تعثّر سهرة أمس المنتخب الوطني بتعادله مع الكاميرون في افتتاح المرحلة الثالثة و الأخيرة من التصفيات المؤهلة إلى النسخة 20 من نهائيات كأس العالم، ليهدر بذلك الخضر نقطتين داخل الديار، قد يكون لهما وزن كبير في حسابات الفوج الثاني، و لو أن هذا التعثر جاء ليؤكد بأن «الأسود غير المروضة» تبقى بمثابة الشبح الأسود للنخبة الجزائرية، التي لم تنجح إلى حد الآن في الإطاحة بهذا المنافس، و قد تزامن ذلك مع إخفاق التقني الصربي ميلوفان راييفاتس في أول إمتحان جدي له، بعد شهرين من شروعه في العمل، على اعتبار أن عناصره كانت خارج الإطار، و لم تظهر بمستواها المعهود، مما يعني بأن الطريق إلى روسيا سيكون في غاية الصعوبة، مادامت بداية الرحلة كانت جد معقدة، و بتعثر في ملعب تشاكر يأتي بعد 2226 يوما من آخر تعادل للتشكيلة الوطنية بهذا الملعب في مقابلة رسمية . المباراة عرفت إنطلاقة قوية من جانب العناصر الوطنية التي حاولت التوجه صوب الهجوم، سعيا منها للنيل مبكرا من مرمى الحارس فابريس أندوا، و قد كان لها ما أرادت، بعد 7 دقائق من إطلاق الحكم بينيت صافرة البداية، و ذلك بواسطة سوداني الذي إستغل ركنية محرز على الجهة اليسرى، ثم رأسية سليماني، فوجد نفسه متحررا من المراقبة على مستوى القائم الثاني، ليسكن الكرة بقذفة قوية في عمق الشباك. هذا الهدف المبكر حمل أفضل «سيناريو» تمناه الجزائريون، سيما و أن الخضر تعودوا في اللقاءات الأربعة الأخيرة داخل الديار على التسجيل في الدقائق الأولى، و تحقيق إنتصارات عريضة، لكن الموازين تغيرت هذه المرة، لأن المنتخب الكاميروني لم يتأثر بالهدف الذي تلقاه، بل أن لاعبيه سعوا للرد بسرعة، و ذلك بالتركيز على الرواق الأيسر لبناء المرتدات الهجومية، بإستغلال إنعدام التغطية من ثنائي محور الدفاع الجزائري عند تقدم زفان. بداية رد الفعل الجدي للكاميرونيين كان من الدقيقة 13، لما توغل موكانجو على الجهة اليسرى، و صوب كرة نحو منطقة العمليات في شكل فتحة عرضية، وجد الحارس مبولحي صعوبة كبيرة في إبعاد الخطر على إثرها، و هي اللقطة التي كانت بمثابة ناقوس الخطر الذي دق على التشكيلة الوطنية، على إعتبار أن مدرب المنتخب الكاميروني هيغو بروس عمد إلى تجميع أكبر عدد من لاعبيه في منطقة الوسط، لشل العمل الهجومي للجزائريين، و بالمرة تغطية ضعف دفاعه، بصرف النظر عن تركيز الهجمات المرتدة على الرواقين، بالمراهنة على الثلاثي إيدغار سالي، موكانجو و فانسون بوبكر. تراجع مردود العناصر الوطنية فسح المجال أمام المنافس لإحكام سيطرة على مجريات اللعب، خاصة في منطقة وسط الميدان، الأمر الذي أربك الدفاع الجزائري، سيما الثنائي كادامورو و زفان، الذي بدا عليه جليا فقدان الثقة في النفس و الإمكانيات، لتشهد الدقيقة 24 إرتكاب كادامورو هفوة على مشارف منطقة العمليات، إستغلها إيدغار سالي، ليمرر الكرة إلى زميله موكانجو، الذي بدوره لم يفوت فرصة سوء تموقع زفان و مجاني، لينفرد بالحارس مبولحي و يسكن الكرة بقذفة قوية في الشباك معدلا النتيجة. هذا الهدف حرك مشاعر العناصر الوطنية التي حاولت العودة إلى أطوار المقابلة، لكن فقدان التركيز، و عدم القدرة على إحكام السيطرة على منطقة وسط الميدان أجبر محرز، سليماني، سوداني و حتى زفان و غلام على اللجوء إلى الحلول الفردية، في محاولة للوصول مجددا إلى مرمى الحارس أندوا، كما كان عليه الحال في الدقيقة 30، لما توغل محرز بعمل فردي، إلا أن الحارس الكاميروني تمكن من إنقاذ مرماه من هدف محقق. "فيزيونومية" المقابلة لم تتغير خلال الشوط الثاني، حيث بدت العناصر الوطنية غير قادرة على إثبات وجودها الميداني، و كأنها تعاني من قلة الجاهزية البدنية، الأمر الذي إنعكس على الجانب البسيكولوجي، و كأن "الخضر" لم يتأقلموا مع طريقة اللعب التي إنتهجها التقني الصربي راييفاتس، إلى درجة أن محرز و رفاقه فقدوا حيويتهم المعهودة. أول لقطة خطيرة في النصف الثاني من اللقاء أتيحت لسليماني في الدقيقة 53، عندما تخلص من المراقبة، و إنفرد بالحارس أندوا، غير أن قذفته كانت ضعيفة، و إستقرت من خلالها الكرة بين أحضان الحارس الكاميروني. إلى ذلك فقد سعى الناخب الوطني راييفاتس تفعيل القاطرة الأمامية بإقحام براهيمي مكان بودبوز، لكن ريتم الخضر ظل بطيئا، لعدم القدرة على تغطية المساحات الشاسعة بين خطي الدفاع و الهجوم، أبقى الحلول الفردية كخيار حتمي لصنع الحملات الهجومية، و قد كان سوداني قريبا من ترجيح الكفة في الدقيقة 60 إثر توغله داخل منطقة الجزاء، لكن قذفته تصدى لها الحارس أندوا ببراعة. من الجهة المقابلة فإن الخطورة كانت من الجانب الكاميروني، عن طريق بعض المرتدات الهجومية، بإستغلال تمريرات حيث كاد أبو بكر فانسون أن يقلب الموازين، في الدقيقة 77، عندما توغل داخل منطقة العمليات، و سدد قذفة قوية أبدع على إثرها الحارس مبولحي في إنقاذ مرماه من هدف محقق، ليكون رد "الخضر" على هذه اللقطة سريعا، بمرتدة ختمها محرز بتمريرة ذكية إلى سليماني، إلا أن المدافع نكولو تدخل في آخر لحظة، و حال دون وصول الكرة إلى المرمى. و لعل من أخطر الفرص التي أتيحت للمنتخب الوطني في هذا الشوط الصاروخية التي أطلقها قديورة من على بعد 25 مترا، و التي أبدع الحارس أندوا في التصدي لها، و إخراج الكرة من الزاوية اليسرى لمرماه إلى الركنية، لتشهد باقي الدقائق إنحصار التنافس على الكرة في منطقة الوسط، مع سيطرة عشوائية للمنتخب الوطني، إلى غاية إطلاق الحكم صافرة النهاية بتعادل مخيب لآمال الجزائريين.