الأندلسيات بوهران يغرق في القمامة كانت الساعة السادسة مساء حين دخلنا شاطئ الأندلسيات نهاية الأسبوع المنصرم، فوجدناه مكتظا بالمصطافين الذين كان أغلبهم يتناول وجبات خفيفة رفقة من معهم، وبمجرد اقترابنا من هؤلاء المصطافين حتى بدأت الرمال ترسم لوحات القمامة المتناثرة هنا وهناك وأهم ما لفت انتباهنا هو قطع الخبز وبقايا حلوى "بينيي" التي تبللت بمياه البحر فوق الشاطئ تركها من كانوا هناك وغادروا المكان الذي وجدوه نظيفا وحولوه إلى مفرغة صغيرة للقمامة، هو منظر تكرر على طول تجوالنا بالشاطئ. أول من تقدمنا منهم لنستفسر عن النظافة بالشاطئ، كانت عائلة من البليدة.. نساء، أطفال، وشباب التفوا حول طاولة قاموا بكرائها ب 500دج فقط لأن الوقت كان يعلن بداية إسدال الليل سدوله، وبمجرد بداية حديثنا معهم، اشتكوا من النظافة، حيث قالت السيدة عائشة وهي أستاذة متقاعدة أن عائلتها متواجدة بالأندلسيات منذ أسبوع وأهم ما لفت انتباهها هو أمرين، الأول وفرة الأمن ليلا ونهارا من خلال انتشار أعوان الدرك الوطني، والأمر الثاني هو انعدام النظافة، وأظهرت لنا السيدة عائشة كيسا من تحت الطاولة وقالت "هذه هي القمامة التي خلفها أفراد عائلتي جمعناها لكي نرميها في المكان المناسب وهو الحاويات المتواجدة عند مخرج الشاطئ"، ولكن مثلما أضافت لاحظنا الكثيرين يتركون أماكن تواجدهم مثل المفرغة العمومية، وطالبت المتحدثة بضرورة فرض غرامات مالية على من يترك "زبالته" ويخرج من الشاطئ مقترحة أن يتم تكليف بعض الشباب بهذه المهمة وقبل أن يغادر المصطاف مكانه يتم مراقبته والمخالفين تفرض عليهم غرامة مالية مشيرة في هذا الصدد "الجزائريون لا ينفع معهم سوى الردع بالغرامات المالية لكي يغيروا سلوكهم" مثمنة حملات التوعية و التحسيس التي تقوم بها عدة أطراف في هذا الإطار. غير بعيد عن العائلة البليدية وجدنا أسرة قادمة من الجلفة كانت الزوجة تجلس فوق أمتعتها وأولادها من حولها والزوج واقف يتأمل، سألناه عن الشاطئ قال أنه وصل في الحين إلى الأندلسيات يريد أن يقضي بضعة أيام، ولكن عندما وضع رجله فوق الرمال التي كان يعتقد أنها ذهبية، تفاجأ بأكوام القمامة المنتشرة عبر الشاطئ وتساءل عن وعي المواطن الذي "لم يحضر" من أجل توجيهه نحو حاويات القمامة المتواجد في عدة نقاط، وتساءل عن نوعية المصطافين الذين قال أنهم يكسرون بسلوكاتهم كل هذه المجهودات التي تبذلها الدولة من أجل ترقية السياحة، وتركنا المتحدث يتساءل هل سيبقى في الأندلسيات أو يغادر إلى شاطئ آخر. توجهنا بعدها نحو مجموعة شبان كانوا يلعبون الدومنو، تبين أنهم جاؤوا من منطقة "الدوسن" ببسكرة، يقضون عطلة مريحة وآمنة بشاطئ الأندلسيات ولكن عكرت القمامة صفو اجواء الاصطياف لديهم، وبلباقة رفضوا الخوض في سلوكات المصطافين التي تولد يوميا أكواما من الزبالة. صادفنا بعدها مجموعة من الشباب من أبناء بلدية العنصر أين يوجد شاطئ الأندلسيات، إقتربنا منهم فوجدناهم يتحدثون عن نفس الوضعية التي آل إليها هذا الشاطئ الذي كان من أرقى الشواطئ بالجزائر وأنظفها، حيث قال أحدهم "كل يوم نجمع القمامة من الشاطئ وننظفه من أجل توفير جو مناسب للمصطافين خاصة الذين يطلبون الطاولات والكراسي فلا يمكن لنا كراء المعدات ونصبها فوق القمامة هذا ينفر الزبائن"، ولكن حسبما أضاف آخر الوضع أصبح يتفاقم في غياب أعوان النظافة الذين لا يفرغون الحاويات إلا بعد أيام، والمصطافون الذين لم يصل وعيهم إلى مستوى احترام أماكن رمي القمامة، وذكر آخر بأنهم بصفتهم شباب مستغلون للشاطئ في إطار عقود الامتياز فقد قدموا شكوى مباشرة للسلطات المحلية للتدخل من أجل إيجاد حل لهذا الوضع الذي أصبح ينفر المصطافين وبالتالي يضعهم هم كذلك في أزمة عدم كراء الطاولات. وهكذا يفقد شاطئ الأندلسيات ميزته الراقية التي جعلته يستقبل على مدار السنين فئات من المصطافين يملكون حسا سياحيا ، لكن منذ سنوات أصبح هذا الشاطئ ينافس الشواطئ التي لازمتها سمعة "أكوام القمامة" لسنوات، ولم تنجح الجهود المبذولة من تغيير سلوك مواطنين تعودوا على العيش في وسط القمامة.