الجزائر حافظت على صلابة النشاط الاقتصادي وتعمل للتكيف مع صدمة أسعار النفط أكدت بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر، أن الجزائر لا تزال تواجه تحديات كبيرة يفرضها انخفاض أسعار النفط ، غير أن النشاط الاقتصادي في البلاد حافظ على صلابته بوجه عام، مشيرة إلى الجهود الجارية من قبل السلطات للتكيف مع صدمة أسعار النفط، حيث حققت انخفاضا ملحوظا في عجز المالية العامة في 2016، و اعتمدت خطة طموحة للضبط المالي تغطي الفترة 2017 - 2019، كما حققت السلطات أيضا تقدما في تحسين بيئة الأعمال و هي تعمل على وضع استراتيجية طويلة الأجل لإعادة تشكيل نموذج النمو الجزائري. وأوضح رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر جون فرانسوا دوفان، أمس، في ندوة صحفية ، نشطها بفندق الأوراسي بالعاصمة عقب انتهاء مهمة البعثة ، أن السلطات حققت تقدما في تحسين بيئة الأعمال و تعمل على وضع استراتيجية طويلة الأجل لإعادة تشكيل نموذج النمو الجزائري بغية تشجيع نشاط القطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد، مشيرا إلى أن البنك المركزي يعمل على تطويع أدوات السياسة النقدية للتكيف مع بيئة أصبحت تتسم بمحدودية السيولة، وزخم الإصلاح المتنامي من التطورات الجديرة بالترحيب . وذكر رئيس البعثة أن النمو شهد تباطؤا في القطاع خارج المحروقات تحت تأثير تخفيضات الإنفاق ، حيث تشير التقديرات إلى بلوغه 3.4 بالمائة في عام 2016، في حين ارتفع التضخم من 4.8 بالمائة في 2015 إلى 6.4 بالمائة في 2016، و بلغ 8.1 بالمائة في جانفي 2017، و أضاف أن البطالة ارتفعت إلى 10.5 بالمائة في سبتمبر 2016 ، كما أشار إلى أنه ورغم ضبط الأوضاع المالية العامة في 2016 ، فقد ظل العجز كبيرا في المالية العامة و الحساب الجاري، كما حدثت زيادة في الدين العام، غير انه أكد أن الاحتياطات لا تزال وافرة، وقد انخفضت بمقدار 30 مليار دولار أمريكي لتصبح 113 مليار دولار. وأشاد نفس المتحدث ، بالجهود الجارية المبذولة من قبل السلطات للتكيف مع صدمة أسعار النفط، حيث حققت انخفاضا ملحوظا في عجز المالية العامة في 2016، واعتمدت خطة طموحة للضبط المالي تغطي الفترة 2017-2019، كما حققت تقدما في تحسين بيئة الأعمال و هي تعمل على وضع استراتيجية طويلة الأجل لإعادة تشكيل نموذج النمو الجزائري، بغية تشجيع نشاط القطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد.وقال دوفان، أنه من التحديات الأساسية في هذه المرحلة بالنسبة للجزائر، اختبار مزيج السياسات الذي من شأنه مساعدة الاقتصاد على التكيف مع صدمة أسعار النفط على نحو قابل للاستمرار و بأقل تكلفة ممكنة على النمو و توظيف العمالة، ويرى أنه يتعين على الجزائر مواصلة الضبط المالي تحسبا لتوقعات استمرار أسعار النفط المنخفضة مضيفا أنه في هذه المرحلة ينبغي أن يعتمد الضبط المالي في الأساس على توسيع القاعدة الضريبية و غير ذلك من الاجراءات ذات الصلة و احتواء الإنفاق الجاري و استبدال دعم الطاقة المكلف الذي يذهب معظمه -كما قال- إلى الأثرياء تدريجيا بالدعم المباشر للفئات السكانية الأشد احتياجا و تحسين كفاءة الإنفاق وتخفيض تكلفته، وكذا الحفاظ على الاستثمار في الصحة و التعليم و شبكات الأمن الاجتماعي الموجهة بشكل جيد للمستحقين. و يعتبر رئيس البعثة أنه و لدعم هذه الجهود ينبغي تقوية إطار الموازنة و القيام بمراقبة دقيقة للمخاطر المتنامية التي تتعرض لها المالية العامة، كما يتعين اجتناب الخفض المفرط لعجز المالية للحد من مخاطر التباطؤ الحاد في النمو. وترى البعثة، أن المستوى المنخفض للدين العام في الجزائر يسمح لها بتنفيذ الضبط المالي على نحو أكثر تدرجا وقد عبرت عن دعمها بقوة للسلطات فيما تستهدفه من تقليل الاعتماد على المحروقات و تحرير امكانات القطاع الخاص، لضمان مصدر مستدام و لخلق فرض العمل و يتطلب تحقيق هذا الهدف- كما أوضحت- مجموعة من الإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق التي ينبغي حسبها اتخاذ إجراءات لتحسين بيئة الأعمال، و امكانية الحصول على التمويل و تعزيز الحوكمة و الشفافية و زيادة فعالية سوق العمل ، وزيادة انفتاح الاقتصاد أمام الاستثمار الأجنبي ، كما ينبغي حسبها تصميم الاستراتيجية الكلية ، و أن تكون هذه الإصلاحات داعمة لبعضها البعض . كما أكد رئيس البعثة أن سياسة سعر الصرف و السياسة النقدية و السياسات المالية ينبغي أن تدعم عملية التكيف مع صدمة أسعار النفط من خلال الجهود الرامية لجعل الدينار متسقا مع أساسيات الاقتصاد بالتوازي مع اتخاذ خطوات نحو امتصاص سوق الصرف الموازي وذكر رئيس البعثة أنه من الملائم أن بنك الجزائر يعمل حاليا على استحداث عمليات السوق المفتوحة التي ينبغي أن تصبح الأداة الأساسية لسياسته النقدية . و بحسب البيانات المبدئية -توضح البعثة – فإن القطاع المصرفي ككل لا يزال يتمتع بمستويات كافية من رأس المال و الربحية، و لكن صدمة أسعار النفط أدت إلى زيادة مخاطر السيولة و أسعار الفائدة و الائتمان و لذلك فمن المهم تسريع الانتقال إلى إطار رقابي قائم على المخاطر و تعزيز دور السياسة الاحترازية الكلية و تدعيم حوكمة البنوك العمومية ووضع إطار لحل الأزمات.