أرجعت أخصائية التغذية بولاية وهران، مليكة بوشناق، افتقار أطفال اليوم لثقافة استهلاكية إلى تغيّر النمط المعيشي والاعتماد بشكل كبير على الوجبات السريعة، الأمر الذي ترتب عنه تفشي بعض الأمراض في صفوف الأطفال بشكل ملفت للانتباه، مثل السمنة والسكري، الأمر الذي دفع بمختبر التغذية بوهران إلى الشروع في تطبيق برنامج غذائي بالمدارس للمساهمة في إكساب الأطفال ثقافة استهلاكية، وفي هذا الشأن، تحدثت ”المساء” إلى المختصة في التغذية، السيدة مليكة بوشناق في هذه الأسطر. هل تعتقدين أن الأطفال في مجتمعنا يملكون ثقافة استهلاكية؟ حسب الدراسة التي قام بها مختبرنا في الوسط المدرسي، يبدو أن الثقافة الغذائية تكاد تكون غائبة لدى أطفالنا بسبب ظاهرة انتشار الوزن الزائد والسمنة في صفوفهم، وما زاد الطين بلة أن أغلبية الأطفال يعانون من عادات غذائية غير سليمة، منها إهمال تناول فطور الصباح، الأكل خارج الوجبات والإقبال بشكل ملفت للانتباه على تناول الوجبات السريعة والمشروبات السكرية. ومع كل هذه العادات، نضيف قلة النشاط البدني مع الإدمان على مشاهدة التلفاز واستعمال الحاسوب. ونحث كمخبر على وجوب التوعية الغذائية في الوسط المدرسي مع التشجيع على ممارسة النشاط البدني من أجل المحافظة على صحة الأطفال.
في رأيك ما هي الأغذية التي يقبل عليها الأطفال اليوم بكثرة؟ الأغذية التي يتناولها الأطفال بكثرة تتمثل في تلك التي تحوي كمية كبيرة من السكر، لأنهم بطبعهم يحبون المأكولات المحلاة وما أكثر أنواعها في أسواقنا، إلى جانب تلك التي تحوي نسبا كبيرة من الدهون، كرقائق البطاطا والمشروبات الغازية بشكل مبالغ فيه، مع إهمال تناول الخضر والفواكه، الحليب ومشتقاته.
من يتحمل مسؤولية تزويد الأطفال بثقافة استهلاكية؟ الأسرة بصفة عامة، خاصة الأم التي ينبغي أن تتحمل مسؤولية إكساب ابنها ثقافة استهلاكية صحية من منطلق أنها المكلفة بإعداد الطعام وتقضي أطول وقت مع أبنائها، لكن قبل هذا لابد أن تكون لديها ثقافة استهلاكية حتى تستطيع توجيه تغذية طفلها وتحديدا في السنوات الأولى من عمره، ليأتي فيما بعد دور المدرسة بغية مساندة الأسرة، خاصة بعد أن تم تزويد المدارس بمطاعم، حيث يفترض أن تشرف المؤسسات التربوية على تزويد المطاعم بمختصين في التغذية يحثون الأطفال على تناول كل ما هو صحي ومنه المساهمة في إكسابهم هذه الثقافة بطريقة علمية.
كمختصة، ما هي أهم التوجيهات التي ينبغي أن يتقيد بها الأولياء لإكساب أبنائهم ثقافة غذائية؟ ينبغي على الأولياء أن يعتمدوا على قاعدة التكامل، أي أن يكون غذاء الطفل متوازنا وكاملا يحتوي على بروتينات من نوع حيواني على الأقل مرة في اليوم، سواء كانت لحوما حمراء من أجل الحديد، أو لحوما بيضاء، أو بيضا أو سمكا من أجل النمو الصحي، إلى جانب شرب الحليب ومشتقاته من أجل الحصول على البروتين والكالسيوم لتقوية العظام والأسنان. وبالنسبة للأطفال الذين لا يحبون شرب الحليب، فما على الأولياء إلا استبداله بمشتقات الحليب المتوفرة اليوم بكثرة في الأسواق، دون أن ننسى تناول الحبوب والبقوليات والنشويات للحصول على السكريات المركبة من أجل الطاقة، خاصة أن الأطفال يعرفون بفرط الحركة، وما ينبغي على الأولياء حث أبنائهم عليه، أذكر: - تناول الدهون المهمة للجسم كالقليل من الزبدة، زيت الزيتون، زيت عباد الشمس. - تناول الخضر والفواكه للحصول على الفيتامينات ،المعادن والألياف. - التقليل من تناول المواد السكرية والدسمة كالوجبات السريعة والمشروبات السكرية. - يجب التأكيد على أهمية تناول فطور الصباح، لأنه يعتبر وجبة مهمة من أجل صحة الطفل. - التنويع في غذاء الطفل والأكل من جميع المجموعات الغذائية. - الأكل في أوقات الوجبات لتفادي السمنة. - يجب أن تكون كمية الوجبة المقدمة ملائمة لتفادي الإفراط أو التقليل في الوزن. - التأكيد على ممارسة الرياضة لأنها مهمة جدا لصحة الأطفال ونموهم العقلي والجسدي.
ألا تعتقدين أننا نعاني من نقص في الحركة الجمعوية المهتمة بتزويد الأطفال بثقافة استهلاكية؟ حقيقة، فالجمعية الجزائرية للتغذية حديثة التأسيس في مجتمعنا، ونشر الثقافة الغذائية من أهم أهدافها، هناك مشروع نشرع في تطبيقه في الوسط المدرسي لمدينة وهران، هدفه يندرج في سياق نشر الممارسات الغذائية الصحية الذي نتمنى أن يتم تعميمها بباقي ولايات الوطن.