يميل الجزائريون إلى استهلاك مفرط للسكر والملح والدهون كشفت عنه الأزمة الإقتصادية بعد فتح وزارتي التجارة والصحة لنقاشات حول تأثيرات عدم التعامل مع هذه المواد بشكل متوازن ، حيث يربط المختصون إرتفاع نسب الإصابة بأمراض السكري و ضغط الدم وزيادة معدلات السمنة إلى الإفراط في تعاطي هذه المواد و إدمانها، إلى جانب غياب ثقافة غذائية صحية فضلا عن الإغراء الذي تمارسه الإعلانات التجارية الكاذبة، كما يشكل دعم أسعار هذه المواد حافزا غير مباشر للاستهلاك غير المدروس ضمن الميزانية العائلية. نور الهدى طابي تجاوزنا المعدل العالمي بثلاثة أضعاف السكر يعد أكثر الأبيضين استهلاكا في أوساط الجزائريين باعتباره يستعمل كمكمل مع القهوة أو الحليب أو المشروبات والحلويات حتى أن بعض العائلات تسمح لأطفالها بتناوله بالملعقة أو وضعه داخل قطعة خبز كالجبن دون مراعاة لخطره على الصحة، أما شرائح البطاطا المقرمشة «الشيبس» والمنتجات المتكونة من اللحوم والمواد المصبرة وغيرها فهي أهم مصدر للدهون التي توجد أيضا بكثرة على مائدة العائلة الجزائرية وتدخل في تركيبة كل أطباقها باعتبارها مصدرا أساسيا للذوق، إذ يفضل الجزائريون القلي على الشي أو السلق، أما الملح فيستهلك دون مراعاة للأعمار أو الوضعيات الصحية وبكميات كبيرة، وقد أشار تقرير لوزارة التجارة نشر مؤخرا، بأن نسبة استهلاك الجزائريين للسكر و المواد الدسمة تزيد ب3 مرات عما تنصح به منظمة الصحة العالمية، و أكد التقرير أن ظهور واستفحال الأمراض غير المتنقلة كالسكري وارتفاع الضغط الشرياني وحتى السمنة، جاء نتيجة تغير نمط الحياة و بالتالي تغير التغذية. فثلث الجزائريين لا يستهلكون الخضر والفواكه، بل توجهوا إلى الأكل السريع المشبع بالسكريات والدسم، حيث عرف التقرير إشارة الى ضرورة تقليص استهلاك السكر والملح والمواد الدسمة التي تحتويها التغذية، نظرا لخطورتها على الصحة. هذه المبالغة في تعاطي هذه المواد، دفعت بذات الجهة إلى وضع إستراتيجية خاصة لضبط الأمور والتنسيق بين القطاعات المعنية، من أجل التقليل من الأمراض التي تفتك بشريحة كبيرة من الجزائريين، بسبب التغذية غير الصحية، والإفراط في تناول السكريات والدسم والملح، إذ تم تكليف مجموعة عمل بتحضير ترتيبات قانونية وتنظيمية تسير استعمال هذه المواد في الغذاء وإطلاق عمليات تحسيسية وإعلامية تجاه المستهلكين والمهنيين بشأن المخاطر الناجمة عن الإكثار من استهلاكها. بدورها قدمت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مجموعة من المعطيات الهامة، أبرزت من خلالها العلاقة الوطيدة بين تنامي وانتشار الأمراض غير المتنقلة على غرار السكري و ضغط الدم ، والأغذية غير المنتظمة والإفراط في تناول السكريات، مؤكدة أن سرطان القولون الذي كان يعد في المرتبة ال4 من حيث الإصابة به، انتقل إلى المرتبة الأولى، ما يدل حسب ذات المصدر أن تغير نمط التغذية لدى الجزائريين له دخل كبير في ذلك. من 2 إلى 3 كلغ معدل الاستهلاك الشهري للعائلة الجزائرية من السكر حسب آخر توجيهات منظمة الصحة العالمية فإن نسبة استهلاك الفرد للسكريات لا يجب أن تتعدى 5 ملاعق يوميا بالنسبة للفرد، مقابل 3 إلى 5غرامات من الملح أي ما يعادل ملعقتين الى ثلاث ملاعق صغيرة، أما الدهون فينصح بأن لا تتجاوز نسبتها10 في المئة يوميا من مصدر الغذاء المنتج للطاقة. جولة بين محلات و فضاءات تجارية مختلفة بقسنطينة أبانت بوضوح بأن الكثيرين يجهلون تماما هذه المعايير، ولا يلتزمون بها إلا ما تعلق بتوجيهات الطبيب للأشخاص المرضى، فجميع من سألنهم اجمعوا على أن المذاق يأتي أولا، علما أن غالبيتهم يستعملون ما يتعدى 10 ملاعق من السكر يوميا بين الإفطار و القهوة والشاي دون احتساب الحلويات و الوجبات الخفيفة. و قد أكد باعة و تجار بأن معدل الاستهلاك الشهري للعائلات الجزائرية يتراوح بين 2 إلى 3 كيلوغرام من السكر، وهناك من يستهلك حسبهم 4 كلغ الى 5 ويتعلق الأمر بالعائلات الكبيرة التي لديها عدد معين من الأطفال، بالمقابل يقتنون من 1 الى 2 كليوغرام من الملح و ما يعادل 5 لتر من الزيت النباتي بالإضافة لقنينة من زيت الزيتون. وحسب التجار فإن غالبية الأسر تفضل التسوق بكميات تكفي الشهر وليس بشكل يومي أو أسبوعي. الدكتور صهيب لزعر أخصائي أمراض الجهاز الهضمي الملح و السكر مركبات مكررة قد تحوي مواد مسرطنة حذر الدكتور صهيب لزعر أخصائي أمراض الجهاز الهضمي بالمؤسسة الاستشفائية بسكيكدة، من المبالغة في تناول السكر و الملح و حتى الطحين الأبيض أو «الفرينة» لأنها مواد مكررة يعتقد باحتوائها على مسببات السرطان، لذلك يتوجب على الفرد التقليل من استهلاكها و تعويضها بمواد مفيدة و غير ضارة. السكر الأبيض حسب المختص يعتبر عدوا لصحة الإنسان، إذا ما استخدم بشكل غير متوازن بإضافته للحليب أو الشاي أو تناول مشروب غازي لأنه يؤثر بشكل مباشر على عمل البنكرياس ويضاعف إفراز مادة الأنسولين ما قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري مثلا خصوصا في حال توفر العامل الوراثي، كما أن الإفراط في تناوله بمعدل يزيد عن ملعقة يوميا يسبب اختلالا في النظام الغذائي قد تنتج عنه السمنة لان الجسم يحول كمية السكر الفائضة عن حاجته الى دهون. لذلك يفضل التقليل من السكر الأبيض و تعويضه بالأسمر، أو تناول كميات معتبرة من الألياف التي تعمل عمل المكمل الغذائي الضروري لخلق التوازن، وهو للإشارة نفس مبدأ المكمل الغذائي «رحمة ربي» الموجه لمرضى السكري فهو عبارة عن جرعة مكثفة من الألياف التي تساعد فقط على خلق التوازن وتعويض السكر في الدم. الملح و الدهون كذلك من المواد الواجب تناولها وقف نظام صارم لا يتعدى 4غرام يوميا بالنسبة للملح، مع مراعاة العمر و الوضعية الصحية، أما الزيوت فلابد من تقليل استهلاكها بشكل كبير فضلا عن تجنب استخدام زيوت القلي لأكثر من مرة ما قد يسبب السرطان. أخصائيتا التغذية وردة حمامة و حنان قاضي الصناعيون يتحملون جزءا من مسؤولية إدمان الجزائريين لهذه المواد اتفقت أخصائيتا التغذية وردة حمامة و حنان قاضي، على أن الجزائري يفرط في استهلاك السكر و الملح و الدهون لدرجة الإدمان، و أرجعوا السبب الى غياب ثقافة غذائية صحية لدى الأفراد مردها الأول الى عادات لها أبعاد اجتماعية و ثقافية و اقتصادية، كما أن تدعيم أسعار هذه المواد يجعل استهلاكها غير مقنن و لا يخضع لرقابة ذاتية في المنزل الجزائري، كما أكدته حنان قاضي مشيرة الى أن الصناعيين يتحملون كذلك جزءا من المسؤولية لأنهم لطالما حاولوا التعتيم على ضعف جودة المنتج من خلال رفع نسبة السكر أو الملح أي اللعب على وتر الذوق، مضيفة بأن نفس المنتج يباع في بلد أوروبي بمعايير معينة لكنه لا يحترم ذات المعايير خلال تصنيعه أو ترويجه في الجزائر. من جهة ثانية فإن الإشهار الفوضوي وغير المقنن يعد بمثابة سبب وراء اختلال النظام الغذائي للجزائريين. و أضافت المختصة بأن نمط الحياة بدوره يلعب دورا إذ أن التوتر و قلة النشاط تجعل من استهلاك هذه المواد مسببا رئيسيا لأمراض كالسكري و ضغط الدم و السمنة، خصوصا بالنسبة للمرأة التي لا تمارس الرياضة بالشكل الكافي. الدكتورة وردة حمامة، مختصة في التكنولوجيات الغذائية و البيوكيمياء، قالت بأن الإفراط في تعاطي هذه المواد يؤثر على الشعيرات التي في لسان الإنسان و يضعف قدرتها على الإحساس بالطعم ما يؤدي في كل مرة إلى مضاعفة نسبة استخدام السكر و الملح أكثر فاكثر، كما شددت بدورها على أهمية تقليص نسب استهلاك هذه المواد لخطورتها على الصحة، مؤكدة بأن الجزائريين قد تجاوزوا بأشواط النسب التي حددتها منظمة الصحة العالمية وهو ما بدأت نتائجه تنعكس جليا من خلال ارتفاع نسب الإصابة بأمراض السكر و غيرها. المختصة أكدت على ضرورة تدخل الدولة لضبط استهلاك هذه المواد و مراقبة نسبها خصوصا في المنتجات الصناعية لان الصحة العامة تأتي في المرتبة الأولى. رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك مصطفى زبدي يجب ضبط الإشهار و فرض غرامات على المواد غير المطابقة دعا رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك مصطفى زبدي، السلطات الى ضبط »الإشهار الكاذب» الذي تقوم به بعض المؤسسات الاقتصادية للترويج لمنتجاتها غير الصحية، كما أكد على أهمية الإسراع في فرض الوسم الغذائي على كل المنتجات لتحديد تركيبتها، مع التصريح بكل الكميات التي يحتويها المنتج سواء كانت غلوسيدات أو زيوت مهدرجة. المتحدث أرجع الاستهلاك المفرط لهذه المواد الى انعدام ضوابط في الصناعة الغذائية، فالمتعاملون الاقتصاديون حسبه عودوا المواطن الى استهلاك الحلوى بشكل كبير من خلال مضاعفة كميات السكر في المنتجات على سبيل المثال يحتوي لتر المشروبات الغازية على 145 غراما من السكر، وهو ما جعل المستهلك مدمنا على هذه المادة. و أضاف زبدي بأنه وفي ذات الإطار قد تم إصدار قرار وزاري للتقليل من السكر و ضبطه في المواد الغذائية، وكذلك الأمر بالنسبة للمكونات الأخرى، وقد تم تقديم اقتراح من المتعاملين الاقتصاديين لتخصيص 5سنوات لتفعيل القرار، لكن الاتحاد الوطني لحماية المستهلك طالب بتقليص المدة الى 6 أشهر و الإسراع في ضبط الأوضاع من أجل ضمان تغذية صحية ومتوازنة، تقي المستهلك من الإصابة بالأمراض باعتبار الجزائر تحصي 5 ملايين مصاب بالسكري و 3 ملايين مريض بضغط الدم. كما طالب الاتحاد حسب ذات المصدر، بزيادة في الرسوم على المواد الغذائية التي تحتوي على نسب عالية من السكر بالإضافة إلى جملة من الاقتراحات المتعلقة بفرض غرامات مالية على المنتجين المخالفين خصوصا وأنهم يستغلون دعم أسعار هذه المواد بشكل غير مقبول.