عرفت المنظومة الكروية الوطنية في الأيام الأخيرة طفو قبضة حديدية بين المكتب الفيدرالي الجديد و بعض الأطراف الفاعلة في المحيط الكروي، في صورة رؤساء الأندية المحترفة وحتى رئيس الرابطة محفوظ قرباج، لتبلغ التطورات درجة لعبة شد الحبل بين الطرفين، نتيجة التراشق المتبادل بالتهم، و خروج رئيس الفاف عن صمته، بكسر «الطابوهات» وإصدار بيان رسمي يتضمن ردا صريحا على الجناح الذي انتقده، مع إشهار سلاح التهديد بالضرب بيد من حديد مستقبلا. وكانت أشغال الجمعية العامة الإستثنائية للرابطة المحترفة المنعقدة قبل أسبوع بمثابة المحطة التي ظهرت فيها معالم الخلاف بين القطبين بصورة جلية، لأن تحالف أغلب رؤساء الأندية في «لوبي» ساند قرباج و تهجم على رئيس الفاف شخصيا وكذا على تركيبة المكتب الفيدرالي عاد بعجلة المنظومة الكروية الوطنية بنحو عشريتين من الزمن إلى الوراء، على اعتبار أن تلك الدورة شهدت «مهازل» حقيقية أبطالها مسؤولون بارزون في النوادي، في صور غابت عن الجمعيات العامة طيلة 4 عهدات متتالية، مادام التراشق بالتهم كان علنيا، تسبب في نشوب شجارات ومناوشات كلامية بين بعض الرؤساء، فضلا عن إقدام البعض عن الحديث في مواضيع لا تخدم مصلحة الكرة الجزائرية، سيما بعد طرح ملف ترتيب نتائج المباريات للنقاش. ظهور الجناح المعارض لرئيس الفاف خير الدين زطشي بقيادة الناطق الرسمي لجمعية الشلف عبد الكريم مدوار عبّد الطريق أمام رئيس الرابطة محفوظ قرباج للخروج عن صمته، والكشف عن السبب الرئيسي الذي دفع به إلى التفكير في الإستقالة، و المتمثل في التهميش الذي عاناه منذ تنصيب المكتب الفيدرالي الجديد، وهو الأمر الذي كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، وزادت من قوة «لوبي» رؤساء الأندية في خلافه مع الرئيس الجديد للفاف، بعد أقل من شهرين من ظفره بالمنصب، رغم أن زطشي خرج من ذات «الكتلة»، لكن مدوار اتهمه ضمنيا بالتمرد، و ارتداء جلباب المسؤول الذي تناسى القاعدة، وأصبح يرفض الرد على الاتصالات الهاتفية لزملائه من الفرق. ولئن كان الوسط الكروي الجزائري قد استغرب «السيناريو» الذي سارت على وقعه الجمعية العامة، بسبب التراشق المفضوح بالتهم، و وصفه بالمهزلة، فإن الفاف لم تحرك ساكنا إزاء التصريحات التي طالت مسؤولها الأول أو حتى أعضاء المكتب الفيدرالي، رغم وجود نصوص قانونية صارمة تعاقب هذا النوع من السلوكات، خاصة المادة 79 من الدليل العقابي للرابطة المحترفة يعاقب كل من يمس بمصداقية هيئة كروية أو كرامة أحد مسؤوليها بالحرمان من تأدية المهام الرسمية لمدة سنتين، مع الشطب نهائيا من الساحة الرياضية مدى الحياة في حال التكرار. الفصل الثاني من هذا المشهد كان ببصمة رئيس الفاف الذي رد على الحملة التي استهدفته بطريقة غير مسبوقة، من خلال إصدار بيان رسمي كشف فيه عن موقف المكتب الفيدرالي من تصريحات بعض رؤساء الأندية، ليكون بذلك زطشي قد دخل معركة شد الحبل مع زملائه السابقين، لكن من دون الحرص على تطبيق النصوص القانونية التي أصبحت سلاحه الوحيد بعد تقلده منصب رئاسة الفاف، الأمر الذي خرج بشؤون المنظومة الكروية الوطنية عن إطارها، فصارت حرب التصريحات الإعلامية تصنع اليوميات في « بلاطوهات» القنوات التلفزيونية، مع تداول فصولها في الشوارع والمقاهي، وكأن الأمور الداخلية للفاف لم تعد تحظى بالسرية. التراشق العلني بالتهم بين القطبين يأتي في نهاية موسم استثنائي، لأن فوضى البرمجة وكذا تنظيم منافسة الكأس كانت قد ألقت بظلالها، لتكون قضية محاولة الرشوة في «ديربي» الشرق بين شباب باتنة و دفاع تاجنانت حلقة إضافية، قبل أن يخرج حناشي عن صمته و يعلن عن عدم سقوط شبيبة القبائل مهما كانت الظروف، مقابل خروج أنصار سريع غيليزان إلى الشارع للتهديد بإعتماد أساليب لارياضية سعيا للمحافظة على مكانة فريقهم في الرابطة المحترفة الأولى، كرد فعل على ما حدث في تيزي وزو.