيا خسائر تقدر ب 750 رندا أي ما يعادل تقريبا 73 مليون أورو حسب دراسة قدمها ألكسندر فورباس عن مكتب الاستشارات . التغيب المستمر عن مناصب العمل تسبب في تعطيل قاتل للحركة الاقتصادية في جنوب إفريقيا: " لقد خسرنا عقودا و أعمالا كثيرة تشل مشاريعنا، فلقد منعنا من العمل في محيط الملاعب أو محيط المطار ب 10 كيلومترات " كما يؤكد رئيس مؤسسة مقاولة في كاب. في محاولة لتجنب هذا التسرب الخطير للعمال الجنوب إفريقيين الفخورين باستضافة بلادهم لأول مرة في تاريخها لبطولة كأس العالم من أماكن عملهم تعمل بعض المؤسسات على السماح لهم بمشاهدة بعض المباريات. ما لعبت الكثير من الشركات الجنوب افريقية على بطاقة الوطنية عندما قررت أن تغلق أبوابها باكرا استعدادا لافتتاح المونديال في 11 جوان و وفي المباراة الأخيرة لمنتخب " البافانا بافانا" مع فرنسا. ما بالنسبة لباقي اللقاءات فالتغاضي عن الغيابات يصبح صعبا ، و يضطر الموظفون للمسايرة و الاكتفاء بمشاهدة إعادة بث المباريات في السهرة بعد انتهاء العمل . للتقليص من حجم الخسائر الناتجة عن هذه الغيابات، قررت بعض الشركات كالبنوك أن تضع شاشات كبيرة داخل المكاتب لموظفيها، بينما اختارت أخرى أن تكون أكثر تساهلا مع موظفيها كما فعلت مجموعة " دو بيرس" أكبر منتج للألماس في العالم، مع عمالها الذين يبلغون 2500 عامل موزعين على المناجم و المكاتب . ايك ماكدونالد ، 21 سنة، أستاذ إنجليزية لتعليم الأجانب وجد حلا جذريا ليتمكن من متابعة كل المباريات بارتياح حيث قرر أخذ إجازة و التفرغ للمونديال. ما صامويل فقد اتفق مع شركته الفرنسية في جوهانسبورغ للعمل في الصباح الباكر و في أيام العطل الأسبوعية و أن تسمح له بالمقابل بمشاهدة المباريات. اهرة التغيب عن العمل من أجل مباريات بطولة كأس العالم لم تمس فقط عمال و موظفي البلد المضيف ، بل تكاد تكون ظاهرة عالمية لاهتمام العالم أجمع بالبطولة الأشهر و الأهم والأكثر شعبية مقارنة بباقي الرياضات ، إذ تفطنت العديد من الشركات العمومية و الخاصة في بعض البلدان لضرورة إيجاد حل وسط يضمن لهم إستمرارية العمل و عدم التسبب في خسائر و تعطيل للمشاريع . ففي هولندا حوالي 15 بالمائة من الشركات اقترحت تسوية بهذا الشأن مع عمالها لرفع إنتاجيتهم خلال فترة كأس العالم كما يقول إيغي ساتاكج مسؤول منظمة " بروديكتيفتي أس آ "الذي أكد: " إذا رأى العمال أن مؤسستهم تقوم بجهود من أجلهم فسيذهبون للعمل راضين و سيقدمون أكثر في اليوم الموالي". ما في الصين فقد افتتح أحد المخازن الإلكترونية على شبكة الإنترنت ، خدمة خاصة بمنح الشهادات الطبية المرضية المزوّرة لكل من يطلبها من الموظفين الذين يبحثون عن عذر شرعي يتيح لهم متابعة مباريات كأس العالم. و يتولى توقيع التقارير الطبّية فريق من الأطباء المعتمدين رسمياً لدى الدولة مقابل 5 دولارات للتقرير الواحد. كأس العالم الذي يفترض أن يجذب حولي 300000 زائر أجنبي يتوقع أن يعزز النمو الاقتصادي لجنوب إفريقيا في سنة 2010، بعد الركود الذي عرفته سنة من قبل و لكن مع الغياب المستمر لعدد كبير من العمال و الموظفين قد يحدث العكس. أنصار "لخضرا" أيضا لم يفوتوا فرصة مشاهدة مباريات المونديال خاصة مقابلات المنتخب الوطني الجزائري، إذ تعرف كل الإدارات تقريبا تهرب الموظفين من أماكن عملهم ،وبقاء المكاتب خالية في الفترة المسائية ، وعمالها ومسؤوليها يهرعون قبل ساعة أو ساعتين من انتهاء الموعد الرسمي ليتمكنوا من متابعة المباريات المبرمجة على الساعة الثالثة زوالا ، خاصة أن وجود التلفزيونات داخل المكاتب ممنوعا . و رغم خروجنا من المنافسة في الدور الأول، مازال عشاق كرة القدم ببلادنا يتابعون بشغف فرقهم المفضلة التي مازالت تتنافس على كأس العالم.