قرّر رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، استشارة الأحزاب السياسية بشأن الشخصية التي اقترحها لرئاسة اللجنة الوطنية المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، على أن تستمر المشاورات إلى غاية نهاية الشهر الجاري، حيث اقترح الرئيس، تعيين الوزير الأسبق و رجل القانون عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة المشكلة من 410 أعضاء، نصفهم قضاة و النصف الآخر كفاءات مستقلة، والتي ستتولى ضمان نزاهة الانتخابات. شرع الرئيس بوتفليقة، في أولى الخطوات العملية لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة، وذلك بداية باستشارة الأحزاب السياسية بخصوص الشخصية المقترحة لتولي رئاسة الهيئة العليا المكلفة بمراقبة الانتخابات، والتي نصّ عليها الدستور الجديد، وستكون عملية في أقرب الآجال، حيث يعتزم رئيس الجمهورية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنصيب الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات في أقرب الآجال و تمكينها من ممارسة مهامها بداية من الإنتخابات التشريعية القادمة المزمع تنظيمها سنة 2017. وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية، أمس، بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ينوي تعيين الوزير الأسبق و رجل القانون عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، وأوضح البيان في السياق ذاته، أنه «تنفيذا لتعليمات رئيس الدولة قام ديوان رئاسة الجمهورية، بإطلاع الأحزاب السياسية المعتمدة بأن رئيس الجمهورية ينوي تعيين عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات و طلب منهم إبداء رأيهم بهذا الخصوص قبل نهاية شهر أكتوبر الجاري». وقد أنشئت الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات بموجب المادة 194 من الدستور، و تنصّ المادة ذاتها على أن «الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات تترأسها شخصية وطنية يتم تعيينها من طرف رئيس الجمهورية بعد استشارة الأحزاب السياسية». وتتولى الهيئة السهر «على شفافية و مصداقية الإنتخابات الرئاسية و التشريعية و المحلية و الإستفتاء بدءا باستدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة للاقتراع». وقد تم إصدار القانون العضوي المتعلق بهذه الهيئة بتاريخ 25 أوت 2016. و تتشكل هذه الهيئة من 410 أعضاء نصفهم قضاة يقترحهم المجلس الأعلى للقضاء و النصف الآخر كفاءات مستقلة من المجتمع المدني يمثلون كل الولايات و الجالية الوطنية بالخارج و كذا جميع فاعلي المجتمع المدني. ويتضمن القانون العضوي المنشئ لهذه الهيئة أحكاما ترمي إلى تكريس استقلالية هذه الهيئة العليا وحيادها وطابعها التمثيلي من خلال تجسيد جملة من التدابير كالطبيعة القانونية التي تتمتع بها والتي تعطيها الاستقلالية التامة في التسيير وكذا استقلاليتها المالية. كما ينصّ المشروع على أن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات يرأسها رئيس يتم اختياره من بين الشخصيات الوطنية بعد استشارة الأحزاب السياسية قبل تعيينه من طرف رئيس الجمهورية. كما ينص هذا القانون العضوي على تشكيلة موسعة للهيئة العليا بما يسمح لها بضمان رقابة العملية الانتخابية عبر كامل التراب الوطني وخارجه. وينصّ أيضا على الشروط الواجب توفرها في أعضائها وكيفيات انتقائهم من بين القضاة وأعضاء من لجنة خاصة عالية المستوى يرأسها رئيس المجلس الوطني والاقتصادي والاجتماعي بالنسبة للكفاءات المختارة بعنوان «المجتمع المدني». كما يشترط أن يكون التمثيل وطنيا عبر كل ولايات الوطن وحتى من الجالية الوطنية بالخارج. ويخول الدستور للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، صلاحيات رقابية واسعة قبل الاقتراع وأثناءه وبعده، حيث تتكفل بمراقبة عملية مراجعة القوائم الانتخابية وضمان حق المترشحين في الحصول على هذه القوائم والتكفل الكامل بالتوزيع المنصف لوسائل الحملة الانتخابية للمترشحين. وأثناء عملية الاقتراع تتكفل هذه الهيئة بضمان حق المترشحين في حضور عمليات التصويت، والتأكد من احترام توزيع أوراق التصويت والحرص على توفر هذه الأوراق وباقي العتاد الانتخابي، وكذا التأكد من احترام المواقيت افتتاح واختتام مكاتب التصويت. وبعد عملية الاقتراع، فإن هذه اللجنة تملك صلاحيات واسعة تتمثل أساسا في التأكد من ضمان السير القانوني لعملية الفرز وضمان للمترشحين ممارسة حقهم في تسجيل احتجاجاتهم بخصوص عملية الفرز، بالإضافة إلى ضمان حقهم في الحصول على نسخ المحاضر المتعلقة بالفرز. وقصد أداء أحسن لصلاحياتها حسب ما ينص عليه مشروع القانون العضوي المنشئ لها، زودت هذه الهيئة العليا بجملة من الآليات تمكنها من التدخل تلقائيا أو بناء على إخطار من أحد الأطراف المعنية بعملية الاقتراع، كما تتمتع بسلطة اتخاذ القرارات ويمكنها عند الحاجة أن تطلب من النائب العام تسخير القوة العمومية. وكانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية قد أعلنت بداية الشهر الجاري، عن انطلاق فترة المراجعة السنوية للقوائم الانتخابية، والتي ستستمر إلى غاية 31 من نفس الشهر. وللانطلاق في العملية، نصبت المصالح الولائية على المستوى الوطني لجنة خاصة يرأسها قاضي يشرف على فتح السجل الخاص بالتسجيل في الانتخابات كما تشرف على غلقه، بالإضافة إلى القاضي تتكون اللجنة من رئيس المجلس الشعبي البلدي، الأمين العام للبلدية، إضافة إلى المكلف بالانتخابات ومواطنين اثنين يسهرون على مراقبة العملية منذ انطلاقتها إلى غاية اختتامها في ال31 أكتوبر. حيث تقوم بتثبيت عدد الناخبين والمشطوبين والمسجلين الجدد. ويرى مراقبون بأن العملية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، تعد عملية إدارية سنوية لا علاقة لها بالانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة بعدما احتجت بعض التشكيلات السياسية على عدم تكليف اللجنة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بهذه المهمة. كما ينصّ عليه الدستور، ويؤكد متابعون، بأن العملية التي تشرف عليها اللجنة والمنصوص عليها في القانون تنطلق مع استدعاء الرئيس للهيئة الناخبة بمرسوم رئاسي في غضون الأشهر الثلاثة التي تسبق تاريخ الانتخابات، لتنطلق في تأدية مهامها وفقا لقانون الانتخابات وللقانون الناظم لها. أنيس نواري عبد الوهاب دربال.. من القانون إلى السياسة و الدبلوماسية يعدّ عبد الوهاب دربال أحد وجوه النخبة في التيار الإسلامي، وكان من القياديين البارزين في حركة النهضة ، قبل أن ينسحب من قيادة الحزب بعد الخلافات الداخلية التي عاشتها الحركة، وهو صاحب دكتوراه في القانون الدستوري تحصل عليها من بريطانيا. وتم انتخاب رجل القانون السيد عبد الوهاب دربال بالمجلس الشعبي الوطني سنة 1997 ممثلا لحزب النهضة ليتقلد بعدها على التوالي منصب وزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان في حكومة علي بن فليس العام 2000 . ثم مستشارا برئاسة الجمهورية قبل أن يكلف بقيادة مكتب الجامعة العربية لدى الإتحاد الأوروبي ببروكسيل. كما عيّن عبد الوهاب دربال سفيرا للجزائر لدى المملكة العربية السعودية و هي المهمة التي تقلدها إلى غاية ربيع سنة 2016.