على الجزائر أن تفرض منطق إعادة النظر جذريا في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يرى الخبير الاقتصادي الدكتور كمال رزيق، أنه على الجزائر أن تفرض منطق إعادة النظر في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي من جذوره كون المعطيات القديمة التي كانت خلال إبرام الاتفاق قد تغيرت ، موضحا أن حجم صادراتنا إلى أوروبا خارج مجال المحروقات ضعيف جدا ويكاد يكون معدوما نظرا للعوائق التي وضعتها أوروبا وعلى رأسها فرنسا، من خلال التحجج بالمعايير الصحية و قال أن هذا الاتفاق هو في اتجاه واحد وفي طريق واحد ويخدم المصالح الأوروبية، حيث أصبح مع الوقت يستنزف أموالنا وخيراتنا ومن النتائج -كما أضاف - أننا أصبحنا سوقا للمنتوجات الأوروبية، مؤكدا أن الاتفاق مبني على مصلحة واحدة وهي المصلحة الأوروبية، معتبرا أن دخول دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي قد أثرت علينا كثيرا لأن اقتصادنا يتشابه . النصر : بعد مرور أكثر من 10 سنوات على توقيعه لم يفض اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي إلى النتائج المتوخاة من الطرف الجزائري ، ما رأيكم ؟ كمال رزيق : اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي مع الأسف الشديد كان في مصلحة أوروبا 100 بالمئة منذ دخوله حيز التطبيق إلى يومنا هذا، لم تستفد الجزائر منه بل بالعكس هي الخاسرة، والأشياء تقاس بكم استوردنا من سلع ذات منشأ أوروبي وكم صدرنا من سلع جزائرية ومع الأسف المعادلة خاسرة ، علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي وشراكتنا معه لم تأت بأي منفعة للجزائر، بل بالعكس تحطمت الكثير من المؤسسات الاقتصادية والمبادرات لذلك سنبقى نطالب بإعادة النظر في هذا الاتفاق من الجذور لأن هذا الاتفاق مبني على غبن، لذلك على الطرف الجزائري أن يطالب بإعادة النظر في هذا الاتفاق على الأقل ليحقق لنا أمورا إيجابية ، الآن أوروبا تتحجج بخصوص تصدير منتوجاتنا إليها بحجج ومعايير صحية دائما ، فهي لا تمنعنا من التصدير لكن تتحجج بالمعايير الصحية ، لذلك حجم صادراتنا إلى أوروبا خارج مجال المحروقات ضعيف جدا ويكاد يكون معدوم نظرا للعوائق التي وضعتها أوروبا وعلى رأسها فرنسا من خلال التحجج بالمعايير الصحية وبالتالي اعتقد أنه لم يأتينا من هذا الاتفاق إلا الخراب والأشياء السلبية والوحيد الذي استفاد منه هو الاتحاد الأوروبي ، ثانيا من حقنا أن نطالب بإعادة النظر فيه ، كوننا أبرمنا هذا الاتفاق مع أوروبا بها 12 أو13 دولة فقط ، لكن دخلت بعدها للاتحاد دول أوروبا الشرقية التي يتشابه اقتصادها مع اقتصادنا ولديها منافسة شديدة معنا فيما يخص تصدير المنتوجات إلى أوروبا وهذا من غير المنطقي، فقد كان الأجدر بالحكومة أن تطالب بإعادة النظر فيه أو إلغائه نهائيا كوننا اتفقنا في البداية مع 12 أو 13 دولة وليس مع 27 دولة . النصر : ماذا تقولون عن الأثر الاقتصادي والتجاري لهذا الاتفاق في الجزائر وفي الاتحاد الأوروبي؟ كمال رزيق: الاتفاق اليوم هو في اتجاه واحد وفي طريق واحد ويخدم المصالح الأوروبية فقط وعندما نقارن اتفاق الجزائر مع أوروبا واتفاق المغرب مع أوروبا واتفاق تونس مع أوروبا ، هناك فرق شاسع جدا ، لذلك اعتقد أن توقيع اتفاق الجزائر مع الاتحاد الأوربي كان في ظروف دولية وأمنية خاصة كانت تعيشها الجزائر. وأصبح هذا الاتفاق مع الوقت يستنزف أموالنا وخيراتنا وحطم اقتصادنا لذلك آن الأوان أن يكون فيه إعادة النظر في الاتفاق ومراجعته وإما المطالبة بإلغائه نهائيا لأننا لن نخسر شيئا ، فالجشع الأوروبي واضح، حتى أنهم أكدوا على ضرورة عدم الدخول في حوار مشترك بين دول المغرب العربي وأوروبا، فكل دول المغرب العربي كان الحوار معها على حدى و المغرب هو المستفيد رقم واحد وتونس في المرتبة الثانية ثم الجزائر تأتي في الأخير وهي التي دفعت الفاتورة ومن النتائج أننا أصبحنا سوق للمنتوجات والسلع الأوربية، بالمقابل المغرب شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي، حيث توجد استمارات وغيرها. النصر : تنعقد أشغال الدورة العاشرة لمجلس الشراكة الجزائر- الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم ، ماذا يمكن أن يتحقق لفائدة الطرف الجزائري؟ كمال رزيق : المشكل أن الاتفاق ليس فيه مصلحة للجزائر، فقد أصبحنا بازارا للمنتوجات الأوروبية ، من المفروض أن نصدر المنتوجات الجزائرية إلى أوروبا كما تقوم هذه الدول بتصدير منتوجاتها إلينا، وعلى الحكومة أن تفرض منطقها وعلى الأقل تكون علاقة رابح - رابح ، ولا فائدة من ترقيع أو تزيين هذا الاتفاق لذلك الشيء الذي يجب أن نطرحه كجزائريين هو إعادة النظر جذريا في هذا الاتفاق من الصميم على أساس ما ذا يمكن أن نربح باعتبار أن الاتفاق كنا قد أبرمناه من قبل عندما كانت الجزائر تعيش في أزمة ولكن اليوم نعيش في أريحية وفي ظروف أمنية جيدة ولدينا موقع استراتيجي واقتصاد يقدم خيارات كبيرة رغم الأزمة المالية ولا ينقصنا أي شيء، كما رجعت الدبلوماسية الجزائرية إلى قوتها وأصبحت الجزائر دولة فاعلة، وعند دخول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي أثرت علينا كثيرا لأن اقتصادنا يتشابه، والآن الحكومة تتحدث عن التنويع الاقتصادي وبالتالي بالإمكان أن نبرم اتفاقيات مع بريطانيا التي خرجت من الاتحاد ومع روسيا و الصينوالولاياتالمتحدة و الدول العربية والإفريقية، فلا يجب أن نحصر أنفسنا في زاوية أوروبا ونتلقى منها اللكمات ونصبر عليها، والحمد لله ظروفنا الأمنية أحسن من كل الدول العربية وموقعنا الاستراتيجي وقوتنا الاقتصادية كبيرة، فآن الأوان أن نعيد النظر في الاتفاق لنتقاسم الأرباح ، إذا كانت أوروبا جادة فسوف لن تمانع ولن تخسر شيئا ، فعلى الحكومة الجزائرية أن تعيد تقييما جدريا لهذا الاتفاق لأنه لم يحقق ما كنا ننتظره إطلاقا لأنه بني على حيف وباطل، فبريطانيا لما رأت أن مصلحتها مهددة قررت أن تخرج من الاتحاد الأوروبي ، لأن المصلحة البريطانية أولى ، كما أن الرئيس الأمريكي قرر إلغاء اتفاق مع المكسيك ودول أمريكا كونه لا يخدم اقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية . النصر : ماذا عن مستقبل الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي في المجالات السياسية والأمنية؟ كمال رزيق : أوروبا تحتاج إلى الجزائر، لأن الجزائر تحارب الإرهاب والهجرة غير الشرعية، و بالتالي فنحن ندافع عن أوروبا فما هي الفاتورة إذن، المغرب تستفيد وتونس تستفيد أيضا من أوروبا، ونحن نحمي الحدود الأوروبية فيما يتعلق بالهجرة السرية ، فعشرات الآلاف من الأفارقة يتم إيقافهم في الجزائر و ترحيلهم إلى دولهم أو يتم إبقاءؤهم في الجزائر، فعلى الدول الأوروبية أن تتكفل بدعم دول الساحل بمراكز إيواء وغيرها وفيما يخص ظاهرة الإرهاب فنحن فقط من ندفع الفاتورة وجيشنا الآن استطاع بفضل كل أفراده أن يؤمن 8 آلاف كيلومتر ، فلا يوجد جيش استطاع أن يحقق ذلك، فكل الدول المجاور فيها إرهاب واضطرابات ومشاكل، كما أن الجيش يحارب الإرهاب في الجبال والمدن والقرى وغير ذلك، لكن بالمقابل هل دعمت أوروبا جيشنا؟، بل بالعكس هي تخلق المشاكل في ليبيا لكي لا تحل الأزمة، لذلك فإن أوروبا إن أرادت فعلا شراكة معنا، عليها أن تتقاسم الجانب الاقتصادي معنا والأعباء التي تنجر عن مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية و تهريب المخدرات والنقاش يجب أن يتم على أساس رابح- رابح .