تتوقع مصادر من وزارة المالية صدور النص القانوني الجديد الذي يلغي التقاعد النسبي أو دون شرط السن قبل نهاية العام الجاري، تنفيذا لقرارات لقاء الثلاثية المنعقد مؤخرا، بغرض الحفاظ على التوازن المالي للصندوق الوطني للمتقاعدين الذي يعاني عجزا نسبته 30 في المائة. تعكف المصالح المعنية على صياغة التعديل الذي سيدرج على الأمرية الصادرة سنة 97، التي تم بموجبها إقرار التقاعد النسبي، الذي جاء في ظرف اقتصادي صعب كانت تمر به البلاد، حتم على الحكومة إحالة المئات من العمال على التقاعد المسبق أو النسبي، بعد أن تعطلت عجلة النمو الاقتصادي، مقابل تمكينهم من ضمان مدخول شهري، إذ سيلغي التعديل الجديد التقاعد النسبي أو دون شرط السن، بسبب الأعباء المالية الكبيرة التي أضحى يتحملها الصندوق الوطني للمتقاعدين، الذي يضطر شهريا لصرف ما قيمته 100 مليار دج لتسديد منح ومعاشات التقاعد، نسبة هامة منها تسدد لفائدة المتقاعدين نسبيا والذين لم يبلغوا سن الستين عاما، علما أن هذه القيمة ترتفع سنويا، تناسبا مع الزيادة في عدد المتقاعدين. ومن المزمع أن يصدر النص الجديد قبل شهر ديسمبر المقبل، وهو الإجراء الذي تنتظره الفيدرالية الوطنية للمتقاعدين، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين بفارغ الصبر، بسبب الوضعية المالية الصعبة التي يعيشها صندوق التقاعد، وفق تأكيد الأمين العام للنقابة "اسماعيل بوكريس" للنصر، مضيفا أن العجز المالي للصندوق بلغ 30 في المائة، بسبب ارتفاع عدد المستفيدين من التقاعد النسبي، دون شرط السن، الذين يقدر عددهم ب 83 ألف عامل سنويا، وتمثل هذه الفئة حوالي نسبة 70 في المائة من مجموع العمال الذين يحالون إلى التقاعد العادي، أي عند بلوغ الستين سنة، موضحا أنه من بين 10 عمال يحالون إلى التقاعد العادي، 7 من بينهم يستفيدون من التقاعد النسبي، أغلبهم يتقاضون معاشات تتراوح قيمتها ما بين 8 و10 ملايين سنتيم، ويتوجهون فيما بعد لممارسة مهن حرة، أو العمل في القطاع الخاص، لتحسين مدخولهم الشهري، وهو الأمر الذي أخل بتوازن الصندوق الوطني للتقاعد، وجعله يتحمل أعباء تفوق قدراته المالية، وينتظر اتخاذ إجراءات استعجالية من قبل الحكومة لإنقاذه من الإفلاس. ويبلغ العدد الإجمالي للعمال المتقاعدين حوالي 3 ملايين عامل متقاعد، جميعهم مهددين بعدم تلقي معاشاتهم في حال تعطل صدور النص القانوني المعدل للأمرية الصادرة سنة 97، بسبب ارتفاع قيمة نفقات صندوق التقاعد مقارنة بمداخيله، بمن فيهم المستفيدين من التقاعد النسبي ودون شرط السن، إذ تساهم اشتراكات العمال الناشطين ب 50 بالمائة فقط من مداخيل الصندوق، وتمثل مساعدات الدولة نسبة 30 في المائة، وهي لا تكفي لتغطية نفقات الصندوق التي تسير في منحى تصاعدي. وتتوقع فيدرالية العمال المتقاعدين أن يستعيد صندوق التقاعد عافيته بعد حوالي ثلاث سنوات، وعقب إلغاء التقاعد النسبي ودون شرط السن، مما سيسمح لها المطالبة بزيادة سنوية مقبولة لفائدة هذه الشريحة، التي كانت في سنوات سابقة محركا للاقتصاد الوطني ومصدرا للثروة، علما أن الزيادة التي أدرجت هذا العام على منح التقاعد لم تتجاوز نسبة 2.5 في المائة، وهي الأضعف منذ سنوات عدة، بسبب الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد، جراء تراجع أسعار البترول في السوق العالمية، ومع ذلك لم يلق هذا القرار مواجهة من قبل نقابة المتقاعدين، التي أبدت تفهمها لطبيعة الظرف الاقتصادي، وللوضع المالي للصندوق. ومن بين مقترحات النقابة لحماية شريحة المتقاعدين، وتحسين مداخيل صندوق التقاعد، المضي قدما في توظيف البطالين وفتح مناصب عمل جديدة، لأن ذلك سيدعم حسبها اشتراكات العمال الناشطين، الذين تقتطع نسبة من رواتبهم الشهرية لتمويل الصندوق، تماشيا مع السياسة التضامنية التي تعتمدها هذه الهيئة، فضلا عن الإسراع في إلغاء التقاعد النسبي ودون شرط السن.